إسرائيل وواشنطن بعد عملية الدوحة
حسين بني هاني
12-09-2025 03:13 PM
فقه السياسة في واشنطن ، يفترض نجاح أي عمل إسرائيلي عسكري في المنطقة ، حتى لو كان ضد حلفائها ، وإذا لم ينجح فإن النأي بالنفس ، هو الحيلة في لعبة تبادل الأدوار بين واشنطن وتل ابيب .
حياد القوة الامريكية ، الذي بدا لحظة العدوان الاسرائيلي على الدوحة ، اصبح اليوم قيد السؤال حتى لدى أقرب أصدقاء واشنطن . لأن قاعدة العديد في قطر ، ترصد راداراتها لحظة إقلاع كل طائرة عن الارض ، حتى لو كانت من الباكستان . الانطباع العام السلبي أخذ يتراكم في عمق المؤسسات السياسية العربية خاصة الخليجية ، بأن نتنياهو ما كان ليجرؤ على مهاجمة الدوحة ، لولا موافقة ترامب المسبقة ، وأن الاخير سارع للنأي بنفسه عنها ، حين فشلت العملية فقط ، تلك مسألة لدى المراقبين ، لا تحتاج إلى كثير من التحليل . لا أظن أن الغضب الامريكي ، الذي تتحدث عنه وسائل الإعلام من نتنياهو ، غضبٌ مرده تجاوز إسرائيل لمصالح واشنطن ، في دولة حليفة ، وإنما فشلها في تحقيق المهمة ، الأمر الذي جعل واشنطن عاجزةً ولأول مرةٍ في الدفاع عنها في مجلس الأمن ، بعد أن صنّفت بوصفها لاعب مارقٌ في المنطقة ، خاصة بعد أن كرر نتنياهو عزمه على القيام بمحاولات أخرى ، مثل تلك التي وقعت في الدوحة.
أكثر ما يقلق الإدارة الأمريكية بعد العملية ، أن يترتب على ما حدث كلفٌ سياسية عاجلة ، يجب على نتنياهو دفعها ، بعد تلك الحصافة السياسية القطرية ، التي وضعت الإدارة الأمريكية في زاوية محرجة ، خاصة بعد أن لم يحمّل الخطاب السياسي والإعلامي القطري ، إدارة ترامب أية مسؤولية ، رغم معرفته المطلقة بعلمها المسبق بالعملية العسكرية .
الموقف الخليجي المساند لقطر ، ومعه بقية العرب والعالم الإسلامي ، يصعب على ترامب تجاوزه ، وهو يشاهد حماقة إسرائيل هذه ، في ظل سعيه المحموم ، لتتويج عهده ، بتوسيع الاتفاقات الإبراهيمية ، تلك انتكاسة أظن أن ترامب لن يسامح بها نتنياهو ، الذي يحاول أن يجعل التطبيع خياراً تحت سقف القوة الاسرائيلية ، وليس وفق المصالح الامريكية.
بلغة السياسة أظن ، أن إبلاغ واشنطن لقطر بالهجوم الاسرائيلي ، بعد تنفيذ الضربة ، هو حديث إفك ، لما يمثله ذلك الهجوم من اختراق خطوطٍ حمراء في عالم السياسة ، فقد ظهر ترامب ، على إفتراض أنه ، على علم مسبق بالضربة ، وكأنه مؤيدٌ للهجوم على دولة ، يفترض أنها تحت الحماية الأميركية ، وإذا لم يكن يعلم فهذا يعني للحلفاء ، أن البيت الأبيض لا يستطيع كبح جماح إسرائيل ، في مثل هذه المسائل ، وان وعود واشنطن الامنية لدول الخليج ، هي وعود واهية عندما يتعلق الأمر بإسرائيل .
لن تكون علاقات واشنطن وتل أبيب ، على ألمحك كما يتمنى البعض ، ولكن "عجز ترامب عن السيطرة على نتنياهو " كما كشف مسؤول امريكي ، بدأ يثير غضب المسؤولين الأمريكيين ، خاصة حين يقدم نتنياهو على خطوات ، تمس علاقة واشنطن ، مع دول عربية تحظى بالرعاية الامريكية.