facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




القطاع الصحي والدوائي .. رؤية ملكية نحو ركيزة اقتصادية وأمن وطني


د. حمد الكساسبة
22-09-2025 12:02 PM

جاء لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني مع جمعية الأطباء الأردنيين الأمريكيين في نيويورك بتاريخ 21 سبتمبر 2025 ليؤكد أن القطاع الصحي لم يعد مجرد ملف خدمي، بل هو محور استراتيجي يرتبط بالاقتصاد والأمن الوطني معًا. فقد شدد الملك خلال اللقاء على أهمية التعاون بين الكفاءات الأردنية في الداخل والخارج لدعم المنظومة الصحية، وتطوير البحث العلمي، وتعزيز الشراكات الطبية التي ترفع من تنافسية الأردن في الإقليم والعالم.

هذا التوجه الملكي يعكس إدراكًا عميقًا لدور القطاع الصحي والدوائي كرافعة اقتصادية. وتشير التقديرات إلى أن الإنفاق الصحي بلغ نحو 9% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2024، وهو مستوى قريب من المعدل العالمي. أما نصيب الفرد فقد قُدّر بحوالي 430 دولارًا سنويًا، وهو أقل من المتوسط العالمي البالغ نحو 1,100 دولار، ولكنه أعلى من معدلات دول إقليمية مشابهة. هذه الأرقام تظهر التزام الأردن، غير أنها تكشف الحاجة لزيادة كفاءة الإنفاق وتحويله إلى خدمات ذات أثر ملموس.

ويلاحظ أن الصحة تستحوذ على حصة كبيرة من مكونات سلة المستهلك مقارنة بالتعليم وغيره من البنود، ما يعكس وعي الأسر الأردنية، ولكنه يكشف في الوقت ذاته الضغوط المالية الناتجة عن ارتفاع تكاليف العلاج والأدوية في ظل محدودية الدخل. ومن هنا تبرز الحاجة لسياسات متوازنة تحقق العدالة وتخفف الأعباء عن المواطنين.

أما الصناعات الدوائية، فقد أثبتت مكانتها كأحد أعمدة الاقتصاد الوطني، إذ تُصدَّر منتجاتها إلى أكثر من 60 دولة وتشكل ما نسبته 8% من إجمالي الصادرات. وتستند هذه القوة إلى سمعة متراكمة وجودة إنتاج عالية، غير أن المرحلة المقبلة تستدعي ربط الصناعة بالبحث العلمي والابتكار، واستقطاب استثمارات نوعية في مجالات التكنولوجيا الحيوية والبيوتكنولوجية.

ويتعزز هذا المسار بفضل التحول الرقمي. فاعتماد السجلات الإلكترونية والتطبيب عن بُعد والذكاء الاصطناعي في التشخيص وإدارة الموارد كلها أدوات تزيد الكفاءة وتخفض الكلف. كما أن تطوير التعليم الطبي والتدريب المستمر وبناء قاعدة بشرية مؤهلة يجعل الأردن قادرًا على المنافسة. وفي هذا السياق، فإن جذب الاستثمارات الأجنبية في التكنولوجيا الطبية والصناعات الدوائية يمثل فرصة استراتيجية.

ولعل أبرز ما يميز الأردن هو مكانته في السياحة العلاجية، حيث يستقبل أكثر من 250 ألف مريض سنويًا من الخارج، بإيرادات تقارب 1.2 مليار دولار. وهذه ميزة نسبية يمكن تعظيمها عبر تطوير حزم علاجية متكاملة تشمل الإقامة والنقل والخدمات الطبية، وهو ما يعزز دور الأردن كمركز إقليمي للرعاية الصحية المتقدمة.

كما أن تطوير ما يشبه "الخارطة الصحية الوطنية" يتيح توزيعًا أكثر عدالة للخدمات بين المحافظات وضمان وجود التخصصات الطبية الرئيسية في المستشفيات الإقليمية. وهذا يسهم في تقليل الفوارق الجغرافية، ويزيد ثقة المواطن بالدولة. وتأتي الجولات الميدانية الحكومية خطوة إيجابية إذا جرى البناء عليها لتصبح جزءًا من عمل المديريات في المحافظات، مع ربط تقييم أدائها بقدرتها على معالجة مشكلات الميدان.

وفي ظل الاضطرابات الإقليمية، يتضح أن القطاع الصحي والدوائي ليس مجرد خيار اقتصادي، بل خط دفاع أساسي في مواجهة الأزمات. فتعزيز الأمن الصحي والدوائي يرسخ قدرة الأردن على الصمود أمام الضغوط، ويجعل التنمية أكثر استدامة.

إن لقاء الملك في نيويورك يفتح الباب أمام مرحلة جديدة تُبنى على شراكات دولية، واستثمار خبرات الكفاءات الأردنية في الخارج، وتكامل الجهود الداخلية. وهذه الرؤية يمكن أن تجعل القطاع الصحي والدوائي استثمارًا في الإنسان ومحركًا للنمو وتعزيزًا للأمن الوطني، بما يضمن للأردن مكانة متقدمة في محيطه والإقليم.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :