facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




رسالة ملكية واضحة للمسؤولين .. وكتّاب الذكاء الاصطناعي


محمود الدباس - أبو الليث
24-09-2025 01:59 PM

لن أتحدث عن مضامين خطابات جلالة الملك.. فقد أشبعها الكثيرون تحليلاً.. وقيل فيها الكثير.. وأصبح الجميع يعلم محتوى المقال من عنوانه..

ولكنني ساتحدث عن امرٍ حدث في أروقة الأمم المتحدة.. وقبل أن يدخل جلالةُ الملك إلى القاعة الرئيسية لإلقاء خطابه.. التُقطت له صورة بالغة الدلالة.. كان واقفاً.. والملف في يده مفتوحا.. يناقش مضامينه مع اثنين من الموظفين الأردنيين.. بغض النظر عن موقعهما.. وكأنه يقول بفعله.. قبل قوله.. إن المسؤولية.. لا تنتقص من هيبة القائد.. حين يتحاور مع موظفيه.. بل تزيدها رسوخا..

فها هو الملك.. صاحب القرار في السلم والحرب.. والأدرى بتفاصيل السياسة الخارجية والداخلية.. وموازينِ القوى.. والتجاذبات الدولية.. يفتح الباب للمشورة والنقاش.. مع أنه يستطيع بما يملكه من طلاقةٍ في اللغة الإنجليزية.. وفهم دقيق لمفرداتها.. وقوةِ الحضور.. أن يدخل القاعة.. ويمضي بخطاب ارتجالي.. لا يقدر أحد على مجاراته.. ولا يجرؤ أحد على مساءلته فيه.. لكنه اختار أن يُظهر.. أن كل كلمة محسوبة.. وكل ملاحظة تستحق أن تُسمع..

وهنا بدت الصورة تختزل معنى المسؤولية واليقين.. جلالة الملك يراجع سطراً.. يعلّق على كلمة.. يتدارس احتمالا مع موظفيه.. وكان بإمكانه اللجوء للذكاء الاصطناعي.. ليصيغ له خطاباً.. لم يخطه عتاولة السياسة قديما.. ولا حاضرا.. ولكنك تجد في ملامحه طمأنينة القائد.. الذي يعرف وزن الحرف.. ومصير القرار.. هذه الصورة لا تحتاج شرحا طويلا.. فهي درس صارخ في إدارة الدولة.. واحترام المؤسسات والمؤسسية..

نحن لا نختلف في أن للحُكم خصوصيات.. لا يليق بها التفصيل العابر.. لكنّ ما يؤلم.. أن نرى مسؤولين.. يقطعون جسور المشورة.. ويصدّون آراء مَن هم أقرب إلى الحقيقة من أجندتهم الشخصية.. يتصرفون كما لو أن المنصب شهادةُ تفوّق مطلقة لهم.. لا يشاركونها أحد معهم.. وهذا فعل يضع الدولة في مرآة مشوهة.. لأن الحُكم فن جمعيٌّ قبل أن يكون فردياً..

ثم ثمة طيف آخر من كتابات الأزمنة الرقمية.. كتّاب يأخذون من الذكاء الاصطناعي نصا كاملا.. يضعونه كما هو.. دون عبور على قلبه.. أو دمه.. فيظنون أنهم بذلك قد أسرعوا.. ولم يعلموا أن السرعة أحياناً.. تُفضي إلى الفقدان الأكبر.. فالخطاب المأخوذ بلا نفسٍ لا يحتمل المواجهة.. ولا يزرع احتراماً.. بل يجعل القارئ.. يقرأُ الصيغة.. ويستشعر غياب صاحبها..

أقول للمسؤولين.. وللعشرات ممن باتوا يكتبون باسم غيرهم عبر الشاشات.. إنما العظمة في أن تكون أنت صاحب الكلمة حين تُنطَق.. أن تأخذ المعلومة من الذكاء الاصطناعي.. وتطويها بأصالتك.. فتُعيد إلى النَص طعمك وصوتك.. لا أن تلصق جواباً.. قد يقرأه عشرات آخرين.. في نفس الحين.. إذا ما سألوا التطبيق ذات السؤال.. فتتبدد أي خصوصية كانت للنص.. أو لمن كتبه..

أدرك تماماً.. أن الأدوات الحديثة مفيدة.. ومُشَجِعة على التعلم والسرعة.. لكنها ليست بديلاً عن الضمير المهني.. ولا عن ثقافة المساءلة.. والمساءلة الذاتية قبل أي مساءلةٍ عامة.. فالمسؤول الذي لا يتحقق من عمل مكتبه.. والذي يرفض الحوار مع مَن حوله.. هو ذلكَ الذي يمنح الخصم فرصة التشكيك في كفاءته.. قبل أن يمنحه الزمن براءته.. أو يحكم عليه التاريخ..

أما نحنُ الكتّاب.. فلنا واجب مضاعف.. أن نكون صادقين مع الكلمة.. أن نعيد للخطاب إنسانيته.. حين نقتبس منه.. أو نستلهم منهُ.. أن نعلن إذا استخدمنا أداة مساعدة.. وأن نضيفَ إليها بصمتنا.. التي لن يملكها أحد غيرنا.. فالمقال الذي يولد من قلب صاحبه يبقى شاهداً.. أما النسخ واللصق.. فذخيرة زمنٍ قصير.. يفنى مع أول تحديث للخوارزمية..

نداء.. لا اتهام.. أقدمه كخاتمة لهذا الحديث.. استعيدوا من جلالةِ الملكِ.. تلك الصورة العميقة في الانفتاحِ على الرأي.. تعلموا من احترامِه للمؤسسية ولمن حوله.. وتذكروا.. أن الكلمة حين تُصاغ بإخلاص.. تُحصِن صاحبَها.. وتمنحه احترام الآخرين.. فليس العار في أن تطلب المعلومة.. أو المساعدة.. العار أن تعرض على الناس ما لا يليق باسمك.. أو بموقعك.. فعودوا إلى رشدكم.. ليعود احترام العمل.. ولتستعيد الكلمة براءتها.. وبهذا نكون قد خدمنا أنفسنا.. قبل ان نخدم الوطن.. مع انه الأهم..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :