أتابع بين الحين والآخر ما تعرضه جامعاتنا ومن ضمنها الجامعة الهاشمية عن سير خريجيها العلمية والمهنية المتميزة سواء الأردنيين منهم او الوافدين الذين تبوؤا مكانة علمية او رسمية في بلدانهم فضلاً عن نجاحاتهم المهنية التي مكنتهم ان يكونوا ارقام مميزة ومهمة على خارطة العمل العام والخاص فيها ، فلا شك ان الجامعة بجوها الأكاديمي والمجتمعي بمثابة حياة متكاملة توفر للطالب الانطلاقة المهمة في حياته لميدان العمل والمستقبل على حد سواء ، ومعيار نجاح عمل الجامعة في هذا المضمار يتوقف على مدى مقدرتها على توفير امكانات هذه الانطلاقة فضلاً عن تحفيز النظرة السليمة لطلبتها بأن معيار النجاح يشمل تؤامة التحصيل العلمي مع القدرة على بناء الذات واكتساب مهارات الحياة المختلفة ليكونوا قادرين على التواصل والتفاعل الايجابي مع الاخرين وصولاً لبناء الذات وخدمة الوطن والمجتمع .

"تعرفهم من نتاجهم" ، هذه الرسالة التي يستشفها القارئ والمطلع على ما تنشره جامعاتنا الاردنية وهي تزهو بنتاجها ، فتخال الجامعة وقتها كالأب المجد بتعبه والأم الرؤوم اللذان لم يبخلا على ابنهما جهداً وسهر ليوفرا له اسباب النجاح وقد نسيا كل هذا التعب لحظة رؤيته وهو يتسلم شهادته العلمية ، او كالمزارع الذي لم يمنعه حر آب وريح كانون البارد ومطر شباط وآذار العاصف أن يهتم بشجره وحقله ويتفقدهما في اشد الاوقات صعوبة ، فأصبح كل ذلك التعب بمثابة وسام الفخر ومبعث الاعتزاز له عندما رأى سنابل القمح الذهبية في حصاد حزيران او دفقات زيت الزيتون من معاصره بعد قطاف تشرين ، فيليق لمن يكل ان يفخر وهو يرى تميز ثمار تعبه وجهده وجامعاتنا الأردنية لا تشذ عن ذلك كمؤسسات وطنية لها باعها الطويل في هذا المضمار .

وبالعودة للجامعة الهاشمية فإن عوامل عدة مكنتها من الوصول لتميز خريجيها وذلك عبر سيرتها التي تتجاوز 30 عاماً أهمها الدور الفعال الذي تقوم به عمادة شؤون الطلبة في تنمية المهارات المختلفة للطلبة فضلاً عن متابعتهم بعد التخرج وذلك من خلال روح العمل الجماعي من اكاديميين واداريين ، ولا يخفى هنا اهمية طرح المبادرات المختلفة الريادية للطلبة والتي يصاحبها البساطة في الطرح والعبقرية في التنفيذ فضلاً عن استشراق الافاق البعيدة التي تؤكد الإنجاز وتُنميه من خلال تحسس حاجات الطلبة والمجتمع والبشرية مع مواكبة التطور الحاصل في مختلف المجالات ، وكان لدور دائرة العلاقات الثقافية والعامة في بناء الجامعة الشراكات المختلفة مع مختلف الجهات الرسمية والاهلية الدور المهم في انجاح رؤيتها بأهمية البناء الشامل للطالب علماً وفكراً ومهارة فضلاً عن تفعيل التواصل مع مختلف المنصات الاعلامية لإبراز رؤية الجامعة وجهدها في هذا السياق .

التواصل الدائم بين جامعاتنا الوطنية وخرجيها هو الآلية السليمة لمعرفة اخباراهم ومتابعة نجاحاتهم وهو الامر الذي يساهم بالفائدة المتبادلة بين الطرفين ، فالجامعة ستستفيد من خبرات ونجاحات خريجيها في دعم العملية الاكاديمية وبناء المهارات لطلبتها ممن هم على مقاعد الدراسة وبالتالي افادتهم في التخطيط المستقبلي لحياتهم ، اما الخريجون فسينسح لهم هذا التواصل الاطلاع على كل جديد بما يخص التطور العلمي والعملي لأعمالهم والإفادة من خبراتهم البينية فضلاً عن فتح افاق التوظيف المناسب لهم ، ومن هذا كله يبرز اهمية اقامة الملتقيات والمؤتمرات الدورية بين الجامعة وخرجيها بشكل منظم بعناوينها ومحاورها ومخرجاتها ايضاً الخاضعة للمتابعة المستمرة .