من فضل شاكر إلى "سلام سليم"
محمود الدباس - أبو الليث
03-09-2025 08:55 AM
* الفرق بين مَن يصنع المجد.. ومَن يقتات عليه
هناك مَن يظن أن مكانته تصنعها أخطاء الآخرين.. وأن صعوده رهين سقوط غيره.. وهؤلاء لا يستحقون حتى أن يذكروا في الميدان.. لأن مَن يقتات على تعثر غيره.. يبقى مجرد ظل باهت.. ينتظر أن يتعثر الناس.. كي يلتقط فتات شهرة لا يملكها..
إنهم كفريق كرة قدم بائس.. لم يحقق فوزاً واحداً.. لكنه يترقب خسارة الفرق الأخرى.. ليبقى في نفس الدرجة.. يصفقون لانهيار غيرهم.. ويظنون أن هذا يرفعهم.. مع أنهم في أعين الناس.. مجرد خاسرين يراهنون على الفشل.. لا على القدرة..
كم من مهني عاش مجده في زمنٍ.. لم يكن فيه منافس.. فاحتكر الساحة.. لأن الأبواب كانت مغلقة لغيره.. فلما جاء زمن التكنولوجيا.. وفتحت المسارات أمام المبدعين الحقيقيين.. انكشفت هشاشتهم.. وسقطت أقنعتهم.. وبان أنهم مجرد عابرين على زمنٍ ساعدهم.. ولم يساعد غيرهم..
انظر إلى فضل شاكر.. غاب عقداً كاملاً.. وعاد ليجد الساحة مزدحمة بأصوات جديدة.. لكنه لم يتباك على الأمس.. ولم يلعن مَن سبقوه في الغياب.. بل عاد من غرفةٍ في بيته.. وبأبسط الوسائل.. وبمساعدة ابنه.. ليعيد نفسه بقوة أكبر.. لأنه راهن على صوته.. وعلى إيمانه بموهبته.. لا على تعثر الآخرين..
أما أولئك الذين ما زالوا يظنون.. أن "سلام سليم.. أرق من النسيم" يمكن أن يقنع جيلاً تربى على لغة التكنولوجيا.. وسرعة الإيقاع.. فهم يعيشون في وهمٍ مضحك.. يظنون أن عبارات الأمس.. تصنع مجداً اليوم.. بينما الحقيقة أنها لم تعد تصلح.. حتى لابتسامةٍ ساخرة..
الميدان اليوم مفتوح.. لكنه لا يحتمل الكسالى.. ومَن لا يملك القدرة على التطور سيذوب.. كما يذوب الملح في الماء.. أما مَن يتقن صنعته.. فسيتقدم.. ولو خرج من غرفة صغيرة.. ولو وقف العالم كله يتمنى سقوطه..
الحقيقة موجعة.. لكنها لا ترحم.. من يعيش على فتات الماضي.. سيبقى جائعاً.. ومن ينتظر سقوط غيره.. سيسقط أولاً.. أما مَن يثق بموهبته.. فسيصنع مكانته بنفسه.. ويجعل الزمن شاهداً على أن المجد يُبنى.. ولا يُقتات عليه..
والآن.. إن كنت تقرأ هذه السطور.. وأنت من أولئك الذين ينتظرون تعثر غيرهم.. لتبقى صورتك باهتة على الجدار.. فأنت المقصود.. وأنت العاجز.. وأنت الذي لن يذكرك أحد.. إلا كمثال على مَن ظن أن الماضي يكفيه.. فانتهى قبل أن يبدأ..