بين العافية والثبات .. الحكمة الأردنية في وجه العاصفة
محمود الدباس - أبو الليث
21-09-2025 10:29 AM
الأردن اليوم.. يشبه شجرة راسخة في أرضها.. تضرب جذورها عميقاً في التاريخ والهوية.. بينما تهب حولها رياح عاتية تحاول اقتلاعها.. لكنها ما زالت ثابتة.. لأنها تعرف.. أن قوتها الحقيقية ليست في حجمها.. ولا في عدد أغصانها.. بل في صلابتها الداخلية.. وحكمة مَن يرعاها..
وسط ما يشهده الإقليم من اضطراب وضغوط.. يقف الأردن أمام معادلة دقيقة.. فهو من جهة يواجه رفضاً شعبياً ومبدئياً قاطعاً لأي شكل من أشكال التوطين.. أو التهجير.. ومن جهة أخرى يعي.. أن الدخول في مواجهة عسكرية غير متكافئة.. قد يزج به وحيداً في مواجهة تحالف غربي.. يساند العدو بلا مواربة..
ومن هنا تبرز الحكمة الواقعية في تفعيل الأدوات السياسية والدبلوماسية.. كخط الدفاع الأول.. فالضغط عبر المنظمات الدولية.. والهيئات الأممية.. يعيد تدوير الأزمة
في أطر قانونية.. وأخلاقية.. تحاصر الكيان الإسرائيلي.. وتفضح انحياز داعميه.. كما أن التحرك الجماعي مع الدول العربية والإسلامية.. يمنح الأردن غطاءً أوسع.. ويخفف عنه عبء المواجهة المباشرة..
وفي موازاة ذلك.. يبقى الدور الإنساني سنداً لثوابته التاريخية تجاه فلسطين.. فهو لا يساوم على القيم.. ولا يغامر بمصيره.. بل يوازن بين المبدأ.. والحسابات الواقعية..
إن البديل الحقيقي.. يكمن في ترسيخ صورة الأردن كدولة مبدئية.. تدافع عن حق الشعوب في الحرية والكرامة.. وتُبقي أمنها القومي بمنأى عن الاستنزاف.. الذي قد يفقدها القدرة على الاستمرار في دورها الإقليمي المتوازن.. وهنا تتجلى حكمة الحديث النبوي الشريف "أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف".. فهو يجمع بين الدعوة إلى العافية والسلام ما أمكن.. وبين الثبات والصبر إن فُرضت المواجهة..
ويبقى السؤال الذي يطرق الأذهان.. هل تكفي الحكمة وحدها.. لتبقى الشجرة الأردنية صامدة أمام العاصفة.. أم أن القادم قد يفرض لحظة فاصلة.. تُختبر فيها الجذور والظلال معاً؟!..