الشرق الأوسط على صفيح ساخن
سامي شريم
03-10-2025 09:27 AM
إنَّ المنطقةَ تقفُ على فوهةِ بركانٍ حقيقيٍّ. كلُّ المؤشراتِ تُنذِرُ بخطرٍ مُحدِقٍ. تحركاتُ البوارجِ الأمريكيةِ وحاملاتِ الطائراتِ نحو شرقِ المتوسطِ ليستْ مجردَ مناورةٍ عسكريةٍ عابرةٍ، بل هي جزءٌ من ترتيباتٍ استراتيجيةٍ تُمهِّدُ لخريطةٍ جديدةٍ تهدفُ إلى إعادةِ رسمِ واقعِ المنطقةِ وفقَ رؤيةٍ تخدمُ المصالحَ الاسرائيلية وتدفعُ بالقضيةِ الفلسطينيةِ نحو حافةِ الهاويةِ. الضغوطُ المتصاعدةُ على حزبِ اللهِ تستهدِفُ نزعَ سلاحِه لأنه يُشكِّلُ حاجزاً أمامَ المخططِ التوسُّعيِّ لإسرائيلَ التي تُواجهُ أزمةً داخليةً غيرَ مسبوقةٍ وتبحثُ عن حربٍ خارجيةٍ تخرجُها من مأزقِها.
لا يمكنُ فصلُ هذهِ التحركاتِ عن التصعيدِ الإيرانيِّ المتنامي الذي تعتبرُهُ طهرانُ ضرورةً حيويةً لكسرِ الحصارِ المفروضِ عليها، فيما تتحركُ واشنطنُ بدافعِ حمايةِ نفوذِها ومصالحِها الإقليميةِ في إطارِ صراعٍ أكبرَ على إعادةِ توزيعِ الأدوارِ. الخطيرُ في هذا المشهدِ هو أنَّ أيَّ شرارةٍ صغيرةٍ قد تتحوّلُ إلى حربٍ شاملةٍ لا تُبقي ولا تَذَرُ، تمتدُّ من غزةَ إلى لبنانَ ومن الخليجِ إلى البحرِ الأحمرِ لتُشعلَ المنطقةَ برمتِها في حريقٍ لن يسهُلَ إخمادُهُ.
المشهدُ ليسَ عشوائياً بل هو محاولةٌ مُمنهجةٌ لإخضاعِ المنطقةِ بإرادةِ القوةِ. ومن لا يملكُ أدواتِ المواجهةِ سيكونُ ضحيةً لهذهِ المعادلةِ القاسيةِ. هنا تبرزُ اللحظةُ الفاصلةُ للعربِ: إما أنْ يتحدوا ويصنعوا قراراً مستقلاً يحمي مصيرَهم، أو يواجهوا خطرَ التمزُّقِ والضياعِ في صراعٍ دوليٍّ لا يعترفُ إلا بمنطقِ القوةِ.
الإنفجارُ باتَ وشيكاً، والوقتُ يدقُّ ناقوسَ الخطرِ. إنها معركةٌ مصيريةٌ تتطلبُ صحوةً عربيةً شاملةً وإرادةً جماعيةً قادرةً على مواجهةِ العاصفةِ قبلَ فواتِ الأوانِ، فالتحدياتُ كبيرةٌ، والعواقبُ وخيمةٌ. والسبيلُ الوحيدُ لعبورِ هذا المنعطفِ التاريخيِّ هو توحيدُ الصفوفِ وبناءُ استراتيجيةٍ عربيةٍ متكاملةٍ، لأنَّ التشرذمَ اليومَ يعني الهزيمةَ المؤكدةَ، وغداً لن يكونَ للأحلامِ مكانٌ في واقعٍ شُوِّهَ بإرادةِ الغزاةِ.