facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بيان الدوحة: هل يحوّل العرب اقتصادهم إلى سلاح استراتيجي؟


د. حمد الكساسبة
16-09-2025 11:39 AM

لم يعد البيان السياسي وحده كافيًا في ظل التحولات الراهنة. فالعرب اليوم أمام اختبار مصيري: إما تحويل قوتهم الاقتصادية إلى أداة ضغط حقيقية، أو الاكتفاء بلغة الشجب التي لم تعد تُجدي. وقد جاء البيان الختامي للقمة العربية–الإسلامية في الدوحة ليضع الأساس لهذا التحول، إذ حمل بين سطوره إشارات إلى أدوات اقتصادية يمكن أن تغيّر المعادلة إذا جرى تفعيلها بجدية وإرادة موحدة.

أبرز ما جاء في البيان هو الدعوة إلى دعم إعادة إعمار غزة، وهي خطوة إنسانية تحمل أيضًا بعدًا سياسيًا. لكن نجاحها يتطلب تحويلها إلى آلية تمويل مستدامة تضمن استمرار الدعم بعيدًا عن التعهدات اللحظية. كما أشار البيان إلى التضامن مع قطر وألمح إلى مراجعة العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل، وهو ما يفتح الباب أمام خيارات عملية يمكن أن تتحول إلى أوراق ضغط إذا جرى التعامل معها ضمن رؤية عربية موحدة.

ويمتلك العرب إمكانات اقتصادية واسعة تجعلهم في موقع قوة إذا توحدوا. فالدول الخليجية تهيمن على حصة كبيرة من أسواق الطاقة العالمية، والممرات البحرية مثل قناة السويس وباب المندب ومضيق هرمز تمثل شرايين التجارة الدولية، فيما تدير الصناديق السيادية العربية استثمارات بمئات المليارات في الأسواق الأميركية والأوروبية. وإذا ارتبطت هذه الأدوات بسياسة واضحة، فإنها تتحول إلى أدوات لإعادة صياغة التوازن الإقليمي والدولي.

ويكتسب هذا البعد أهمية إضافية مع تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخرًا لصالح إعلان حل الدولتين، ومع التحضير لاجتماع في 22 سبتمبر لمتابعة هذا المسار. غير أن العقبة الكبرى تبقى في مجلس الأمن حيث يلوّح الفيتو الأميركي، ما يجعل الورقة الاقتصادية العربية أداة حاسمة لرفع كلفة أي تعطيل للإرادة الدولية.

كما أكد البيان على قضية القدس والوصاية الهاشمية على مقدساتها، باعتبارها مسؤولية عربية وإسلامية مشتركة. فالاعتداءات الإسرائيلية في المدينة لا تهدد الفلسطينيين فقط، بل تمس الأردن وتستفز وجدان المسلمين والمسيحيين حول العالم. إن التمسك بهذه الوصاية يمنح العرب ورقة شرعية إضافية تعزز موقفهم السياسي وتمنحهم بعدًا دبلوماسيًا أوسع.

في المقابل، يواجه الاقتصاد الإسرائيلي أعباء متزايدة بفعل الحروب المتكررة. فالتكاليف الأمنية والدفاعية ترتفع، والاستثمارات الأجنبية تغادر، وثقة الأسواق تتراجع. وإذا ترافق هذا الوضع مع ضغط عربي منظم، فإن التأثير سيكون مضاعفًا ويضع إسرائيل في مأزق اقتصادي يصعب تجاوزه حتى مع الدعم الغربي.

ورغم اختلاف الأولويات العربية، يبقى المشروع الإسرائيلي تهديدًا مباشرًا للجميع. فخطة تهجير الفلسطينيين وابتلاع أراضيهم ليست مسألة محلية، بل مشروع استراتيجي يهدف إلى فرض واقع إقليمي جديد يقوم على تفوق إسرائيلي مدعوم أميركيًا. ومن هنا يصبح التصدي لهذا المشروع ضرورة لحماية الأمن القومي العربي، وليس مجرد التزام تجاه فلسطين.

كما أن أي تردد غربي في الاعتراف بحق الفلسطينيين قد يدفع العرب إلى تعزيز شراكاتهم مع قوى بديلة مثل الصين وروسيا والهند. فهذه الشراكات لا تقتصر على الطاقة، بل تشمل التكنولوجيا والتمويل والبنية التحتية. وهو ما يمنح العرب بدائل استراتيجية تقلل من اعتمادهم على الأسواق الأميركية والأوروبية وتمنحهم هامش مناورة أوسع.

ولا يقتصر الأمر على الحكومات؛ فالقطاع الخاص وحركات المقاطعة الشعبية قادرون على ممارسة الضغط عبر مقاطعة الشركات الداعمة للاحتلال أو إعادة توجيه الاستثمارات. وإذا تكامل هذا الدور مع السياسات الرسمية، فسيشكّل عنصر قوة إضافيًا. ويتطلب ذلك دعم الدول المحيطة بفلسطين – الأردن ومصر ولبنان وسوريا والعراق – التي تتحمل أعباء مباشرة، فتعزيز صمودها يمثل خط الدفاع الأول للأمن القومي العربي.

إن بيان الدوحة يشكل اختبارًا لوحدة العرب وقدرتهم على تحويل الأقوال إلى أفعال. فالمرحلة الحالية من أخطر ما يواجهه العالم العربي والإسلامي، إذ تسعى إسرائيل بدعم أميركي لفرض واقع إقليمي جديد. وإذا لم يوظف العرب قوتهم الاقتصادية والسياسية بوعي وحزم، فسيدفعون الثمن من استقرارهم وسيادتهم. أما إذا تحركوا بجدية، فبإمكانهم إعادة التوازن، وفرض حل عادل يضع فلسطين في قلب أي معادلة إقليمية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :