في سيرك الكنيست .. الكيانان واحد والتهريج زاد عن الوصف
صالح الراشد
14-10-2025 01:25 AM
اقتنعتُ بان الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي دولة واحدة وليس دولتين وأنهما لن تتخليان عن بعضهما البعض، اقتنعتُ بان القرار الذي يتم اتخاذه في واشنطن هو ذات القرار في تل الربيع المحتلة، اقتنعتُ بأن القيادات في الكيانين واحدة بعد أن تبادل ترامب ونتنياهو ولابيد رسالات الحب والإشادة في كلماتهم، وأكثروا من مديح بعضهم البعض حتى ظن المشاهدون أنهم يتابعون تسابق في القصائد الغرامية وليس خطاب رسمي أمام الكنيست، وللحق لم يكن خطاباً أو اجتماعاً بل سيرك أسوأ ما فيه اعتراف ترامب بأنه قدم أكثر الأسلحة فتكاً ودماراً للكيان، وقدم وعدين للكنيست بانه لن ينسى ولن يسمح باعادة سيناريو السابع من أكتوبر، واعترف بأنه حرك نتنياهو للتوسع واحتلال أراض الغير.
والتزم نتنياهو وترامب بالسلام والخطة الموضوعة بشرط أن يلتزم بها ترامب نفسه، وهذه رسالة واضحة بأن الخطة تخدم الكيان إذا مارس ترامب ضغوطات على الفلسطينيين وأنهما سيعلنان الحرب لكل من يشذ عن الاتفاق، ويشكل اتفاق الرجلين تغيير لحاضر غزة ورسم مستقبل مجهول للشرق الأوسط على وجه التحديد ومعلوم لترامب ونتنياهو لغزة، وفي ذات الوقت التزم ترامب بأمن الكيان ودعمه بشكل كامل وهذا يعني أن على أصدقاء ترامب مراجعة مواقفهم كونه شريك غير مأمون للعرب، ففي سيرك الكنيست ظهر ترامب كمن يلاعب القرود ويلقي أليهم الموز ليصفقوا، ولعب في لحظات دور المهرج لإضحاك الحضور ونجح بالفعل بذلك عدا عضوي الكنيست أيمن عودة وعوفر كسيف وتم طردهما من القاعة.
ونال رئيس الولايات المتحدة مديحاً وتصفيقاً في الكنيست الإسرائيلي لم يحصل عليه في واشنطن، وتعاملوا معه على أنه صانع الحاضر والمستقبل للكيان ومن أعاد الأسرى الإسرائيليين عند حماس ومن هزم إيران وبرنامجها النووي، ليردد نتنياهو عشرات المرات المديح لترامب وكأن الكلمات تخرج من قلبه وليس فقط من على لسانه: "ترامب صديقنا العزيز وأكثر من خدم اسرائيل من بين الذين تواجدوا في البيت الأبيض،"، واستشهد نتنياهو عشرات المرات بكلمات من التوارة خلال كلمته في الكنيست أمام ترامب، وعلى ذات الطريق سار لابيد زعيم المعارضة وزاد من المديح والاستشهاد بالتوراة، وبالذات "من انقذ حياة كأنه انقذ الناس جميعا"، وأن ترامب انقد الأسرى من موت محقق، واستشهد بالتوراة "وأنّ الله قد وعدهم بأرض كنعان وانهم هنا ليبقوا ولن يغادروا"، وظهر دور العلماء والخبراء والأبحاث والشراكات الاستراتيجية في الكيان حيث أشاد بهم لابيد بطريقة كبيرة.
الثلاثي الذين خاطبوا الكنيست ركزوا على السلام وأن فلسطين المحتلة أرض مقدسة وأرض سلام وأن الحرب قد وضعت أوزارها، وأن القادم هو عصر التناغم بين الكيان ودول الشرق الأوسط، بل وصل الأمر في ترامب وخلال سيرك الجنون أن يمنح نتنياهو صكوك الغفران على كل جرائمه وقتله للأطفال والنساء حين وصف عمله في غزة بالممتاز، وظهر تركيز ترامب ونتنياهو على اتفاقية إبراهيم والترويج لها على أنها الحل الأمثل للصراع الديني في المنطقة، بعد أن تم قتل القادة الذين قادوا الحروب ضد الكيان.
نتنياهو ولابيد وترامب اعتمدوا في مخاطبتهم للكنيست والضيوف ولمن يشاهدون القنوات الفضائية على رواية القصص والحكايات، بغية تمرير كذبهم في رواية كذب ما بعد الحقيقة، والغريب في خطابات الثلاثي أنهم تحدثوا عن خروج أسرى الكيان ولم يتطرق أي منهم في كلماتهم عن خروج الأسرى الفلسطينيين من مراكز الاعتقالات والتعذيب النازية، وعن الوحشية التي مارسها الإسرائيليين بأسلوب تفوقوا فيه على النازيين والفاشيين، لقد ظهر تحيز ترامب وانجذابه الإسرائيليين بافتخار بأن إبنته بدلت دينها المسيحي وأصبحت يهودية، ليكون السيرك في الكنيست الأبشع في مخرجاته بالنسبة للعرب والأفضل للكيان مما يُظهر قدرة الكيان في السيطرة على الجمهور الموالي والمحايد وزراعة الشك في قلوب المتشككين.
آخر الكلام:
رئيس الكنيست أمير أوحانا قدم درساً في فن السيطرة على عقول المتلقين خلال تقديمه ترامب ووفده المرافق ونتنياهو وقيادة جيش الاحتلال في الكنيست، درس إعلامي كبير في فن صناعة الرأي العام.