جمال السويدي والرحم الاصطناعي .. عالم ما بعد التكاثر البشري
السفير الدكتور موفق العجلوني
05-09-2025 01:37 PM
في خطوة فكرية جديدة تفتح آفاقًا للنقاش العميق حول مستقبل الإنسانية في ظل التحولات التقنية، أطلق معالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، كتابه الجديد الموسوم: "الرحم الاصطناعي.. عالم ما بعد التكاثر البشري"، وذلك خلال حفل توقيع رسمي أقيم يوم أمس الموافق 2 سبتمبر 2025 في العاصمة الإماراتية أبو ظبي.
حضر حفل الإطلاق نخبة من الشخصيات الرفيعة، على رأسهم معالي الدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، ومعالي عمر حبتور الدرعي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، إلى جانب جمع من المفكرين والمثقفين والخبراء في مجالات الأخلاق، الطب، الدين، والقانون، والذين عبّروا عن إعجابهم بمضمون الكتاب وعمق طرحه، وحرصوا على اقتناء نسخ موقّعة من الدكتور السويدي.
هذا وقد أدار الحفل، الإعلامي البارز راشد العريمي، فيما تم تقديم الكلمة الرسمية نيابة عن المؤلف من قبل الأستاذ مراد عبد الله البلوشي، الذي أوضح أن الهدف من الكتاب هو استشراف تداعيات تقنية الرحم الاصطناعي، وطرح تساؤلات عميقة حول آثارها الأخلاقية، القانونية، الدينية، والاجتماعية، مع تقديم رؤية متوازنة لإيجابياتها وسلبياتها، واقتراح حلول تنظيمية لاستخدامها الآمن والمستنير.
ومن خلال اطلاعي على مضمون كتاب الرحم الاصطناعي، لاحظت ان معالي الدكتور السويدي لا يكتفي باستعراض الجوانب العلمية للرحم الاصطناعي، بل يذهب إلى ما هو أبعد، حيث يخوض في المساحات الفلسفية، ويطرح إشكاليات مصيرية تتعلق بمستقبل الإنسان، والهوية، والأخلاق، والكرامة الإنسانية.
هذا وقد أثار الكتاب، خلال النقاش، جدلاً عميقاً بين المتحدثين: حيث أكدت الدكتورة فاطمة الكعبي، المدير العام لمؤسسة الإمارات للدواء، أن التقنية تحمل وعودًا طبية واعدة في علاج العقم، والحد من وفيات الأمهات والأطفال، والوقاية من الأمراض الوراثية.
بينما حذّر الدكتور محمد بن هويدن، عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة الإمارات، من المخاطر السياسية والأخلاقية، مشيرًا إلى إمكانية استخدامها في أغراض عسكرية أو في خلق "طبقات جينية"، ما يشكل تهديدًا مباشرًا لكرامة الإنسان وتوازنه الاجتماعي.
من جهته، شدّد الدكتور رضوان السيد، عميد كلية الدراسات العليا بجامعة محمد بن زايد، على الأبعاد الدينية للموضوع، لافتًا إلى ضرورة تجديد الرؤية الفقهية لمواكبة هذه التحديات، بما يحفظ الثوابت ويضبط المستجدات.
حقيقة، أرى ان كتاب "الرحم الاصطناعي يمثل " محاولة فكرية شجاعة من الدكتور السويدي لكسر الحواجز بين الطب، والتقنية، والفكر، والدين. فهو ليس سردًا تقنيًا بحتًا، بل دراسة فلسفية وأخلاقية تفتح بابًا واسعًا للجدل حول:
• مفهوم الأمومة والأسرة
• مستقبل التكاثر البشري
• المخاطر الجينية والتمايز الطبقي الوراثي
• تنظيم استخدام التقنية في سياق إنساني عادل ومسؤول
من هنا فان معالي الدكتور جمال سند السويدي والذي اعرفه عن قرب، ليس مجرد أكاديمي أو كاتب، بل هو مشروع فكري وطني شامل، استطاع عبر العقود أن يجمع بين العمق البحثي، والرؤية الاستراتيجية، والخدمة المؤسسية للوطن. فقد أسس وأدار مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية منذ عام 1994، وجعل منه منبرًا للبحث الرصين، وداعماً لصناعة القرار في الإمارات والعالم العربي.
من أبرز مؤلفاته السابقة:
•السراب: الذي يتناول خطر الفكر المتطرف.
•لا تستسلم: تأملات في تجربته مع المرض.
•الرهان الرابح: دراسة تحليلية للتجربة الإماراتية.
•الهوية الوطنية في دولة الإمارات العربية المتحدة بين خصوصية الثوابت والقيم وعالمية المعايير.
•صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان: إضاءات في مسيرة رجل الإنسانية.
•وثيقة الأخوة الإنسانية: نحو تعايش سلمي وعالم خال من الصراعات.
•الهوية الوطنية في دولة الإمارات العربية المتحدة بين خصوصية الثوابت والقيم وعالمية المعايير.
•صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان: إضاءات في مسيرة رجل الإنسانية.
•وثيقة الأخوة الإنسانية: نحو تعايش سلمي وعالم خال من الصراعات.
وقد نال الدكتور السويدي تكريمات محلية وعالمية، وهو شخصية مرشحة لجائزة نوبل للآداب، ما يعكس مدى التقدير الدولي لإسهاماته الفكرية والإنسانية.
واخيراً وليس اخراً، يبقى كتاب "الرحم الاصطناعي" صوتًا فكريًا من قلب العالم العربي، يحذر وينبّه، ويستشرف عالمًا يقترب بخطى متسارعة. هو دعوة إلى التفكير العميق، لا فقط في التقنية، بل في مستقبل الإنسان ذاته.
وبهذه المناسبة، أتقدم بخالص التهنئة لمعالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي على هذا العمل الفكري المتميز، راجيًا له دوام التوفيق والنجاح، وأن تبقى مؤلفاته منارات للفكر، ودعائم للاستشراف، ومنصّات لحوار الإنسان مع مستقبله.
* مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية
muwaffaq@ajlouni.me