سمو الشيخ تميم في عَمَان .. لقاء الأخوّة وعهد العروبة
م:أحمد عبدالله المجالي
18-09-2025 01:25 AM
أهلا بضيفِنا الكريمِ وحبَذا ...يوم يطُل على البلادِ سعيدُ
من سفوح جبال عمّان التي اعتادت أن تعانق الشمس كل صباح، ومن أرض النشامى التي خطّت على صفحات التاريخ معنى الكرامة والثبات، تتزين عمَان اليوم وتفتح ذراعيها لتستقبل ضيفاً عزيزاً، وصوتاً عربياً نابضاً، صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر..
عمّان التي عوّدت ضيوفها على الكرم وحفاوة الاستقبال، تفتح اليوم قلبها قبل ذراعيها لتستقبل أميراً يجمع في شخصه أصالة القيادة وروح الشباب. أميرٌ يأتي إلى الأردن لا بصفته ضيفاً عابراً، بل شريكاً في الرؤية، وأخاً في الموقف، وصديقاً في المصير.
أميرُُ جاء محمّلاً بعبق الخليج، ودفء الصحراء ورؤية القائدٍ الذي يحمل في خطاه روح الشباب وحكمة الأجداد ، وفي حضوره بشائر تعاونٍ أوسع بين الدوحة وعمّان. إنها زيارة تبعث برسائل محبة من الشعب القطري إلى شقيقه الأردني، وتؤكد أن المستقبل لا يُبنى إلا بالتكامل، ولا يتحقق إلا بتعزيز جسور التعاون.
وهنا في شوارع عمّان اليوم حيث يتردّد صدى التاريخ الذي خطّه الهاشميون بمداد الكرامة، ويلتقي مع أفقٍ قطريٍّ ينسج خيوط المستقبل بجرأة الشباب وعزم الرجال الذي يفتح قلبه قبل أبوابه حيث الكرامة ليست شعاراً بل حياة، وحيث العروبة ليست هوية بل رسالة، يرحّب الأردنيون بأخٍ أميرٍ طالما حمل في مواقفه أصالة الشهامة. يرحبون بتميم الذي يمشي بين أهله كأنه منهم، لا غريب ولا عابر، بل شقيق يشاركهم الهمّ ويقاسمهم الأمل.
العلاقة بين الأردن وقطر ليست وليدة اليوم، بل هي مثل نهرٍ يروي أرضين مختلفتين ولكنهما متصلتان بجذر واحد. فالأردن بجباله الشامخة، وقطر ببحرها الممتد، يشكلان معاً لوحة واحدة، فيها الصحراء التي تعلّم الصبر، وفيها البحر الذي يعلّم العطاء، وكلاهما يلتقيان في كلمة الأخوّة. فهما يحملان معاً همّ القضية الفلسطينية، ويدعوان إلى وحدة الصف العربي، ويريان أن التضامن ليس شعاراً يُرفع بل ممارسة تُترجم في السياسات والمواقف. لقد أثبتت التجارب أن الأردن وقطر يقفان دائماً جنباً إلى جنب في مواجهة التحديات. فالأردن بوصايته الهاشمية على المقدسات، وقطر بمواقفها الداعمة وصوتها المؤثر في الساحة العربية والدولية، يشكلان معاً صورة حيّة للأخوّة العربية التي لا تهزّها الأزمات ولا تُضعفها المحن.
إن لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني وسمو الأمير تميم ،هو صفحة جديدة تُضاف إلى سجل العلاقات الراسخة بين البلدين الشقيقين. علاقات نسجتها المواقف الصادقة، وأحاطتها الثقة المتبادلة، حتى غدت كالنهر الذي يشقّ الصحراء فيرويها، وكالجسر الذي يربط بين ضفتين مهما تباعدتا في الجغرافيا، فإنهما تلتقيان في المصير المشترك. هو أشبه بلقاء السيفين حين يلمعان في مواجهة التحديات، أو كالتقاء رايتين ترفرفان في سماء العروبة، تؤكدان أن وحدة الصف ليست حلماً بعيداً، بل إرادة حيّة تترجمها الأفعال. وكما يشدّ الفارس على لجام جواده في ساعة العزم، يشدّ الأردن وقطر على أيدي بعضهما، في مواجهة ما يحاك للأمة من محن وتحديات..
إن زيارة سمو الأمير تميم للمملكة، تمثل علامة مضيئة في مسيرة العلاقات الأردنية – القطرية ،بل هي كقنديل يُضاء في ليل الأمة الطويل، وكجسر يمدّ بين ضفتيْ الخليج والمشرق، ليقول للعالم إن العروبة ما زالت قادرة على أن تنسج خيوطها من الصدق والإخاء. ، وتجديداً للعهد بأن العرب، متى اجتمعوا على كلمة سواء، كانوا كالسيفين حين يلتقيان في وجه التحديات، وكالرايتين حين ترفرفان معاً في سماء العروبة..
ولعلّ ما يمنح هذه الزيارة بُعدها الأسمى، أنها تأتي والأردن وقطر يقفان معاً عند أقدس القضايا؛ قضية فلسطين والقدس الشريف. فالأردن الذي يحمل على عاتقه وصاية الهاشميين على المقدسات، وقطر التي لم تتوانَ يوماً عن نصرة فلسطين ، يلتقيان اليوم كما يلتقي السراج بالزيت، فيضيئان درب الحق، ويجدّدان العهد أن القدس ستظل بوصلة العرب ومحراب كرامتهم.
فأهلاً بضيف الأردن الكبير، أهلاً بقطر العزّة، أهلاً بتميم الذي يضيف حضوره إلى عمّان معنى جديداً من معاني الوفاء العربي. وأهلاً بزيارة تؤكد أن الأخوّة العربية ما زالت قادرة على صنع الأمل، وتجديد العهد، ورسم الطريق نحو غدٍ أفضل. لتؤكد أن الأخوّة العربية ليست مجرد شعارات، بل إرادة حية تتجلى في المواقف والزيارات والأفعال. فلتبقى هذه الصفحة من تاريخ العلاقات الأردنية – القطرية شاهدةً على قوة الروابط، ووفاء الأشقاء، وإصرار القادة على أن يظل الوطن العربي واحداً في عزّه وكرامته وأمله .وهكذا يظل الأردن، بلد النشامى، كتاباً مفتوحاً يسطّر فيه الضيوف الكرام فصولاً جديدة من التاريخ المضيء.