facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




فخ نتنياهو بين الخطأ والخطيئة


السفير زياد خازر المجالي
06-09-2025 09:53 AM

‏عندما ارتدي نتنياهو قبل ثلاثة أسابيع قناع جابوتنسكي ( ‏وطبعا لم يستحضره من جيبه وإنما من أعماق وجدانه وقناعاته ) وتحدث عن حلم اسرائيل الكبرى، والذي من بين أهدافه الجغرافية المُتَخيّلة إلغاء وجود وطني الأردني الهاشمي، تريثت حينها وتحكمت برد فعلي ورفضت بعض المقابلات التلفزيونية ، ليس فقط لأن إيماني بالسلام هو إيمان مطلق يتجاوز مرحلة الحكم الإسرائيلي اليميني المتطرف الحالي ، وإن طالت، وغوغائيته وسلبياته ،وهو الإيمان الذي يرتبط بمبادئ العلاقات الإنسانية التي ارتضتها المجموعة الدولية منذ عام ١٩٤٥ ان تحكم العلاقات الدولية وبنية القانون الدولي. بل لسببٍ آخر وهو لأني ومن متابعتي لنتنياهو منذ كان مندوباً دائماً لبلاده في نيويورك ، ومعرفتي لبنية تفكيره التي لم تعد تخفى على أحد، شعرت أنه إنما يضع فخاً متعدد الأهداف، أحدها إستثارة ردود فعل غاضبة في الشارع الأردني والعربي بشكلٍ عام ، تضاف إلى ردود الفعل الغاضبة لما يحدث في غزة من انتهاكٍ لأبسط قواعد القانون الدولي الإنساني، لتكون الرسالة للحليف الأمريكي مرةً أخرى أن إسرائيل محاطة بأعداء بمن فيهم من وقّع معها معاهدات سلام.

بدايةً يهمني أن أشير أن دعوة سمو ولي العهد لاستعادة العمل بخدمة العلم سبقت تصريحات نتنياهو الهوجاء بفترة طويلة وكان واضحاً أن الاهداف من وراء تلك الدعوة بنية سليمة للشباب الأردني وتعزيز ارتباطه بالوطن وصقل شخصيته وتحصينها ضد من يستهدفه سلبياً عن قصد أو غير قصد ، خاصة من خلال استغلال التطور في تكنولوجيا الاتصالات والتواصل الاجتماعي الذي لا يعرف حدود.

ويهمني ايضاً أن أؤكد إني لست ناقداً للأصدقاء الأعزاء الذين عبروا عن غضبتهم في مقابلات تلفزيونية ومقالات لذلك الإستفزاز من جانب نتنياهو وأعضاء من حكومته المتطرفة، فهذا رد فعل طبيعي على التطرف الإسرائيلي، والأهم أن يدرك الجميع مرامي الاستفزاز والفخ الليكودي.

وأعترف أيضاً اني بعد الصمت عدت لأكتب، لأن صديقاً من المؤمنين بالسلام وحتمية انتصاره والدرس التاريخي الذي يؤشر إلى حتمية نيل الشعب الفلسطيني حقوقه كما نالت الشعوب الأخرى استقلالها ، هذا الصديق نبّه وطلب أن نكتب ويكون خطابنا الإعلامي والسياسي موجهاً للرأي العام الاسرائيلي الذي في إطار ديمقراطيتهم هو الوحيد القادر على ازاحة هذا اليمين المتطرف عن موقع القرار، حيث هناك خشية ان يبقى الوسط ( بيمينه ويساره ) في إسرائيل هو المستهدف في الانتخابات الاسرائيلية القادمه من قبل التطرف الصهيوني.

إن قراءة المشهد السياسي في إسرائيل والولايات المتحدة أعاداني إلى ما أشار إليه جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم في مناسبتين: الأولى التحذير المبكر منذ نهاية عام ٢٠٢٣ من احتمال توسع العمليات العسكرية إذا لم تنجح جهود وقف إطلاق النار ، وهذا فعلاً ما حصل حتى وصل الصدام المسلح إلى إيران، واستباح حرمة الأراضي اللبنانية وفتح شهية التطرف الاسرائيلي نحو الأراضي السورية. والإشارة الثانية خلال خطاب جلالته الأخير أمام البرلمان الأوربي، والذي حذّر فيه من انهيار المنظومة الأخلاقيّة الدولية، وهي التي كانت الأساس لمجمل التوافقات الدولية لقواعد القانون الدولي منذ عام ١٩٤٥.

واذا كانت ردود الفعل لدى الأجيال الشابة في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية أدركت مخاطر إلغاء قواعد الأخلاق والقيَم الإنسانية بين الأفراد والدول، ومحاذير أن يؤدي ذلك إلى اندلاع حروبٍ قذرة تهدد الحضارة البشرية عامةً، فإن تأثير ردود الفعل تلك لم يصل للأسف إلى مراكز اتخاذ القرار في هذه العواصم.

أما خطأ نتنياهو العملي فهو البدء علناً (وسراً ) منذ عام ١٩٩٦ لتنفيذ سياسة تهدف إلى الإضعاف التدريجي للسلطة الوطنية الفلسطينية بعد إنجازات جهود السلام واتفاقات أوسلو ، لأن منهجيته ومرجعيّته الفكرية لا تتوافق مع فكرة الحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف. وليس من الضروري اعادة ذكر ما تم من حصاد لسياسات اليمين الاسرائيلي المتطرف على مر العقود الثلاث الماضية، وأهمها إلغاء ثقافة السلام لدى الأجيال الاسرائيلية، ولكن من الطبيعي والموضوعي أنه كان لكل فعل رد فعل .

وخطيئة هذا الخطأ ليست فقط دماء الأطفال الأبرياء في غزة والسجناء والرهائن ، والجياع الذين يأملون بلقمة العيش بدلاً من الموت جوعاً، وانما أكثر وأخطر من ذلك، وهو تقريب جميع الأطراف إلى المعادلة الصفرية، ومحاولة إقناع الرأي العام الاسرائيلي أن أمنه وسلامته يتحققان بقوة السلاح والصراع الدائم، وليس بتحقيق السلام مع كل الجوار، وخاصة الجوار الفلسطيني.

ولكي لا يطول الحديث حول مسلمات ، أقول قناعتي: القرار - وفقاً للديمقراطية الاسرائيلية - سيكون قريباً بيد الناخب الاسرائيلي وأمامه سؤالٌ رئيسيٌ واحدٌ : هل تريد حكومة تضع اسرائيل في حالة صراع دائم، ويمكن ان يتمدد ليكون مع أكثر من ملياري مسلم ؟ أم تريد ان تكون اليد العليا لقوة الحق والقانون واحترام الآخر.؟

وفي الحقيقة فإن رسالة السلام التي يمكن أن يتضمنها قرار الناخب الاسرائيلي باختيار قيادة تؤمن بالسلام وقواعده التي تساندها قواعد القانون الدولي، وتكون قادرة. على استئناف إرادة السلام التي بدأها الراحل إسحق رابين ، ستكون أفضل رسالة يستقبلها الإنسان الفلسطيني ، وستضمد بعض جراحه إذا كان يصاحب ذلك ايجاد ضوء في آخر هذا النفق المظلم .

وليس أقل أهمية أنه وبرغم أن اهتمامات الناخب الأمريكي محلية أكثر مما هي حول الشؤون الخارجية، إلا أن التوتر الحالي في شبكة العلاقات الدولية وآثاره الاقتصادية قبل الأمنية ، إضافة إلى ردود الفعل على سياسات اليمين الاسرائيلي المتطرف في غزة تحديداً ، قد تعيد رسم تشكيل الكونغرس الأمريكي بعد الانتخابات النصفية القادمة.

لن أفقد الأمل بالسلام، ولن أحترم نفسي وإنسانيتي إذا رضخت لإرادة أنصار الحروب والدمار ، لم ولن أحترم المتطرفين اينما كانوا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :