facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




إلزامية دراسات تقييم الأثر في نظام التنظيم الجيد


د. زيد مُعين المراشده
07-09-2025 03:39 PM

استكمالا لسلسلة مقالاتي القانونية التي تناولت فيها نظام التنظيم الجيد وتقييم الأثر للتشريعات والسياسات، وبدأتها بمقال حمل عنوان: "قراءة في نظام التنظيم الجيد وتقييم الأثر"، ومقال آخر بعنوان: "التنظيم الجيد وتقييم الأثر: فلسفة جديدة لإدارة الدولة بقوة القانون". أواصل في هذا المقال، تناول المادة الرابعة من النظام، التي تعد نقطة تحول مهمة في مجال السياسة التشريعية في الأردن، و تؤسس لتفعيل دراسات تقييم الأثر بشكل ملزم في عمل الجهات الحكومية.

لذلك، يأتي هذا المقال ليسلط الضوء على هذه المادة من خلال الوقوف على طبيعة هذا الالتزام الخاص بالتقييم المسبق الأساسي كأحد أنواع تقييم الأثر، ومناقشة آفاق تطبيقه، بالإضافة إلى اقتراح آليات من شأنها أن تعزز من فاعليته بما يتوافق مع الأولويات الوطنية.

ومن خلال استقراء أحكام هذه المادة، يتضح أنها نصت صراحة على إلزام الجهات الحكومية بعمل دراسات لتقييم الأثر قبل إصدار التشريعات أو السياسات أو تعديلها، وهذه خطوة متقدمة نحو ترسيخ مبدأ التشاركية والشفافية، وتعكس وجود تحول جوهري في السياسة التشريعية الأردنية وانتقالها من السلطة المطلقة في إصدار التشريع أو السياسة إلى المشاركة والاعتماد على بيانات واقعية.

وهذا التحول يتماشى إلى حد كبير مع نماذج دولية مثل المملكة المتحدة وأستراليا وكندا، حيث اعتمدت هذه الدول على تقييم الأثر التشريعي ليكون أداة أساسية وفاعلة للحد من الأعباء التنظيمية غير الضرورية، والذي أسهم في رفع مستويات الثقة بين الدولة والمجتمع و تعزيز الشفافية وتوضيح التأثيرات المحتملة للتشريعات قبل إصدارها.

كما أن دمج تقييم الأثر في النظام التشريعي، واعتماده على إثبات الجدوى والتأثير الحقيقي للتشريعات من خلال الاعتماد على منهجيات موضوعية ومحددة، يعزز مبدأ التشاركية في إصدارها، وهو ما ينسجم مع الرؤية الملكية السامية التي لطالما أكدت في أكثر من مناسبة على ضرورة بناء مؤسسات وطنية قادرة على تنفيذ الإصلاحات بشكل مؤسسي.

الأردن، كغيره من دول العالم، يواجه اليوم تحديات متداخلة اقتصاديا واجتماعيا. لذلك، فإن تفعيل المادة الرابعة من النظام يحتاج إلى خطوات مدروسة وجادة كإعداد قدرات ذات كفاءة عالية في الوحدات التنظيمية داخل الوزارات والمؤسسات والأجهزة الحكومية، بحيث تكون مزودة بالأدوات الفنية والتقنية التي تمكنها من جمع البيانات وتحليلها بدقة عالية وموضوعية.

ولكن، تحقيق هذه الأغراض والأهداف، يتطلب استقطاب الخبراء في المجال الاقتصادي والقانوني والإحصائي والاجتماعي. بالإضافة إلى توفير قواعد بيانات موثقة وشفافة ومتاحة بشكل ميسر وسهل للجهات ذات العلاقة والجمهور على حد سواء عبر المنصات الرقمية التابعة للحكومة، مع مراعاة توافقها مع المعايير الدولية المعتمدة في هذا المجال.

وبتدقيق النظر في المادة الرابعة، نجد أن تفعيلها سيعزز المشاركة المجتمعية أي التشاور العام مع المواطنين وأصحاب المصلحة في صياغة التشريعات والسياسات. ما يعني ترسيخ الديمقراطية القائمة على التشارك وتوفير ضمانات جادة لمساءلة الجهات الحكومية بما ينعكس على إيجاد حالة من التوازن بين مصالح مختلف الأطراف على أساس الشفافية والعدل.

وبطبيعة الحال، هذا الطريق قد لا يخلو من التحديات، كنقص في الموارد البشرية المؤهلة والمدربة تدريبا جيدا، وشح المعلومات والبيانات المحدثة، علاوة على وجود تقاطع بين المؤسسات والجهات الحكومية، والصعوبات المرتبطة بكيفية التوفيق بين الضغوطات السياسية والضرورات الفنية في تقييم الأثر.

وبرأيي، هناك العديد من الحلول المقترحة التي قد تعمل على تذليل هذه التحديات، مثل الاستعانة ببرامج تدريبية معتمدة مع مؤسسات ومنظمات دولية رائدة في هذا المجال، وتحديث قواعد البيانات والمعلومات الحكومية وبنيتها التحتية بشكل دوري، و تعزيز التشريعات التي تدعم هذه الآليات لضمان استقلال الوحدات المتخصصة ولتفادي حدوث أي تضارب في المصالح.

ويتضح مما سبق ذكره أن تطبيق هذه المادة، وإن كان يركز إلى حد كبير على الجانب التشريعي، إلا أنه يمتد ليشمل جوانب أخرى ، مثل دقة المعلومات والبيانات، والشفافية، والمشاركة باعتبارها أساسا متينا للعمل الحكومي.

لذلك، نحن أمام خطوة تعد اختبارا حقيقيًا لمدى قدرة الأردن على التكيف مع المتغيرات المتسارعة التي يشهدها العصر، و بناء مؤسسات متطورة تسهم في استدامة التنمية وتعزيز الاستقرار الوطني.

وأرى أن المادة الرابعة من النظام تشكل خطوة استراتيجية ذات أهمية بالغة، تقوم على الإدراك العميق في تبني الأردن نهجًا تشريعيًا يمتاز بالحداثة والتوازن من جهة، ويعتمد على الأدلة والمشاركة المجتمعية من جهة أخرى.

وهذا التوجه يتطابق مع الأجندة الوطنية التي تضعها القيادة الهاشمية ذات الرؤية الثاقبة التي وضعت خارطة طريق لمستقبل التشريع في الأردن بما يضمن تحقيق تنمية شاملة ومستدامة.

ختاما، على الحكومة تطبيق هذه المادة وتنفيذها بشكل فاعل يضمن تحسين جودة التشريعات والسياسات بما يحقق خدمة مصالح الوطن والمواطنين على حد سواء،!للاسهام في وضع الأردن في طليعة الدول المتقدمة في الجانب التشريعي وهو ما نأمله في المستقبل القريب.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :