facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأردن والفرص الضائعة


د. رلى الفرا الحروب
28-08-2007 03:00 AM

كعادته دوما كان جلالة الملك على تماس مباشر مع المشكلات الاستراتيجية للدولة الأردنية، تماما كما هو على تماس مباشر مع المشكلات اليومية المعاشة.

ترؤس جلالته بالأمس اجتماعا للجنة العليا لاستراتيجية الطاقة النووية يأتي رسالة بالغة الأهمية لحث الحكومة على بذل كافة الجهود الممكنة لوضع بدائل الطاقة النفطية موضع التنفيذ السريع والعاجل، خاصة في ظل استشعار جلالته الضغوط الهائلة التي يعانيها المواطن الأردني العادي، ناهيك عن الحكومة الأردنية.الحكومات الأردنية المتعاقبة تعاملت مع مسائل الطاقة والثروات المعدنية بكثير من التباطؤ فاليورانيوم مثلا مكتشف منذ تأسيس المملكة تقريبا، ومع ذلك فإننا لم نفكر في استغلاله إلا اليوم، وفكرة توليد الكهرباء وتحلية مياه البحر باستخدام الطاقة النووية مطبقة حول العالم منذ أكثر من ستين عاما، وسبقتنا إليها دول لا تقل فقرا عنا، ومع ذلك فإننا لم نفكر فيها إلا اليوم، واستخراج النفط من الصخر الزيتي مستخدم بكثافة في دول تماثلنا في فقرها النفطي حول العالم وأهمها الصين وبعض دول أوروبا الشرقية وأميركا اللاتينية ومع ذلك فإننا لم نتحرك، وبقيت دراساتنا حبيسة الأدراج تنتظر حكومة فاعلة لتنفيذها بعد أن تساقطت دعاوى انعدام الجدوى الاقتصادية مع ارتفاع أسعار النفط الهائلة وتطور تكنولوجيا استخراج النفط من الصخر الزيتي، وها هي حتى الولايات المتحدة الأمريكية تفكر في استخراج النفط من الصخر الزيتي رغم ثروتها الطائلة وغناها بمصادر النفط والطاقة المتعددة.

الطاقة الشمسية أيضا قصرنا في توظيفها رغم أننا بلد لا تغيب عنه الشمس بالفعل، واستخداماتنا الحالية للطاقة الشمسية على شحها ما زالت تتصف بالضعف وقلة الفاعلية، وهي بحاجة إلى بحوث علمية مكثفة تخصص من أجلها ميزانيات البحث العلمي في الجامعات والمؤسسات العلمية الأخرى لاستغلال هذا المصدر الطبيعي المجاني غير المعرض للنقص.

المواصلات مشكلة أخرى تسبب فيها ضعف التخطيط وقصر الرؤية الاستراتيجية بعيدة المدى، وها نحن اليوم ندفع ثمن ذلك مع تمدد العاصمة عمان وتضاعف حجم سكانها أضعافا مضاعفة ومع بقاء المحافظات بعيدة معزولة عن جسد العاصمة المركزية، ورغم كل نداءاتنا المتواصلة بضرورة إنشاء شبكات من السكك الحديدية المتكاملة التي تصل كافة أجزاء المملكة ببعضها بعضا، ثم تمتد بعد ذلك نحو دول مجاورة، ومطالباتنا باعتبارها أولوية في مخططات الحكومة، إلا أن شيئا لم يتحقق، مع أن جدواها الاقتصادية ممتازة، كما أنها تساهم في حل أزمة الطاقة لكل من المواطن والحكومة والقطاع الخاص، خاصة في ظل وجود هذا الكم من الزوار والسائحين والمقيمين في الأردن ، ولا نعرف ما الذي يعطل خط سكة حديد عمان – الزرقاء في حين أن جدواه الاقتصادية مثبتة عمليا، في ظل مغادرة عشرات الآلاف عمان إلى الزرقاء يوميا!

في مجال النقل الجوي ما زلنا مغلقين خائفين منعزلين، في حين ان الأردن ينبغي أن يكون مركزا للمنطقة بسبب موقعه الاستراتيجي الممتاز وعلاقاته السياسية المفتوحة مع الجميع، خاصة وأننا بوابة العراق، وحلقة وصل بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، ولكننا بدلا من تطبيق سياسة انفتاحية تنسجم مع سياسة الاقتصاد الحر والسوق المفتوح التي نطبقها حتى في المجالات الخطأ، اخترنا الاحتكار وأبقينا الملكية الأردنية كناقل شبه وحيد، وهو ما يرفع السعر ويقلل من التنافسية والجودة، خاصة بعد محاصرة الشركات الصغرى التي حاولت اقتحام هذا السوق.

الملكية الأردنية تربح اليوم، ولا داعي لهذا الخوف غير المبرر عليها، في الوقت الذي نقلل فيه فرص الاستثمار في هذا القطاع والتي تعني بدورها أسعارا أقل للتذاكر بالنسبة إلى المسافرين، وفرصا أكبر لتشغيل الأيدي العاملة من كافة التخصصات التطبيقية والمهنية والعلمية والنظرية ومصادر إضافية للدخل القومي.

لقد زار جلالة الملك مطارنا الدولي وطالب بتوحيد المرجعيات بعد ان اكتشف تعددها مما يتسبب في تعطيل الحركة وإعاقة المسافرين، وفي كل مرة كان جلالته يزور فيها المطار كان تقدم إيجابي يحدث في تنظيم العمل وزيادة كفاءة الموظفين وتقصير زمن المعاملات، وكان هذا كله ينعكس إيجابا على الاقتصاد بوجه عام، وليس على الشعور العام فحسب.

حتى المنطقة الإعلامية الحرة التي كان جلالة الملك عبد الله الثاني سباقا إلى طرحها كفكرة رائدة، تباطأت الحكومات الأردنية المتعاقبة في تنفيذها وإخراجها إلى حيز النور، حتى سبقتنا الإمارات ومصر وفازتا بغالبية الكعكة، وتقزمت الفكرة إلى أن باتت منطقة صغيرة معزولة لم ننجح في إقناع أحد باستثمارها باستثناء الشيخ صالح كامل، الذي باتت شركته الآن المرجعية الفنية والمالية لتلك المنطقة، وبدلا من تحقيق ثورة اتصالاتية معلوماتية ضخمة في الاردن تفتح سوق العمل أمام الكفاءات الأردنية في مجالات الإعلام وهندسة الاتصالات والحاسوب، تحولنا إلى محطة صغرى يستفيد منها بعض المستثمرين العرب، ومركز تدريب لتصدير الكفاءات إلى الخارج.

الأمر ذاته يتكرر مع الرؤية الملكية في تحولنا إلى مركز تكنولوجي للإقليم، أو هونج كونج المنطقة، وهو ما يعمل عليه جلالة الملك منذ سنوات ويبني من أجله شراكات استراتيجية مع شركات كبرى كالمايكروسوفت وسيسكو سيستمز، ولكننا لم نر ثمار تلك الجهود الملكية تترجم بالهمة ذاتها على مستوى الحكومات وبرامجها على المستويين القصير والمتوسط كما هي على مستوى الرؤية السياسية العليا والمدى البعيد.

أما الفرصة الأهم والتي تتفوق على كل ما سبق في جدواها المعنوية والتسويقية، والتي تنعكس إيجابا على كافة المناحي الاقتصادية الأخرى فهي فرصة تطبيق الديموقراطية الحقة وتحويل الأردن إلى نموذج ديموقراطي فعلي في المنطقة.

إسرائيل دولة الاحتلال والفصل العنصري وانعدام العدالة الاجتماعية ما تفتأ تروج نفسها باعتبارها الديموقراطية الوحيدة في المنطقة، وتنظّر حول ثقافة التسامح والحوار مع الآخر وتقبل الآخر وهي أبعد ما تكون عن تطبيقها داخليا ومع جيرانها، ومع ذلك فهي تستمد قوتها السياسية والأخلاقية داخليا وخارجيا من هذا الترويح وتلقى تعاطفا هائلا معها في الخارج بسبب تماثل نظامها السياسي مع النظم الديموقراطية المتقدمة في العالم، فلماذا تباطأنا حتى اللحظة عن تحويل الأردن إلى واحة حقيقية للديموقراطية في المنطقة؟ ولماذا تسبقنا لبنان مثلا مع أنها تحيا ظرفا سياسيا خاصا ومعقدا وقابلا للتفجر لا تشاركها فيه أي دولة عربية أخرى باستثناء العراق؟

الأردن دولة مستقرة ولا تعاني مما تعاني منه لبنان او العراق أو إسرائيل في تعدد الإثنيات أو الديانات وتحول ذلك التعدد إلى مصدر للاضطراب والنزاعات، فنحن مجتمع عالي التجانس ومتماسك رغم كل المقولات التي يحاول البعض ترويجها بعكس ذلك، و تعدده العرقي والديني المحدود مصدر قوة لا ضعف، بسبب سياسات متوازنة منذ بدء تشكيل الدولة، كما أن تعدد أصوله أتاح له قطف خيرة ثمار المنطقة المحيطة به، ونحن الدولة التي تتمتع بقيادة سياسية عليا تعد الأكثر تسامحا ومرونة بين قيادات المنطقة العربية المحيطة والمجاورة، كما أننا الدولة الأعلى في نسبة التعليم والتعليم العالي في المنطقة فلماذا لا نستثمر كل تلك الطاقات والعناصر لنكون الدولة النموذج؟!

تشجيع نظام ديموقراطي حقيقي في الأردن سينعكس إيجابا على الاقتصاد وتشجيع الاستثمار وسيقضي على الفساد والترهل في جسد الدولة، ويقلل من نسب الفقر التي ترتبط طرديا مع الفساد، وسيرفع من كفاءة الإدارة العامة، وسيعظم السياحة، ويعظم مكاسبنا في الحصول على منح وقروض وتسهيلات من أوروبا والولايات المتحدة الامريكية وباقي الدول المانحة، فالثقة في الحكومات المنتخبة والمجتمعات التي تتمتع بحيوية وحراك سياسي تقوده الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني أعلى ، فماذا ننتظر؟

..............................................................................
*الكاتبة استاذة جامعية ورئيسة تحرير الزميلة"الانباط" .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :