facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




نحو رؤيةٍ رقميةٍ جريئةٍ للتعليم العالي في الأردن


د. ناجي القبيلات
19-09-2025 01:45 PM

مناهجُنا بين مطرقة الثورة الصناعية الرابعة وسندان الترقيع الشكلي.. دعوةٌ لتفعيل الرؤى الملكية السامية في تحديث التعليم وتبنّي إدماجٍ حقيقيٍ للذكاء الاصطناعي فيه.

تستمر التوجيهات الملكية السامية مؤكدةً على أهمية التحديثِ والذكاء الاصطناعي كرافعةٍ وطنيةٍ شاملة، وتلتقط وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والجامعات الأردنية هذه الإشارات وتعكسها في عمليات تطوير التعليم العالي في ضوء متطلبات العصر، وبالرغم من إيجابية هذه الجهود، إلا أنها تواجه تحديات جمّة تتمثل في الفجوة بين التسارع المهول للثورة الرقمية وبين وتيرة التغيير في مخرجات الخطط الدراسية؛ لذا، آن الأوان لتحويل هذه الرؤى إلى خطط عملية شاملة تضع الأردن في مصاف الدول الرائدة في مجال التعليم المستقبلي.

بالفعل، شرعت بعض الجامعات بإجراء تعديلاتٍ على خططها الدراسية وفق هذه الرؤية، إلا أن معظمها اتسم بالطابع الشكليّ والصوريّ (Cosmetic & Formalistic Changes)، تغييرٌ يلامسُ القشورَ دون الجوهر ويركز على عناوين دون مضامين تفضي إلى ذات النتاج المهاري التقليدي، لتخسر وقتًا ثمينًا قطع فيه سوق العمل المحلي والعالمي شوطًا قد يتطلب نوعًا مختلفًا من المهارات الرقمية (Digital Skills) متجاوزًا نوع المخرجات التعليمية للجامعات وكفايتها وقدرتها على التعامل معها، فاليوم أخذت تحتل أدوات الذكاء الاصطناعي صدارة المهارات المطلوبة وغدًا ستصبح مهارة تقليدية يتخطاها العالم إلى نوع جديد ونحن نراوح في المرحلة التي تسبق الحوسبة والأتمتة وأشكالها من الاساسيات، وقد تشكل هذه الفجوة بطالةً بين الخريجين، لا بل تتعداها إلى خسارةٍ للقيمة التنافسية للأردن التي طالما بناها على رأس المال البشري.

فالمأمول أن يتقن الخريج في مجال العلوم الإدارية تحليل البيانات (Data Analysis)، وأن يكون الأديب قادرًا على فهم آليات النشر الرقمي، واللغوي يستفيد من أدوات تحليل الخطاب الإلكتروني، والطبيب يتعامل مع تشخيصات الذكاء الاصطناعي المساعدة. واقعنا الحالي، وباستثناءاتٍ قليلة، لا يزال بعيدًا عن هذا الطموح في معظم التخصصات عدا علوم الحاسوب وفروعه. لجسر هذه الهوة -ومؤسساتنا أُهلٌ لها- نحتاج إلى خطةٍ عمليةٍ قابلةٍ للتنفيذ تقوم على عدة ركائز أهمها إدماجٌ حقيقيٌ للتقانة الحديثة والذكاء الاصطناعي (Technology & Artificial Intelligence)؛ لتصبح جزءًا أصيلًا في جميع المقررات، وليس فقط مقررًا منفصلًا. هذا يعني إعادة تصميم الخطط الدراسية لكل تخصص لتصبح قائمةً على الكفاءات (Competency-based Curriculum) والمهارات العملية، مع الحفاظ على العمق النظري والأكاديمي للتخصصات، خاصة الإنسانية منها، من ثم تأهيلُ أعضاء من الكوادر التدريسية (Train-the-Trainer Model) من مختلف التخصصات عبر إيفادهم إلى برامج تدريبية مكثفة وعالمية في أفضل المؤسسات المتخصصة، أو عبر استقطاب خبراء عالميين لتقديم برامج تدريبية داخل الأردن، وبعدها يقوم هؤلاء الأعضاء المدربون، بدور "المدربين الداخليين" (In-College Trainers) نقل معرفتهم ومهاراتهم الجديدة المكتسبة إلى زملائهم في الكليات، مما يضمن انتشارًا واسعًا للخبرة ويقلل الكلفة على المدى الطويل.

هذه الاستراتيجية البسيطة مجرد إضاءة ومقترح، وبكل تأكيد غيرها الكثير وجميعها تتطلب خطة وطنية واضحة لبناء القدرات الأكاديمية (National Academic Capacity Building Strategy).

لضمان نجاح تنفيذ الرؤية الملكية السامية، يؤمل من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أن تتبنى سياسات داعمة، منها على سبيل المثال: إضافة معايير إلى تقييم أداء الجامعات تركز على مدى إدماجها للتقانة والذكاء الاصطناعي، وقياس المهارات الرقمية لدى خريجيها من خلال تطوير امتحان الكفاءة الجامعية (University Competency Exam) ليشمل قياس كفاياتهم ومهاراتهم الرقمية والتحليلية، وقد يستلزم الأمر تأسيس مركز وطني مختص تكون مهمته رصد وتبني أحدث التطورات العالمية في الذكاء الاصطناعي والتعلم الذكي (Smart Learning)، وعكسها على واقع التعليم في المملكة.

التطوير الحقيقي يتطلب قرارات جريئة تُجنب الوطن وسواعده الإفلاس العلمي والمهاري وتبعده عن الترقيعات الشكلية. وبما أن التعليم أداةٌ لتشكيل مستقبل جيلٍ كامل وبناء قدرات الوطن التنافسية وليس مجرد محتوى أكاديمي. فالعَول على جامعاتنا العزيزة اغتنام هذه اللحظة التاريخية للتحول نحو التعليم الرقمي القائم على الكفاءة والتطبيق؛ لضمان أن يصبح الأردن مركزًا رائدًا للتعليم الجامعي ليس فقط في المنطقة بل أيضًا عالميًا، وإنتاج خريجين مستعدين للمستقبل.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :