facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأردن كنموذج لدولة قائمة على فكرة: نحو مشروع وطني يمكن تصديره


د. بركات النمر العبادي
26-10-2025 11:45 AM

"الدولة التي بُنيت على فكرة " رؤية أردنية لنهضة قائمة على الاعتدال والاستقرار

في عالمٍ يتقلّب على نار الجغرافيا والموارد ، تُولد بعض الدول لا من رحم القوة ، بل من رحم الفكرة ، تُبنى ببطء ، بهدوء ، بحكمة ، وكأنها تكتب قدرها بسطرٍ رزين وسط فوضى الصخب ، والأردن، هذا الكيان الذي وُلد بين رمال الصراع وحدود الطموحات الكبرى ، لم يكن كغيره دولة نبتت من انتصار عسكري أو وفرة نفطية ، بل دولة تَشكَّلت من فن الممكن السياسي ، ورجاحة الاتزان، وصلابة الاعتدال.
لقد علَّمتنا الجغرافيا أن الدول التي تُقام على فكرة ، تعيش أطول من تلك التي تقوم على الانفعال ، والأردن ، في قلب العواصف ، ظلّ كالسفينة الصغيرة التي تقودها بوصلة ، لا ريح ، لم يتكئ على ثقل السلاح ، بل على رأسمال الثقة ، وحكمة التوازن ، وشرف الدور الوسيط.

في هذا الزمن العربي المضطرب ، حيث يُقصي البعض بعضه ، ويتنازع الخطاب ما بين الغلوّ والانكفاء ، يُطل الأردن بمساره الخاص ، مشروعًا ناعمًا وممكنًا لدولة تُعيد تعريف القوة : قوة الاستقرار ، لا القمع... قوة الشرعية ، لا الاستعراض... وقوة الرسالة ، لا الامتداد.
إنها ليست دعوة للتأمل فقط، بل طرح لرؤية: كيف يمكن لدولةٍ صغيرة المساحة ، محدودة الموارد ، أن تبني نموذجًا كبيرًا في قيمته ، عميقًا في أثره ، وأن تُعيد تعريف معنى "الدولة الفكرة" في عصر تتراجع فيه المعاني.

و في زمن تتنازع فيه الأمم على الأرض والثروات ، تقف بعض الدول على عتبة مختلفة : دول لم تُبنَ على مناجم الذهب أو سواحل النفط ، بل على فكرة ، والفكرة — حين تكون واضحة ، عادلة ، قابلة للعيش — تتحول إلى وطن ، ثم إلى رسالة ، ثم إلى نفوذ.

هكذا ولدت الولايات المتحدة ، لا كإمبراطورية غازية ، بل كمشروع يحمل وعدًا للبشرية ، كما انه ليست كل الدول تُبنى على الفتح أو الثروة أو الغلبة ، ثمة دول نادرة لا يُولد مجدها من انفجار في الجغرافيا ، ولا من طفرة في التاريخ ، بل من فكرة... فكرة تبدأ همسًا في وجدان شعب ، ثم تُصبح صوتًا في وجدان أمة ، ثم تتحول إلى مشروع قابل للعيش ، والبقاء ، والتأثير.

هكذا يمكن للأردن أن يُقرأ: دولة لم تُؤسَّس على فائض الثروات ، ولا على امتداد السلاح ، بل على هندسة دقيقة لتوازن داخلي هش ، استحال مع الزمن إلى نموذج للاستقرار المحكوم بالعقل والشرعية والتماسك.

وفي زمن يُستهلك فيه الخطاب المتطرف ويُستنزف فيه صوت الحكمة ، يبرز الأردن كدولة تعرف كيف تكون هادئة دون أن تكون ضعيفة ، وكيف تُراكم التأثير من غير أن تفرضه.

هي ليست دعوة إلى تمجيد اللحظة ، بل نداء إلى تحويل التجربة الأردنية إلى مشروع فكري–سياسي متكامل ، يُجسّد أن العالم العربي لا يزال قادرًا على إنتاج نماذج عقلانية ، متوازنة ، قابلة للتصدير، وقادرة على الإقناع.

الأردن كحالة استراتيجية قابلة للتصدير//الفرضية الاستراتيجية: لأردن يمتلك مقومات دولة نموذجية إذا ما بُني مشروعه الوطني على فكرة مركزية واضحة، تجمع بين:

• الهوية الوطنية
• الاستقرار السياسي
• الاعتدال الفكري
• الدور الوسيط في الإقليم
• الشرعية التاريخية

٢. مضمون الفكرة الأردنية : "الأردن هو الدولة التي تُظهر أن الاعتدال يمكن أن يكون قوة ، وأن التعدد يمكن أن يُبنى عليه وطن ، وأن القيادة الهادئة أكثر أثرًا من الخطاب العالي." وفكرة الأردن يمكن صياغتها بثلاثة محاور:

• مواطنة بلا محاصصة
• هوية بلا إقصاء
• دولة بلا تطرف ولا فوضى

3- لتحولات المطلوبة لاستثمار الفكرة:
أ. داخليًا:
• تطوير المناهج لتُعزّز "الرواية الأردنية الوطنية".
• إصلاح تدريجي سياسي – إداري - يُعيد تشكيل العقد الاجتماعي.
• تنمية اقتصادية قائمة على الريادة والعدالة والتكنولوجيا.
ب. خارجيًا:
• إطلاق مؤسسات فكرية – دبلوماسية ، تُروّج للفكرة الأردنية (معاهد، منتديات، مراكز أبحاث).
• دور أردني ريادي في الوساطة الإقليمية.
• تسويق الأردن كبيئة مستقرة للاستثمار والفكر والمبادرة.
4- الأدوات اللازمة:

التعليم / إصلاح المناهج، إنشاء أكاديميات قيادية، تعزيز التفكير النقدي .
الاعلام / حملة سردية وطنية لتعزيز الصورة الذهنية داخليًا وخارجيًا .
الاقتصاد / مشاريع ريادة أعمال ، جذب استثمارات نوعية ، مناطق اقتصادية ذكية.
العلاقات الدولية / دبلوماسية نشطة متعددة الاتجاهات ، مع تأكيد الدور العربي والدولي الوسيط .
الأردن لا يسعى لأن يكون "أمريكا الشرق"، بل أن يكون نفسه : دولة ذات رسالة ، نموذجًا عربيًا يتحدث لغة العصر دون أن يتخلى عن جذوره ، الفكرة الأردنية ليست تصدير للقوة ، بل تصدير الأمل ، والاعتدال ، والتوازن ، وإذا كانت أمريكا قد بُنيت على حلم ، فالأردن قادر أن يُبنى على رؤية ، رؤية تصنع من التعدد ثراء ، ومن الجغرافيا فرصة ، ومن القيادة مشروعًا حضاريًا قابلًا للتصدير وفكرة تحتذى .

حمى الله الاردن وسددعلى طريق الخير خطى قيادته وشعبه





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :