facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الإحصاء .. لغة الدولة الصامتة ..


محمود الدباس - أبو الليث
25-09-2025 03:06 PM

الكثير من الناس يظنون أن الإحصاءات العامة.. مجرد دائرة تعدّ السكان كل بضع سنوات.. لكنهم لا يعلمون.. أن هذه المؤسسة هي العقل الذي يحول الأرقام إلى مؤشرات.. والمؤشرات إلى سياسات.. وهي التي تفصل بين الانطباع والواقع.. وتكشف بميزان الأرقام.. مَواطن القوة والضعف.. فمن دونها يصبح التخطيط أشبه بالمقامرة..

فهي المرآة التي تكشف التوازن والخلل في جسد الدولة.. فالحكم على الاقتصاد.. أو التعليم.. أو الصحة.. أو البطالة لا يمكن أن يبقى أسير اجتهادات عاطفية.. أو انطباعات شخصية.. بل لا بد أن يستند إلى أرقام دقيقة.. قادرة على فرز الوهم عن الحقيقة.. وتقدير اتجاهات المستقبل على أسس علمية.. وهنا يبرز الدور العميق لدائرة الإحصاءات العامة.. التي لم تكتفِ بالمسوح السكانية.. والاقتصادية.. والزراعية.. والاجتماعية.. بل أطلقت الاستراتيجية الوطنية للإحصاء.. فألزمت جميع مؤسسات الدولة.. بالمنهجية المعيارية الدولية في أعمالها الإحصائية.. كما تولت مسؤولية دراسة وتحليل حجم الاقتصاد الأردني.. الذي يقارب خمسين مليار دولار متداول في السوق المحلي..

ومن هذا الفهم.. جاءت زيارة ملتقى النخبة-elite إلى دائرة الإحصاءات العامة.. حيث التقى الوفد عطوفة مديرها العام د. حيدر فريحات.. ومساعديه د. علي الشبلي للعمليات.. ود. صالح الحباشنة للشؤون الإدارية والمالية.. وقد كان اللقاء غنياً بالتفاصيل والردود.. التي كشفت لنا أن هذه الدائرة تتجاوز حدود الأرقام الجامدة.. لتكون شريكاً أساسياً في صناعة القرار الوطني..

ومع أن الإحصاءات العامة تُعد من مراكز التكلفة في الموازنة.. إلا أن حقيقتها أبعد من ذلك بكثير.. فهي استثمار غير مباشر.. يحمي الدولة من قرارات مرتجلة.. قد تكلفها أضعاف ما يُنفق على هذه الدائرة..

ومع هذا.. فإننا نقترح على هذه الدائرة الوطنية.. ان تحذو حذو مثيلاتها في بريطانيا.. وكندا.. والاتحاد الأوروبي.. حيث أظهرت تجاربها.. أنها استطاعت توليد إيرادات.. من خلال بيع تقارير متخصصة.. وتحليلات معمقة للقطاع الخاص والجامعات.. مع بقاء البيانات العامة متاحة للجميع..

إن الخلاصة التي خرجنا بها من هذه الزيارة.. أن دائرة الإحصاءات العامة.. ليست مجرد جداول وأرقام.. بل هي نبض المجتمع.. حين يتحول إلى لغة يفهمها صانع القرار.. وميزان يزن المستقبل قبل أن يأتي.. وهي بهذا المعنى.. عمود من أعمدة الرشد الوطني.. الذي ينبغي أن نفتخر به.. ونحافظ على قوته..

وإن ما تعلمناه من هذه التجربة.. أن الإحصاء ليس ترفاً إدارياً.. ولا مجرد أرقام تحفظ في الأرشيف.. بل هو عين الدولة حين تبصر.. وأذنها حين تسمع.. وعقلها حين تفكر.. ومَن أراد أن يبني وطناً على أسس متينة فعليه.. ويستشرف المستقبل.. عليه أن يحترم لغة الأرقام.. كما يحترم لغة الدماء التي تحرس الحدود.. لأن كليهما يصون الحاضر.. ويؤمّن المستقبل..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :