facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الكرك بوصلة الجنوب، وحاضرة الأردن


نضال العضايلة
03-09-2025 02:06 PM

كما يُقال من أينما قرأتها فهي الكرك، حاضرة الأردن الممتدة من الطريق الصحراوي الى البحر الميت، وفي كل ذرة من ترابها ترى  الصور القديمة والجديدة لتاريخ يصعب العبث به، او تحريفه، في وقت تلاشت فيه مجتمعات ومدن وحضارات، فهي لا تزال حاضرةً في الجنوب الأردني الذي يمثل نصف مساحة الأردن.

رجالها ونساؤها يصاغون من معادن نادرة كاللؤلو والزمرد والياقوت، وفي اي قرية او حارة فيها تجد نفسك كأنك واحد من اهلها، فلا غرباء في خشم العقاب، وكل من يدخلها يجد فيها من الجود والكرم ما لم يجده في غيرها.

كانت وما زالت وستبقى على الغزاة معديه، ما يدوس ترابها الا رجالها، الكرك مثل الجوهره منقيه، من يحمي الكرك ويشرب فنجانها، هذه هي القطعة السرمدية التي تعانق الجنوب وتحمل في ثنايا اهلها الأردن الهوية والعشق الازلي، هذه هي التاريخ الذي صنع المجد في احلك الظروف، تستمد عزمها من عليا الضمور التي قدمت في رحاب ولديها فنجان الكرك، هذه هي الكرك التي وقف والد الذبيحين إبراهيم الضمور موقف الرجولة والشهامة في الدفاع عن دخيله.

ما من شيء في الكرك إلا ويشير إلى حدث تاريخي أو سياسي، منذ صلاح الدين الأيوبي، مرورا بالأحداث المتعلقة بالحروب الصليبية، أو حتى المعارك التي خاضتها قبائل الكرك في العصور القديمة والحديثة، كلها تدل على ان تاريخ الكرك مليء بالأحداث، حتى ذلك اليوم الذي قدمت فيه الكرك طيارها معاذ الكساسبة قرباناً للتضحية والفداء، او ذلك اليوم الذي اعلن فيه سائد المعايطة انه الفارس الذي حمى القلعة فكان في عليين سعيداً للحق والتاريخ والأردن.

الكرك شرف وتاريخ وعز ومجد، هي كرك الشموخ والعزة والأنفة، لن تكفي حروف اللغة لانْ تصف المشهد الذي سطره أهلها الشجعان في تلاحمهم وتعاضدهم مع رجالنا البواسل في قوات الأمن بمختلف صنوفها ، لكننا نعاهدها عهد الاوفياء بأننا على العهد كما كانت،على العهد بالامس وبأننا صلاب لا نلين، جباهنا لم ولن تنحني الا لخالقها.

تحملت الكرك أعباء حروب وغزوات على مدار تاريخ يمتد من القرن الثاني قبل الميلاد، تعاقب عليها المؤابيون والأشوريون والأنباط واليونان والرومان والبيزنطيون وظلت محصنة صامدة في وجه أطماعهم المتلاحقة.

واما قلعتها كما يقول إبن بطوطة: هي أعجب الحصون وأمنعها وأشهرها، ويسمى بحصن الغراب، والوادي يطيف به من جميع جهاته وله بابٌ واحد قد نحت المدخل إليه في الحجر الصلد، ومدخل دهليزه كذلك، وبهذا الحصن يتحصن الملوك، واليه يلجأون في النوائب.

لقد شارك أهالي الكرك في الثورة على الحكم العثماني، وقد شهدت قلعة الكرك عمليات إعدام لأهالي الكرك الذين ثاروا ضد العثمانيين في عام 1910، فقد كان الجنود العثمانيين الذين تمركزوا بالقلعة يطلقون النيران على الأهالي من فوق أسوار القلعة العالية، ولعل ثورة العراق الشهيرة شاهد على تاريخ لا يطمس ولا يمكن ان يطمس.

ولمن لا يعرف قيمة الكرك، فعليه ان يقرأ التاريخ جيداً انطلاقاً من الهية، تلك الثورة التي أججها رجال الكرك والمحيطون بها، حاملين مئات بل آلاف من صفحات التاريخ العريق، الهية أو هية الكرك تعد فاصلة حاسمة في تاريخ نضال الشعب العربي، وعلامة أولى للتحول من حقبة معتمة إلى أخرى مسكونة بالأمل والهواجس معاً، هنا، في هذه اللحظة التاريخية، والرجال الأحرار ينثرون أرواحهم فداء للأرض والكرامة رفعاً للظلم والظلام، فينثرونها دحنوناً مرتوياً كما يطلقون الرصاص من أفواه البنادق معدودة العد والعدة، هنا بالتحديد عندما سيرت الدولة العثمانية قطعانها المدججة بالمدافع والعسكر من أجل هدم البيوت وحصد الأرواح الأبية والعصية على الرضوخ، ومن اجل ملئ القلعة بالمعتقلين والسجناء، وهي التي بنيت حضارة بعد حضارة لحفظ الأرض والأنفس والأعراض.

الكرك التي كان لها دور كبير في تأسيس الدولة الاردنية، هي الكرك التي تقف اليوم ملازمة لقضايانا الوطنية والقومية، وهي الكرك التي حملت وتحملت من أجل ان يسودها الحب والمودة بين اهلها وعشائرها، الكرك التي انجبت الكثير الكثير من رجالات الدولة فخرج منها اسطورة معارك اللطرون وباب الواد المشير حابس المجالي رحمه الله،وخرج منها رجالات آمنوا بها وبالاردن وقدموا لها الكثير الكثير من أجل رفعتها وعلو كعبها.

هي الكرك التي استقبلت ذات يوم سلطان باشا الأطرش عند لجوئه للأردن عشرينيات القرن الفائت، بسبب ملاحقة سلطات الاستعمار الفرنسي في سوريا له ،وقد اتخذ من الأردن قاعدة لقيادة الحركة الوطنية السورية، وقدمت له ولكل الأحرار كل الدعم والمؤازرة، هي ذاتها التي تنام وتصحو على أنين القدسِ وصدح مؤذنين الأقصى، واصوات أجراس كنائسها، وحيث مداميك حجارة تسبق الشمس في فجر صباحاتها.

اليوم الكرك حزينة، والحزن يخيم على روابيها بعد ان فقدت الأمل في مسؤوليها من ابناءها الذين لم يراعوا كونها مدينة التاريخ والمجد، فاهملوها وباتت تأن من فرط الغربة التي بات اولئك يعيشونها، فلا وزير قدم لها شيء ولا نائب فعل لها ما وعد به، كلهم تخلوا عن الكرك، ولكن تبقى الكرك عظيمة بأهلها، بشيبها وشبابها، بنساءها وبناتها، تبقى الكرك كرك رغم كل الجحود الذي تلاقيه من ابناءها المهاجرين الى حيث مجد العاصمة والقرب من مواقع صنع القرار.

الكرك التي انجبت رفيفان المجالي، وعودة القسوس، وعطالله السحيمات وفلاح المدادحة، وحسين الطراونة والكثير من رجالاتها تقف اليوم معلنة إنها حاضرة الوطن وامتداده عبر الطريق الملوكي والصحراوي لتفتح الآفاق لشقيقاتها الطفيلة ومعان والعقبة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :