facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




اقتناء الاعمال الفنية .. مرآة رقيّ المجتمع


26-09-2025 08:38 PM

عمون - من روان العدوان - في المجتمعات المتحضّرة يصبح الفن جزءاً من الحياة اليومية، وامتلاك الأعمال الفنية دلالة على وعي ثقافي وذائقة جمالية رفيعة.

كفنانة تشكيلية نشأت وترعرت في الاردن ، هذا البلد العريق الذي يعود تاريخ فنونه الى اكثر من ٨٠٠٠ الاف سنة قبل الميلاد ، بيئته، فنونه وتراثه العريق الهمت اعمالي الفنية، والتي عرضت في عدة صالات عرض في الاردن وخارجه .

لقد كان الاهتمام بقطاع الفنون متواضعا وفئةقليلة من المجتمع تهتم ،لكن عندما انتقلت للعيش في بلدان أوروبية مثل بريطانيا وسويسرا، لاحظت اختلافاً جوهرياً: المضيف لا يبدأ حديثه إلا بالأعمال الفنية والتي تحكي بيئته وثقافته ، بالرغم من ان فنونهم هي جزء من فنون العالم ،الا انه يحتفي بفنانينه المحليين ويتحدث عن اعمالهم بتفاصيل يعرفها بدقّة، ان هذه الاعمال جزء من روحه وهويته التي يفخر بها. هذا الفخر ليس مجرّد ترف؛ إنه نتاج ثقافة مجتمعية تُترسّخ منذ الطفولة عبر مناهج تعليمية، ندوات وورش فنية، ومعارض تهدف لتنشئة أجيال تتذوّق الفن،تدرك قيمته وتفكر خارج الاطار.

الفن ليس ترفاً بل استثمار إنساني ووجود العمل الفني في بيت أو فضاء عام يفتح آفاقاً للتفكير والتأمّل، ويثري الحوار حول الهوية والتاريخ والقيم الجمالية. وهو يلعب دوراً اساسيا في عملية الابتكار كما ان له دورا نفسياًاجتماعياً واقتصادياً في نهضة الشعوب ، ويخلق سوقاً ثقافياً ،ينتج فرص عمل ويحفّز الابتكار. ارتفاع الذائقة الجمالية لدى المجتمع ينعكس على رقي التفكير، وعمق الانتماء إلى التاريخ والفن المحلي.

لكن صناعة الفن لا تحدث بين ليلة وضحاها. الفنان يمضي سنوات طويلة في البحث والتجريب حتى يخرج بأسلوبه الخاص الذي يترك بصمة وهوية. التكرار والتقليد لا يضيفان جديداً؛ بل الإبداع الحقيقي يبدأ عند تقديم رؤى وأشكال تنبض بروح وفكر جديد ،لذا يحرص المثقفون والمقتنون على اختيار أعمال مميزه تحاكي روحهم وفكرهم، وكثيراً ما يعكس هذا الاختيار رقيّ المقتني وعمق ثقافته.

من حق الفن أن يولّد عائداً مادياً للفنان، فثمرة السهر والبحث والمثابرة التي يبذلها المبدع لتحويل فكرٍ وتراثٍ إلى فن تستحق التقدير والتكريم ،الفن يتجاوز كونه تعبيراً جميلاً؛ إنه جسر ثقافي يروّج لأفكارنا ويقرب بين الشعوب، وأحد أكثر الوسائل فعالية لبناء حوار عالمي. لذا فدعم الفنانين ليس كماليا بل ضرورة وطنية ، لذا فلا بد من الحكومات والقطاع الخاص أن يتبنّوا سياسات رعاية وشراء اعمال الفنانين والتي تحوّل الفن إلى اقتصادٍ حيّ يعود بالنفع المادي والثقافي على المجتمع بأسره.

في العالم العربي، ما زلنا بحاجة إلى تضامن أكبر بين القطاعين العام والخاص والمجتمع لتطوير ثقافة اقتناء الفن. لا ينبغي أن تقع المسؤولية على عاتق المؤسسات الحكوميه فقط ؛ فالقطاع الخاص يمكن أن يلعب دوراً أساسياً عبر رعاية المعارض، شراء الأعمال من الفنانين المحليين، ودعم المزادات والمنصّات التي تبرز المواهب. أعمالنا الفنية تراث وطني يزداد غلاءً مع الزمن، وهي استثمار ثقافي لا يقدر بثمن.

كفنانة أردنية عملت لأكثر من عشرين عاماً على إبراز فن يستمد جذوره من ثقافة عربية عريقة تعود إلى آلاف السنين — أعمال نقشها أسلافنا العرب على هذه الأرض قبل أكثر من 500 عام قبل الميلاد — أسعى إلى نقل هذه الهوية إلى الحاضر بلغة فنية معاصرة. في كل لوحة قصة تُدعو المشاهد للتأمل فيها ولفَكّ رموزها بحسب ثقافته ومعرفته بتاريخ الفن. من يمارس أو يقرأ الفن بوعي يصبح قادراً على التفريق بين العمل المتميز من حيث المضمون والشكل وبين ما هو مجرد تقليد لا روْح له.

يقع على عاتق المؤسسات التعليمية تعزيز مناهج تاريخ الفن والفنون التشكيلية، كما ان القطاع الخاص لا بد له من الانخراط في هذا القطاع لدعم الفنانين وشراء أعمالهم. ان الأفراد المثقفون ورجال الاعمال يسعون إلى اقتناء الأعمال التي تعبّر عن هويتهم وذائقتهم الجماليه — ليس بالضرورة أن تكون قطعاً باهظة الثمن؛ يكفي أن تكون صادقة في التعبير ، مؤثرة ،مميزه وجديرة بأن تُعرض .

ان الثقافة الفنية ليست امتيازاً فئوياً، بل ركيزة لبناء مجتمع متحضّر يفتخر بتاريخه، ويحتفي بفنّه، ويدعم مبدعيه لينيروا طريق الأجيال القادمة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :