facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




كيف يفضحنا السوق في ثلاث صور؟!


محمود الدباس - أبو الليث
07-09-2025 01:04 PM

عندما نقرر الذهاب إلى السوق.. لا يكون الأمر واحدا أبدا.. فالسوق عالم متنوع.. يحمل في زواياه ثلاثة وجوه لغاياتنا..

الوجه الأول.. هو حين نذهب للتسلية وإضاعة الوقت.. لا نكترث لما نراه من بضائع.. ولا نلتفت إلى مناداة الباعة.. وقد نشتهي شيئا لم نخطط له فنشتريه.. أو نعود أدراجنا فارغي اليدين.. وكأننا لم نر شيئا.. لأن الغاية من البداية لم تكن الشراء.. بل قتل الوقت.. والتسلية..

والوجه الثاني.. حين نذهب للشراء دون تحديد مسبق.. نريد بضائع معينة.. لكننا لا نعرف من أين.. أو ما مواصفاتها بالضبط.. نعاين.. نسأل عن السعر والجودة.. وقد نختار الأرخص.. أو الأغلى.. الرديء.. أو الممتاز.. وربما نتعلق بما لم يكن على بالنا.. ونخرج بشيء لم نخطط له.. لكنه راق لنا.. فرض نفسه علينا.. فغيّر اتجاه قرارنا بالكامل..

أما الوجه الثالث.. فهو الهدف الواضح.. نريد شيئا محددا.. من مكان محدد.. وبمواصفات محددة.. ندخل السوق.. لا لننظر.. ولا لنسمع صخب الباعة.. بل لنمضي نحو مقصودنا.. دون أن نهدر دقيقة في الالتفات إلى ما لا يعنينا..

وهذا بالضبط ما يحدث معنا في الفضاء الإلكتروني.. فهناك مَن يدخل مواقع التواصل.. كمن يدخل السوق للتسلية.. يمر على التافه والمفيد.. ولا يبالي بشيء.. لا بالتحليلات العميقة.. ولا بالأخبار المؤثرة.. فالمطلوب عنده مجرد وقتٍ يُستهلك.. لا أكثر.. وهناك مَن يدخل ليبحث ويتثقف.. فيمر على الغث والسمين.. وقد يلتقط شيئا لم يكن في حسبانه.. شيئا جادا وعميقا.. فيصبح من متابعيه.. وهناك مَن يدخل بعقلية الباحث عن المصدر.. يعرف أين يجد الخبر الرصين.. والكلمة الناضجة.. فلا يلتفت إلى ضجيج التفاهة.. مهما علت أصواتها..

من هنا.. أقول للكتّاب.. والإعلاميين.. وأصحاب المواقع التي تحرص على الكلمة الراقية.. لا تشغلوا أنفسكم بالتافهين.. فالتفاهة لم تولد اليوم.. بل هي موجودة منذ أن وُجد الإنسان.. تتبدل صورها وأدوارها.. لكنها لا تزول.. وكما في الأسواق.. التي لا يخلو ركن منها من بضائع رخيصة بلا قيمة.. كذلك هو الفضاء الإلكتروني.. لن ينقطع عن امتلائه بضجيجٍ لا طائل منه..

التافهون لا يقرؤون ما تكتبون.. وحتى لو قرؤوا.. لا يبالون.. همهم أن تُذكر أسماؤهم على كل لسان.. أن تُعاد مشاهداتهم.. ولو على حساب السمعة والعقل.. فأي جدوى إذن.. من منحهم منبراً إضافياً حين نحلل.. وننتقد.. ونسهب في الحديث عنهم؟!.. إنهم أصلا لا يتضررون من نقدٍ.. ولا يهتز لهم وجدان.. لأنهم في الأساس بلا وجدان..

الرسالة الأصدق إذن.. أن يبقى صاحب الفكر على ما هو عليه.. أن يحافظ الكاتب على قلمه نزيها.. وأن يظل الإعلامي أمينا على كلمته.. فالجمهور الواعي.. يعرف تماما أين يجدكم.. والباحث عن الجدية.. سيقع يوما ما على حروفكم.. فيقارنها بما سبق أن رآه من تفاهة.. ويكتشف الفرق بنفسه..

هكذا تتحول الكلمة الرصينة إلى بوصلة.. وهكذا يصبح الصمت عن التافهين أعظم رد عليهم.. لأن أعمارهم قصيرة كفقاعات السوق التي لا تلبث أن تختفي.. بينما تبقى البضاعة الأصيلة.. والكلمة الأصيلة.. حاضرة على رف الذاكرة.. يزداد بريقها كلما انطفأت أصوات الضجيج..

فالسوق يفضح المشترين.. كما يفضح الفضاء الإلكتروني المتابعين.. وما يبقى في النهاية ليس الضجيج.. بل القيمة التي تلمع.. مهما غمرها الغبار..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :