facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حكومتنا .. هل البداية من دائرة الأراضي؟!


محمود الدباس - أبو الليث
28-10-2025 12:23 PM

* حين تبدأ النهضة من تحت الأختام..

دائرة الأراضي ليست مجرد مؤسسة تُعنى ببيع وشراء العقارات.. أو تسجيلها.. بل هي في جوهرها ذاكرة الوطن المادية.. وسِجلّه الذي لا يصدأ.. فهي تحفظ حدود الأرض.. كما تحفظ حدود السيادة.. وتوثّق الملكيات.. كما توثّق شرعية الحق..

ثم إن دائرة الأراضي تؤدي وظيفة سيادية بامتياز.. لأنها تمسك بخرائط الوطن.. وتضبط ملكيات الدولة وأوقافها.. وأملاكها الأميرية.. فكل شبر في الأرض الأردنية يمر من تحت أعينها.. وكل نزاع على الحدود.. أو الأملاك العامة يعود إليها للفصل فيه..

حين نتحدث عن دائرة الأراضي والمساحة.. فنحن لا نتحدث عن دائرة إدارية فحسب.. بل عن مؤسسةٍ تحفظ التاريخ.. وتصون الحاضر.. وتؤسس للمستقبل.. فهي بيت الحقّ حين يضيع بين الورق والبيروقراطية.. وهي شاهدٌ صامتٌ على تطور الدولة الأردنية منذ نشأتها.. بل يمكن القول إن كل مترٍ من هذا الوطن.. مرّ يوماً عبر أقلام موظفيها.. وختم أختامها..

هذه الدائرة التي تتعامل مع مئات الملايين.. وتحمل على عاتقها توثيق حقوق الناس.. لا تزال تعمل بإمكاناتٍ محدودة.. وبموازناتٍ لا تليق بحجمها.. ولا بعبء مسؤولياتها.. ومع ذلك.. تواصل أداءها في ظل ضغط المراجعين.. وضيق المساحات.. وازدحام العاصمة.. حتى جاء التفكير بانتقالها إلى أطراف عمان.. لا هروباً من القلب.. بل لتوسيع نبضه.. وتسهيل الحياة على الناس.. فتم استملاك أرض على شارع الأردن.. إلا ان ضيق حال الدائرة.. لم يمكنها من إنشاء مبنى يليق بما لديها.. وبالمراجعين..

ولأننا نكتب بضمير الشاهد.. لا السامع.. فقد كانت زيارة ملتقى النخبة-elite إلى دائرة الأراضي.. جزءاً من واجب التثبّت.. لا المجاملة.. فوجدنا بين أروقتها.. ما يعيد الثقة بمؤسسات الدولة.. حين التقيْنا بمديرها عطوفة المهندس خلدون الخالدي.. الذي لم يكن غريباً عن المكان.. بل ابن الدار.. وسليل خبرتها الطويلة.. رجلٌ جمع بين التجربة والهدوء.. وبين الحزم والإدراك.. وبحضور ومشاركة من رئيس قسم المعالجة المركزية.. والموظف المخضرم.. السيد عامر الحياصات..

في حديث الخالدي.. لم يتوارَ خلف الأرقام.. أو التبريرات.. بل تحدث بلغةٍ يعرفها أبناء الميدان.. لا لغة المكاتب.. فكان صادقاً في إقراره بوجود قصورٍ هنا.. أو بطءٍ هناك.. وواضحاً في كشفه عن الجهود التي تُبذل لتصويبها.. سواء عبر تطوير الأنظمة الإلكترونية.. أو من خلال إعادة هندسة الإجراءات.. بالتعاون مع وزارة الاقتصاد الرقمي..

ولعل الأهم في حديثه.. أنه لم يُخفِ وجود بعض القضايا التي تلامس الفساد.. أو التقصير.. ولم يحاول تبريرها.. بل أشار إلى أن التحوّل الإلكتروني في تقييم الأراضي.. وتقدير الرسوم خفّف كثيراً من مساحات العبث.. التي كانت تشكل ثغراتٍ في السابق.. وهذا بحد ذاته إصلاحٌ صامت.. لكنه فعّال..

ومن اللافت أن الخالدي لم يسعَ إلى تزيين إنجازاته حتى لو كان شريكاً اصيلا فيها.. أو احتكار الفضل لنفسه.. بل كان عرفانُه واضحاً لكل من سبقه.. وهذه سِمة المسؤول الذي يعمل ليبني.. لا ليُذكر.. فالمنجز الحقيقي لا يصرخ.. بل يُرى..

وحين نسمع منه عن خطط لتوحيد أنظمة المعلومات الجغرافية.. ووضع الوقوعات في الصفحة الأولى من القوشان.. وتثبيته لبعض الموظفين في أماكنهم.. رغم مخالفتهم له.. وعدم رضائهم عليه.. ندرك أننا أمام رؤيةٍ تُدرك التفاصيل الصغيرة.. التي تصنع الفرق الكبير..

إن تعيين مثل هذا الرجل في موقعه.. ليس مجرد قرار إداري.. بل هو إشارة سياسية ومعنوية.. بأن الحكومة بدأت تلتفت نحو مبدأ.. الرجل المناسب في المكان المناسب.. وأن دائرة الأراضي تستحق أن تُعامل كمؤسسةٍ سيادية.. لا دائرة خدمية عادية.. لأن ما فيها من بياناتٍ وخرائط وأرقام.. هو جزء من أمن الوطن الاقتصادي.. والاجتماعي.. والسيادي..

من هنا.. فإن السؤال الأعمق الذي يجب أن يُطرح في كل مؤسسة.. ووزارة.. وهيئة هو.. لماذا لا يُعمَّم هذا النموذج؟!.. ولماذا تبقى الكفاءة الاستثناء.. لا القاعدة؟!.. إن أردنا فعلاً أن نعيد الثقة بين المواطن والدولة.. فعلينا أن نُكثر من أمثال الخالدي.. لا أن نتركهم محاطين بالعجز المالي.. وضيق الإمكان.. أو حتى المحاربة والتهميش.. فالأوطان تُبنى برجالٍ يملكون المعرفة والضمير.. لا بالقرارات العاجلة.. والولاءات العابرة..

نعم.. ربما كانت البداية من هنا.. من دائرةٍ تجمع في أدراجها ذاكرة الوطن وثقة المواطن.. فحين تكون الأرض بخير.. يكون كل شيء بعدها ممكناً..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :