facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




خطة ترامب .. والنواقص


السفير محمد الكايد
30-09-2025 12:20 PM

أعلن الرئيس الامريكي دونالد ترامب رسميا عن خطة امريكية تتكون من 20 بندا من اجل انهاء القتال الدائر في غزة. وحظيت الخطة بموافقة اسرائيلية وتأييد العديد من الدول الاقليمية والدولية مثل بريطانيا وفرنسا والبيان الصادر بالامس عن مجموعة من الدول بما فيها الاردن. ومن اهم بنود هذه الخطة اعادة الرهائن الاسرائليين وجثث القتلى دفعة واحدة خلال 72 ساعة مقابل وقف العمليات العسكرية الاسرائيلية ، وتخلي حماس عن اسلحتها وعدم مشاركتها في مرحلة ما بعد الحرب ، ادخال المساعدات الانسانية والبدء في حملة اعادة التعمير ، ومسار ضبابي لحل القضية الفلسطينية.

من اهم الايجابيات في خطة ترامب بالنسبة للجانب الفلسطيني هي وقف آلية التدمير والقتل الجماعي الاسرائيلية للسكان المدنيين فورا، الغاء مبدأ التهجير القسري وترك الباب امام التهجير الطوعي ، ادخال المساعدات والمعدات الازمة للبدء في عملية اعادة التعمير بسواعد اهل غزة وبرأس مال عربي ودولي ، قوة دولية واقليمية للمحافظة على الامن والسلم بين الطرفين ، ووعد بانشاء مسار لحل القضية الفلسطينية.

اما السلبيات فكثيرة ومتعددة وخطيرة ، وما تجاهلته الخطة اهم بكثير من المواضيع المذكورة فيها ، وعدم التطرق لاي مرجعية دولية لحل دائم ومستدام ، وعموميات تحتمل اكثر من تفسير للقضايا التي تهم الفلسطينيين بينما تم فيها تأطير المصالح الاسرائيلية في اهداف وتواريخ محددة.

اعطت الخطة الامريكية زمنا محددا وقصيرا جدا لاطلاق سراح جميع الرهائن البالغ عددهم حوالي 20 رهينة ، فيما بعض المصادر تقول اكثر من ذلك ، وكافة الجثث الموجودة لدى حماس دون وضع جدول زمني واضح لما يتوجب على اسرائيل القيام به بالمقابل . وهذا البند (والذي تم وضعه في المقدمة) يعطي الجانب الاسرائيلي اهم ورقة موجودة بايدي حماس دون مقابل واضح ، مما سيضمن لنتنياهو التخلص من تبعيات قضية الرهائن مجانا باسرع ما يمكن ويؤدي بالتالي الى تخفيف الضغوطات الداخلية عليه وعلى حكومته. وقد يكون هذا البند مقبولا من الناحية التفاوضية لو كان في الخطة تواريخ محددة لما يتوجب على اسرائيل القيام به بالمقابل ، او لو كانت هناك ضمانات امريكية مؤكدة ومكتوبة لعدم تنصل اسرائيل من التزاماتها بموجب الخطة المطروحة في ضوء التاريخ الاسرائيلي في نقض التفاهمات. وما بنطيق على هذا البند ينطبق على البنود الاخرى الواردة في الخطة والمتعلقة بالالتزامات الاسرائيلية.

فلا تواريخ محددة للانسحابات ، ولا تواريخ محددة للافراج عن المعتقلين الفلسطينيين ، ولا حتى موعد محدد للبدء في عملية اعادة الاعمار، ولا هدف او مدة زمنية محددة للقوة الدولية والادارة المدنية التي ستتولى قطاع غزة ، والاهم عدم وجود دعوة رسمية للبدء في مسار الحل الشامل للقضية الفلسطينية على غرار ما فعلته ادارة الرئيس بوش الاب بعد انتهاء حرب الخليج الاولى ودعوتها ورعايتها لمؤتمر مدرير للسلام او اسلو ايام الرئيس كلنتون او خارطة الطريق ايام بوش الابن . لذا ، فان افتقار الخطة لرؤية زمنية واضحة لتنفيذ الالتزامات الاسرائيلية وفرضها على الجانب الفلسطيني يعد من اهم المآخذ على هذه الخطة ويجعلها تبدو كخطة فك اشتباك عسكري وترك بقية الامور المهمة والاساسية للزمن وللمفاوضات.

من جهة ثانية، نصت الخطة على قيام حماس بالقاء اسلحتها والقبول بتدمير وتفتيش الانفاق والحرمان من اي دور سياسي مستقبلي لها في ادارة القطاع. كما وقدمت الخطة مشروع عفو سياسي عن كل من يلقي سلاحه من مقاتلي حماس وتوفير مخرج آمن لمن يرغب منهم بالخروج. ويمثل هذا الشرط تحقيقا للهدف الاسرائيلي الثاني والثالث من شن الحرب وهو القضاء على حماس وحرمانها من اي دور مستقبلي ما بعد الحرب. ويمكن اعتبار هذا الشرط الامريكي بالاهم من بين كل البنود وهو البند الذي يمكن ان يكون السبب الرئيسي لرفض حماس للخطة وذلك لاسباب عديدة.

اولا، ان هذا الشرط يعتبر عملية انتحار سياسي تقوم حماس بموجبها باطلاق النار على نفسها على الطريقة الامريكية. واعتقد بانه لو قبلت القيادة السياسية لحماس بالامر فان القادة العسكريون للحركة وقادة كتائب القسام سيرفضون الامر جملة وتفصيلا لما يمثلة من اضاعة للتضحيات والصمود الفلسطيني والقتل والتجويع مقابل فتات تعرضه عليهم الخطة.

ثانيا ، ان الخطة الامريكية لا تنقل مقاليد الحكم في غزة من حماس الى جهة فلسطينية اخرى بل الى جهة غير معلومة لا تنبع من رحم الشعب الفلسطيني ولا من خياره الحر. فتارة تتحدث الخطة عن مجلس محلي لادارة الشؤون اليومية لاهل غزة ، وتارة تتحدث عن مجلس سلام عالمي برئاسة ترامب ، كما تتحدث عن قوات اجنبية في القطاع ، بينما هذه الحلول سيتم اعتبارها من حماس حالة جديدة من حالات الانتداب السامي الجديد بالبعد السياسي والاقتصادي و الاجتماعي.

ثالثا ، ان الخطة الامريكية والبند المتعلق بالحكم في غزة لم تأتي على ذكر حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني حسب القانون الدولي وقرارات مجلس الامن. وحتى السلطة الفلسطينية وهي المعترف بها بانها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني فقد تم حرمانها من تسلم مقاليد الحكم في غزة وتم وضع شروط تتعلق بالاصلاحات غير محكومة باهداف او تواريخ محددة. لذا فان الخطة المقنرحة ستخرج الجانب الفلسطيني سواءا حماس او السلطة خالية اليدين من اي مكاسب سياسية وتفاوضية ويتم بموجبها بعثرة القضية الفلسطينية في الهواء.

من ناحية اخرى ، لا يمكن اختصار تضحيات الشعب الفلسطيني عبر عشرات السنين ومقاومته للاحتلال ومحاولات التهجير والتطهير العرقي والتجويع بموضوع المساعدات واعادة التعمير الذي ركزت عليه الخطة. وبالرغم من الاهمية القصوى للوضع المعيشي لاهلنا في غزة والموت البطيء للاطفال والشيوخ والنساء ، الا اننا لم نرى حالات استسلام من قبلهم ولم نرى الرايات البيضاء مرفوعة في انحاء غزة من بيت لاهيا الى معبر رفح ، ولم نشاهد مظاهرات ضخمة تخرج في غزة او حتى الضفة الغربية ضد حماس بل كنا نشاهد بعض الخارجين من تحت الانقاض يدعون بالنصر لحماس مما يعطي انطباعا بان سلاح التجويع والقتل لم يجدي نفعا لا مع حماس ولا مع اهل غزة ، وامن ما يريده الفلسطينيون حقا هو التحرر السياسي والتخلص من الاحتلال ، ولن تغريهم اي نوع من المساعدات للتخلي عن احلامهم بالاسنقلال ونيل حقوقهم كاملة.

وهذه النقطة بالذات هي التي تجاهلتها الخطة الامريكية واخطأت بعدم التركيز عليها ، مما افقد الورقة منظورا سياسيا شاملا يؤدي الى سلام عادل ودائم لجميع الاطراف ، كما ابتعدت الخطة عن معالجة الاسباب التي ادت الى احداث السابع من اكتوبر واكتفت بمعالجة الظواهر دون المسببات حتى بدت وكانها خطة استثمارية تعميرية طموحة تتطلب استبداد الامن اولا ومن ثم الانطلاق بعملية استثمارية ضخمة.

في المحصلة ، لا تحسد حماس على الوضع الذي اوجدتها فيه هذه الخطة الامريكية ، فالحركة امام مفترق خطير يمس الشعب الفلسطيني باكمله والامة العربية والوضع الاقليمي. وينتظر العالم كله من حماس الان الرد على هذه الخطة التي تعاني من نواقص اساسية كثيرة عنوانها لا مواعيد ولا ضمانات من مقدم الخطة ، ولكنها قد تكون الاخيرة . ولا شك ان حماس هي الادرى بالاعيب الحكومة الاسرائيلية ورئيسها ومشاريعه التوسعية التي لم يتخلى عنها . لذا فمن المأمول ان ياتي رد حماس ذكيا مقنعا واضحا بغض النظر عن طبيعته.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :