الذكاء الاصطناعي في التعليم: خطوات أردنية واعدة في مواجهة التحديات
أ.د عبد الرزاق الدليمي
09-09-2025 12:53 AM
قبل شهر تقريبا تشرفت بحضور الندوة النوعية التي نظمتها هيئة الاعتماد وضمان الجودة ورعتها وزينتها سمو الأميرة ريم العلي مع السادة الوزراء والنواب ونقيب الصحفيين والمسؤولين الكبار في الدولة الأردنية العامرة وعدد كبير من الملاكات التدريسية في كليات وأقسام الإعلام بالجامعات الأردنية والتي قدم فيها رئيس الهيئة تصورات وافكار بناءة متميزه تدلل على استشراف ذكي وواعد لمستقبل التعليم العالي في الأردن وبمشاركات دالة من سمو الاميرة ريم العلي ومداخلات منيرة وذكية من معالي وزير الاعلام والسيد النقيب وبقية المتحدثين الذين اثروا ورقة العمل التي استعرضها بنجاح السيد رئيس الهيئة ....
وحقيقةً شعرت بارتياح كبير وانا اطلع على التقرير العالمي المعنون "إحصائيات الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي لعام ٢٠٢٥"وحاولت أن أكتب هذا التقرير التحليلي حول ماورد فيه مقارنة بالوضع التعليمي في الأردن ،
يهدف هذا التقرير إلى تقديم قراءة نقدية لما يمكن استنتاجه من المقارنة بين السياق العالمي والسياق المحلي.
يُظهر التقرير العالمي "إحصائيات الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي: التقرير الكامل لعام 2025" تحولاً جذرياً في المشهد الأكاديمي، حيث أصبح الذكاء الاصطناعي أداة أساسية في غضون عامين فقط. مع تبني ما يزيد عن 86% من الطلاب حول العالم للذكاء الاصطناعي، يطرح هذا التقرير أسئلة حاسمة حول النزاهة الأكاديمية، واستعداد المؤسسات، والسياسات المتبعة. عند مقارنة هذه النتائج بالواقع في الأردن، يمكن تحديد نقاط تشابه مهمة بالإضافة إلى فجوات محتملة تتطلب اهتماماً استراتيجياً.
الوضع في الأردن: نقاط التشابه والاختلاف
نقاط التشابه
على الرغم من عدم وجود إحصائيات رسمية مماثلة خاصة بالأردن، يمكن الافتراض بوجود تشابهات رئيسية تعكس الاتجاهات العالمية:
-التبني الفردي للطلاب: على غرار الطلاب حول العالم، من المرجح أن الطلاب في الجامعات الأردنية قد تبنوا بالفعل أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل ChatGPT، كوسيلة للمساعدة في أبحاثهم وواجباتهم وفهمهم للمفاهيم المعقدة، بغض النظر عن سياسات مؤسساتهم.
-التحديات الأخلاقية: يُعد التقرير زيادة بنسبة 400% في حوادث الغش المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. تواجه المؤسسات التعليمية الأردنية تحدياً مشابهاً في الحفاظ على النزاهة الأكاديمية، حيث قد تُضعف الأدوات التقليدية للكشف عن السرقة الأدبية أمام النصوص التي ينشئها الذكاء الاصطناعي.
نقاط الاختلاف والفجوات المحتملة
تُظهر مقارنة واقع الأردن بما جاء في التقرير العالمي فجوات كبيرة تتطلب معالجة فورية:
-فجوة السياسات والاستراتيجيات: يشير التقرير العالمي إلى أن 57% من المؤسسات تعتبر الذكاء الاصطناعي أولوية استراتيجية، و39% لديها سياسات استخدام مقبولة. في الأردن، قد لا تكون هذه النسب مرتفعة، حيث لا تزال معظم المؤسسات التعليمية في المراحل الأولية من صياغة سياسات واضحة وشاملة للتعامل مع الذكاء الاصطناعي، مما يخلق حالة من عدم اليقين لكل من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس.
-فجوة تدريب أعضاء هيئة التدريس: يفيد التقرير أن 42% فقط من الطلاب يشعرون أن أعضاء هيئة التدريس لديهم مجهزون جيداً للمساعدة في الذكاء الاصطناعي. في الأردن، يمكن أن تكون هذه الفجوة أكبر نظراً لمحدودية الموارد المخصصة للتدريب المهني المستمر لأعضاء هيئة التدريس على دمج الذكاء الاصطناعي في المناهج وطرق التدريس.
-فجوة الاستثمار: يشير التقرير إلى استثمارات ضخمة تصل إلى مليارات الدولارات من الحكومات والقطاع الخاص في الذكاء الاصطناعي التعليمي. قد لا تتمكن المؤسسات الأردنية من مجاراة هذا المستوى من الاستثمار، مما يحد من قدرتها على توفير البنية التحتية التكنولوجية والأدوات اللازمة لمواكبة التطورات.
-فجوة الإنصاف: يسلط التقرير الضوء على قضايا الإنصاف، حيث يُظهر أن الطلاب الأكثر ثراءً أو الملتحقين ببرامج العلوم يظهرون مستويات أعلى من استخدام الذكاء الاصطناعي. قد تتفاقم هذه الفجوة في الأردن بسبب التفاوت في الوصول إلى أجهزة الحاسوب والإنترنت عالي السرعة بين المناطق الحضرية والريفية، مما قد يؤدي إلى تفاقم التفاوت التعليمي.
التوصيات المقترحة
لمعالجة هذه الفجوات، يوصى باتخاذ
الإجراءات التالية:
١-صياغة استراتيجية وطنية: يجب على وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالتعاون مع الجامعات وضع استراتيجية وطنية واضحة للذكاء الاصطناعي في التعليم، تحدد السياسات، الأهداف، وأطر العمل الأخلاقية.
٢-الاستثمار في تدريب الدريسين: من الضروري إطلاق برامج تدريب مكثفة لأعضاء هيئة التدريس ليس فقط على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، بل أيضاً على كيفية دمجها بشكل فعال في العملية التعليمية ووضع تقييمات مقاومة للغش.
٣-تكامل المناهج الدراسية: يجب أن تتضمن المناهج الدراسية مهارات محو الأمية الرقمية والذكاء الاصطناعي لمساعدة الطلاب على استخدام هذه الأدوات بمسؤولية وفعالية.
٤-معالجة قضايا الإنصاف: يجب على المؤسسات العمل على سد الفجوة الرقمية من خلال توفير الوصول العادل إلى التكنولوجيا والموارد، لضمان استفادة جميع الطلاب من الفرص التي يوفرها الذكاء الاصطناعي.
وخلاصة ما وددت التأكيد عليه ان هذا التقرير العالمي يعد بمثابة خارطة طريق مهمة توضح المسار السليم الذي يمكن ان يسلكه التعليم العالمي بأي بلد وفي مقدمتهم الأردن الواعد المتحفز لاسيما بعدما سمعناه في ندوة هيئة الاعتماد وضمان الجودة وإلى الإحصائيات الواردة في التقرير العالمي يتضح أن الأردن يمكن ان يواجه هذه التحديات وتدعم مساعيه في مواكبة هذا التحول السريع. إن معالجة هذه الفجوات تتطلب عملاً منسقاً على المستوى الوطني لضمان أن يظل النظام التعليمي الأردني تنافسياً وأن يزود خريجيه بالمهارات اللازمة للنجاح في عصر الذكاء الاصطناعي.
"الرأي"