facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تآكل معايير التميز وتراجع جودة مخرجات شركات الاستشارات الكبرى


مجد جلال عباسي
14-10-2025 02:03 AM

في وقت تتطلب فيه التحولات المؤسسية في القطاع العام دقة ونزاهة وذكاء سياقي، تواجه صناعة الاستشارات – وعلى رأسها الشركات الاستشارية ذات الأسماء العالمية– أزمة متنامية في المصداقية. فبعد أن كانت مرادفًا للصرامة والبصيرة الاستراتيجية، أصبحت هذه الشركات تُنتقد بشكل متزايد بسبب تقديم مخرجات سطحية، مكررة، وغالبًا غير ملائمة لاحتياجات المؤسسات.

نموذج توظيف قائم على التكلفة لا الكفاءة
من أبرز المظاهر المثيرة للقلق اعتماد هذه الشركات المفرط على مستشارين مبتدئين ممن لديهم خبرة محدودة وفهم ضئيل لتعقيدات القطاع العام. ورغم أن التنقل العالمي للخبرات يمثل قيمة مضافة عند إدارته بشكل أخلاقي واستراتيجي، إلا أن النموذج الحالي يفضل الكفاءة المالية على حساب الكفاءة المهنية. يُكلف هؤلاء المستشارون بإعداد أطر وسياسات واستراتيجيات تحول تتطلب حكمًا ناضجًا وفهمًا ثقافيًا عميقًا، دون إشراف كافٍ أو تمكين حقيقي.

والنتيجة؟ مخرجات ضعيفة تقنيًا، غير ملائمة ثقافيًا، ولا ترتبط بالواقع التشغيلي للمؤسسات.

شركاء يركزون على الإيرادات لا الأثر
على مستوى القيادة، أصبح العديد من الشركاء منفصلين عن جوهر المشاريع الفني والاستراتيجي. يقتصر تدخلهم غالبًا على مرحلتين: عرض البيع، واستلام الدفعة النهائية. وبين هاتين المرحلتين، يُترك العميل في مواجهة فرق مبتدئة، وقوالب جاهزة، ووعود غامضة. هذا النهج التجاري يُقوض جوهر الاستشارة – أي تقديم المشورة الموثوقة المبنية على التفاعل العميق.

لقد تحوّل دور الشريك، الذي كان يومًا رمزًا للريادة الفكرية، إلى مجرد نقطة عبور مالية.

تقارير مكررة ومحتوى مولّد بالذكاء الاصطناعي
من الممارسات المقلقة أيضًا إعادة استخدام التقارير بين العملاء بشكل شبه اعتيادي. تُعاد صياغة الأطر ولوحات القياس والتوصيات الاستراتيجية مع تعديلات طفيفة، مما يُظهر عدم احترام لخصوصية كل مؤسسة وتحدياتها. وقد ساهم الاستخدام غير المنضبط لأدوات الذكاء الاصطناعي في تفاقم هذه المشكلة. فبدلاً من تعزيز الإنتاجية، أدى إلى تقارير عامة، مليئة بالأخطاء، وتفتقر إلى العمق الاستراتيجي.

يتلقى العملاء تقارير تبدو وكأنها مقتطفات من موسوعات إلكترونية – بلا بصيرة، بلا سياق، وبلا تعاطف مؤسسي.

تراجع الخبرة الفنية حتى على مستوى الشركاء
حتى الشركاء الكبار، الذين كانوا يُعتبرون خبراء تقنيين، باتوا عاجزين عن تذكر آخر مرة شاركوا فيها فعليًا في تصميم مشروع. لقد تم تفريغ جوهر المهنة الاستشارية، واستُبدلت بمؤشرات البيع، ونسب الاستخدام، والسياسات الداخلية. هذا الانفصال خلق فراغًا سمح بانتشار عدم الكفاءة، ودفع المؤسسات ثمنه – ماليًا وعمليًا وسمعويًا.

دعوة للإصلاح والمساءلة
على صناعة الاستشارات أن تواجه هذا الانحدار الأخلاقي والمهني. المؤسسات العامة تستحق أكثر من عروض تقديمية مكررة وورش عمل يقودها مبتدئون. ما تحتاجه فعليًا هو:
• مشاركة فعلية من الشركاء طوال دورة حياة المشروع.
• مخرجات مخصصة، ثنائية اللغة تعكس الواقع المؤسسي.
• نماذج توظيف شفافة تضع الكفاءة قبل الربحية.
• ضمان جودة صارم يتجاوز التدقيق اللغوي والتنسيق الشكلي.

ما لم يتم ترسيخ هذه الإصلاحات، ستكون صناعة الاستشارات ملاذا لغير الأكفاء كما هي الان – حيث يُضحى بالتميز على مذبح السرعة والربح.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :