الملك في مقابلة مع BBC: لا سلام ولا استقرار دون دولة فلسطينية
المهندس مازن الفرا
14-10-2025 11:22 PM
في مقابلة شاملة مع قناة BBC البريطانية، قدّم جلالة الملك عبدالله الثاني رؤية شاملة وصريحة لمستقبل المنطقة، محذرًا من المخاطر التي تواجه الشرق الأوسط في ظل غياب حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، ومؤكدًا أن قيام دولة فلسطينية مستقلة هو الشرط الجوهري لتحقيق السلام والاستقرار.
تحذير من مستقبل غامض للمنطقة
أطلق جلالته تحذيرًا واضحًا من أن الشرق الأوسط يسير نحو المجهول إذا استمرت الأزمة الفلسطينية دون حل.
وأوضح أن ما يحدث اليوم في غزة والضفة الغربية ليس مجرد نزاع محلي، بل أزمة تهدد استقرار الإقليم والعالم بأسره.
وقال: “إذا لم نحل هذه المشكلة، فسنعود إليها مرارًا وتكرارًا، والنتيجة ستكون كارثية على الجميع.”
وأشار إلى أن استمرار الأوضاع الحالية قد يقود إلى تطرف أكبر، وهجرة جماعية، وانعدام للأمن الإقليمي.
الدولة الفلسطينية… الحل الوحيد الممكن
أكد جلالة الملك عبدالله أن قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية هو الحل الواقعي والوحيد القابل للحياة.
وشدد على أن أي بدائل أخرى مثل “إدارة غزة بمعزل عن الضفة” أو “الترتيبات الأمنية المؤقتة” ليست حلولًا بل تأجيلٌ للأزمة.
وأوضح أن الأردن سيبقى ثابتًا في دعمه للفلسطينيين في مساعيهم لنيل حقوقهم المشروعة، معتبرًا أن السلام لا يمكن أن يكون على حساب العدالة.
الأوضاع في غزة… مأساة إنسانية تتطلب موقفًا عالميًا
وصف جلالته حفظه الله ما حدث في قطاع غزة بأنه كارثة إنسانية غير مسبوقة، مشيرًا إلى أن المدنيين يدفعون الثمن الأكبر من هذه الحرب.
وأوضح أن الحل العسكري لا يمكن أن يحقق الأمن لأي طرف، بل يزيد المعاناة ويولّد أجيالًا جديدة من الغضب والكراهية.
ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار، وفتح ممرات إنسانية دائمة، وتهيئة الظروف لبدء عملية سياسية شاملة تعيد الأمل للشعب الفلسطيني.
المجتمع الدولي ومسؤولية القوى الكبرى
شدّد جلالة الملك عبدالله على أن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية كبرى في وقف دوامة العنف، خصوصًا الدول المؤثرة مثل الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وروسيا.
وأكد أن استمرار الصراع من دون تدخل جاد سيقوّض الاستقرار الإقليمي ويؤثر على المصالح الدولية في المنطقة.
كما دعا إلى أن لا يقتصر الاهتمام العالمي على وقف الحرب فحسب، بل إلى إطلاق عملية سياسية حقيقية تضمن عدم تكرار المأساة.
العلاقة مع إسرائيل وموقف جلالته من القيادة الحالية
عبّر جلالة الملك عن عدم ثقته ببعض القيادات الإسرائيلية الحالية، وخصوصًا تلك التي تعارض حل الدولتين أو تشجع على التوسع الاستيطاني.
وقال إن السلام لا يمكن أن يبنى مع قادة لا يؤمنون بالمساواة والكرامة، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى وجود أطراف إسرائيلية مؤمنة بالسلام يمكن العمل معها.
وأكد أن الأردن سيواصل التنسيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين للحفاظ على الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس، وضمان عدم المساس بها.
رسالة أمل رغم التحديات
اختتم جلالته المقابلة برسالة إنسانية وأخلاقية، مؤكدًا أن الأمل لا يمكن أن يولد من تحت ركام الحروب، وأن مستقبل الشرق الأوسط يجب أن يُبنى على العدالة والكرامة، لا على القوة والعنف.
وقال: “المستقبل لا يُبنى إلا على السلام والكرامة. لا يمكننا أن نعيش في ظل الخوف والحقد إلى الأبد.”
خلاصة الرؤية الملكية الحكيمة
المقابلة أكدت بوضوح أن جلالة الملك عبدالله الثاني ما يزال من أكثر الأصوات اتزانًا وواقعية في المنطقة، وأنه يدعو إلى سلام عادل لا يُقصي أحدًا، ويرفض أي حلول مجتزأة أو مؤقتة.
رؤيته تقوم على ثلاث ركائز أساسية:
1. قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.
2. وقف الحرب والانتقال إلى أفق سياسي شامل.
3. تحمّل المجتمع الدولي لمسؤولياته في حماية المدنيين ودعم العدالة.