facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




المواطن الامريكي هو السبب


السفير محمد الكايد
11-10-2025 12:22 PM

ينطلق الدعم الامريكي لاسرائيل من اعتبارات تاريخية ، دينية ، اجتماعية ، وسياسية. فمنذ نشأتها عام 1948 ، تمتعت اسرائيل بدعم غير مسبوق من الولايات المتحدة الامريكية على المستوى السياسي والعسكري والاقتصادي والدبلوماسي. وكان الدعم الامريكي ينبع من اعتبارات استراتيجية تتعلق بالحرب الباردة ومصالح الولايات المتحدة في المنطقة العربية وضرورة وجود رأس حربة لها في المنطقة. كذلك تجذر الدعم الأمريكي لاعتبارات سياسية ودينية داخلية في الولايات المتحدة كوجود اصوات انتخابية يهودية في بعض الولايات المهمة ، والتحالف القائم بين بعض الفئات الدينية المسيحية مع الحركة الصهيونية ونظرة التعاطف التي كان المجتمع الامريكي ينظر بها الى المحرقة اليهودية والهولوكوست .

كما كان للعمل اليهودي المنظم والمتمثل في اللوبي اليهودي دورا كبيرا في تقوية وتمتين العلاقة بين البلدين نظرا للنفوذ اليهودي الكبير في مؤسسات المال الامريكية والتحكم في وسائل الاعلام الرئيسية وتجيير هذا النفوذ في وقت الانتخابات. كذلك فقد كان للغياب العربي عن الساحة الامريكية وكذلك الخطاب العدائي الذي مارسته بعض الانظمة القومية العربية دورا في اعتماد الولايات المتحدة على السردية الاسرائيلية والموقف الاسرائيلي تجاه معظم القضايا التي تهم المنطقة وبالاخص النزاع العربي الاسرائيلي.

استمر هذا الدعم غير المسبوق عبر فترات واحداث عديدة شهدتها المنطقة. وزاد ترسخا بعد بروز الحركات الجهادية العربية واحداث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة والتي استطاعت اسرائيل من خلالها اقناع الولايات المتحدة بوجة النظر الاسرائيلية تجاه الأحداث وربط مصالح امريكا مع المصالح الاسرائيلية تجاه المنطقة بأسرها، الى درجة قيام الولايات المتحدة بشن الحروب على الدول او الجماعات التي تشعر اسرائيل بالخطر من وجودها . وقد ادى هذا الانحياز الامريكي إلى تكريس العداء الشعبي للولايات المتحدة ومصداقيتها تجاه كل ما يخص المنطقة بالرغم من بعض المواقف المنفردة التي اتخذتها الولايات المتحدة (رغم المعارضة الاسرائيلية) مثل بيع طائرات الاي واكس للسعودية ابان عهد الرئيس ريغان و منع اسرائيل من مهاجمة العراق خلال حرب الخليج الاولى ابان عهد الرئيس بوش الاب.

عند بداية احداث السابع من اكتوبر وهجوم حماس على اسرائيل ، كان الدعم الامريكي والدولي لاسرائيل في اوجه. واتخذت معظم الدول مواقف مؤيدية ومتعاطفة مع اسرائيل وخاصة الولايات المتحدة التي قام رئيسها بايدن بزيارة تضامنية الى اسرائيل ومدها بالأسلحة والامول التي لا تنضب لمواجهة تداعيات الحرب ، اضافة الى توفير غطاء سياسي واعلامي ودبلوماسي جعل اسرائيل تتمادي في جرائمها ووحشيتها ضد الفلسطينين لتنفيذ مخططاتها للتهجير العرقي والابادة الجماعية التي انتهجتها دون ان تجد من يوقفها.

مع تطور الاحداث في غزة وظهور صور الفظائع والمجازر التي ترتكبها اسرائيل هناك ، بدأت فترة اليقظة بالظهور لدى الشعوب الدولية والمواطن الامريكي بالذات. وبدأت كرة ثلج الاهتمام الشعبي الامريكي بالتدحرج نظرا الى هول الاحداث والمجازر التي ارتكبتها اسرائيل في غزة. وبدأت الرواية الاسرائيلة تفقد مصداقيتها على وسائل التواصل الاجتماعي ، وزاد التعاطف الشعبي الامريكي مع غزة رويدا رويدا متمثلا بمظاهرات شعبية ضد المجازر ، ومواقف معارضة للنهج الاسرائيلي يتم نشرها على وسائل الاتصال الاجتماعي . وانتقلت بعدها الاحتجاجات الى حرم الجامعات التي تضم الاجيال التي ستستلم مقاليد الحكم الامريكي في المستقبل. وبدأت استطلاعات الرأي تشير الى تحول ملحوظ لصالح اهل غزة وللقضية الفلسطينية بشكل عام. وتشير اخر استطلاعات الراي الى ان غالبية الشعب الامريكي بمعظم فئاته اصبح يعارض اسرائيل باغلبية ليست بسيطة . فقد اظهر استطلاع جالوب لشهر أيلول بان ٦٠ ٪؜ من الشعب الأمريكي يعارض العمليات العسكرية الاسرائيلية وهي نسبة ليست سهلة على الإطلاق ، وعلت المطالبات للحكومة الامريكية بقطع مساعداتها العسكرية لاسرائيل لوقف مجازرها ضد الاطفال والنساء ، ووقف هدم البنية التحتية والمستشفيات ، ومعارضة سياسة المجاعة التي تمارسها بمحو كل ما يخص الحياة هناك بوجود نظام رسمي عالمي يقف عاجزا عن ايصال المساعدات للشعب الفلسطيني.

مع مجيء الرئيس ترامب للحكم ، كان الراي العام الامريكي قد مال بشكل واضح ضد اسرائيل ولكنه لم يصل بعد إلى مؤسسات اتخاذ القرار في الحكومة والكونجرس. وقد حاول الرئيس ترامب الاستمرار في السياسة الامريكية التقليدية تجاه الاحداث عبر القيام ببعض الاجراءات ضد الحركات الداعمة للشعب الفلسطيني كتشديد القوانين الخاصة بمعاداة السامية وقطع التمويل عن الجهات والهيئات التي تسمح لمنتسبيها بالتعبير عن معارضتهم لاسرائيل . وحاول اظهار دعمة لاسرائيل عن طريق تشديد موقفه ضد حماس ،واعطائه الفرصة تلو الاخرى لنتنياهو لتنفيذ المهمة ،ورغبته في شراء غزة وتحويلها الى ريفيرا ، بالاضافة الى تهديداته المتكررة بفتح ابواب الجحيم على غزة وحماس .

ولكن نظرا لتعقيدات القضية وابعادها الاقليمية ، وموقف الدول العربية الرافضة للإبادة وسياسة التهجير العرقي وبالأخص موقف الأردن ومصر، والموقف الدولي الذي تمثل مؤخرا باعتراف بعض الدول الكبرى بدولة فلسطين ، وكذلك عجز اسرائيل عن انهاء المهمة بالقضاء على حماس وتحرير الرهائن ، واستمرار الرأي العام الامريكي في تأييده لفلسطين ، وتفسخ قاعدته الانتخابية مع قرب اجراء الانتخابات النصفية للكونجرس في شهر ١١ من العام القادم ، واحتمالية فقدان حزبه للأغلبية حيث تشير آخر الاستطلاعات إلى ان ٧٥ / من الجمهورين يدعون لوقف فوري لإطلاق النار ، وبالرغم من ان القضية الفلسطينية ليست العامل الوحيد والمؤثر في نتائج الانتخابات الأمريكية إلا أن الرئيس الامريكي قد وجد نفسه في موقف لا يخدم مصالحه السياسية والحزبية وحتى الشخصية مما سيكلفه الكثير. وغدت السياسة الاسرائيلية ورئيس وزرائها يشكلون عبئا سياسيا وانتخابيا على ادارته قد تؤدي إلى عودة الأغلبية للحزب الديمقراطي وما يحمله ذلك من تعطيل تشريعي للكثير من سياسات ترامب.

وقد اعطى تحول مواقف بعض اشد الداعمين لترامب مؤشرا مهما للادارة بان عدم انهاء المجازر في غزة ستكون كلفته عالية جدا عليه وعلى حزبة. ان تغير المواقف ل Tucker Carlsonالصحفي المشهور وتساؤلاته عن مدى سيطرة اسرائيل على مقاليد الامور في الولايات المتحدة وانتقاداته المتكررة إلى نتنياهو، وكذلك المؤثرة Candace owens التي تهاجم اسرائيل في كل منشوراتها ، وحتي النجم الصاعد Nick Fuentes الذي دعا الى مغادرة اليهود للولايات المتحدة. كما وتسود في الوقت الحالي تساؤلات لدى الرأي العام الأمريكي عن مدى تأثير وسيطرة اليهود الأمريكان ومن خلفهم اسرائيل على مقاليد السياسة الأمريكية مستذكرين الدور الاسرائيلي في الاعتداء على السفينة الامريكية ليبرتي والشكوك بدور اسرائيلي في اغتيال الرئيس كندي ودور اسرائيل في هجمات ١١ سبتمبر على مركز التجارة العالمي بالإضافة إلى توريط الولايات المتحدة بحروب إقليمية ليس لأمريكا فيها مصلحة عليا.

ان تحولات قادة الرأى العام في الحزب الجمهوري والذي يمثله هؤلاء وغيرهم ضد اسرائيل والنفوذ اليهودي كان بمثابة جرس الانذار لترمب وفريقه. ويمثل هذا التحول غير المسبوق في قاعدته الانتخابية حجر الرحى في قيامة بطرح مبادرته الغامضة التي تهدف الى انهاء القتل والدمار في غزة حتى يقتنع الناخب الامريكي بالجهود المخلصة التي يقوم بها لانهاء النزاع لكي لا يقوم بمعاقبته في الانتخابات المهمة القادمة. ومن هنا يمكن فهم قبوله السريع لرد حماس المبتور والذي لا يلبي كل شروط المبادرة حتى يتخلص من التبعات السياسيّة والشخصية لاستمرار النزاع. وبدا الرئيس ترامب في قبوله السريع برد حماس كالمنتظر الذي ينتظر اي جواب ليقول نعم. وجاء الرد السريع للرئيس ترامب على حماس بالرغم من التحفظات الاسرائيلية ليظهر حاجته الى التخلص السريع من هذا الملف الذي بدأ يؤثر علية شخصيا وعلى رئاسته الثانية والاخيرة. ولا شك ان هذا القبول من قبل ترامب يظهر ذكاءا وواقعية سياسية يظهر فيها مواكبته لاتجاهات الرأي العام الامريكي.

ومن هنا جاءت مبادرته الاخيرة لتخليص اسرائيل من عزلتها الدولية وعجزها عن القضاء على حماس وتحرير الرهائن بحيث يمكن اعتبار ان المبادرة الامريكية هي لتخليص اسرائيل من ورطتها التي اوجدت نفسها فيها وعجزها عن حسم الامور وبالتالي تخليص ادارة ترامب من اعباء هذه العلاقة. ومع استمرار ضغط الرأي العام الامريكي على ترامب فمن المتوقع ان تشهد علاقته مع انتنياهو مزيدا من التدهور وهو ما يمكن اعتباره مصلحة للفلسطينيين ولحماس. فمن الواضح ان علاقة ترامب مع نتنياهو ليس فيها الكثير من الود او الإعجاب، وان ترامب ينتقد نتنياهو بين الفنية والأخرى منذ ان تخلى نتنياهو عن عملية اغتيال قاسم سليماني لغاية تصريح ترامب الاخير الذي قال فيه ان اسرائيل لا تسطيع محاربة العالم ، ولولا المستشارين المحيطين بترامب والذي يتعاطف معظمهم مع إسرائيل لرأينا انتقادات اكثر حدة.

إذا نظرنا إلى المشهد كاملا فانه من مأمن القول ان مبادرة ترامب الخاصة بغزة قد جاءت كمصلحة شخصية وسياسية للرئيس الأمريكي وللولايات المتحدة وفق اعتبارات تتعلق برأب الصدع في قاعدته الانتخابية، الرغبة في الحصول على جائزة نوبل والتي فاتته هذا العام ، تكريس الاعتقاد بان ترامب هو رجل السلام العالمي وان امريكا قد غدت صانعة للسلام، الحرص على الاستثمارات العربية الموعودة والمحافظة على تعاملاته العائلية المستقبلية مع دول المنطقة، الضغط العربي والإسلامي وخاصة من قبل تركيا حسب ما صرح به شخصيا ، واخيراً فقد جاءت مبادرته ليس حبا في حماس ولكن لنفاذ صبره مع نتنياهو. فلا يغرنك قدومه المتوقع إلى اسرائيل وخطاب الكنيست والمجاملات التي ستسمعها وعبارات التأييد المتوقعة ، فخلف الأكمة ما خلفها.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :