نظرية الفوضى تتلوى على حجر من صوان الوطن * محمد جمال الرفوع
26-08-2011 04:02 AM
ينغمس منظرون للتيارات الحركية في الأردن بانتهاج نسق يقوم بتحديد نقطة وصول آمنة تسبقها حالة فوضى بعد تحريك الثابت كمبدأ يزين فأس التغيير خاصتهم.
وحقيقة فإن نظرية الفوضى التي تعقب تغيير أو انهيار نظام ما، لا تؤتي أكلها دائما، إنما هي خطرة وقد تجلب الحروب والنزاعات والانحدار الاجتماعي.
أظن أن هؤلاء يفترضون أن خلق البيئة الحزبية لا يتأتى إلا من خلال المرور بمرحلة فوضى سياسية واجتماعية عامة، وهي المرحلة التي تلحق بتغيير أي شيء ثابت، حيث يقدرون أن هذه المرحلة المشبعة بالاقتتال والنزاع والفراغ السياسي من شأنها خلق أجواء لتشكيل تحالفات على أسس مختلفة منها سياسية أو إقليمية أو دينية أو مذهبية، وأن هذا الاختلاط الفوضوي وحده سيقود الجماهير لإفراز حياة سياسية جديدة ترضي جميع المكونات.
هذه النظرة الصارخة لحملة فكر الفوضى تخلو من الحكمة والدقة والموضوعية، فحالة الفوضى التي يأملونها تحتاج لمعطيات غير موجودة إطلاقا في الأردن، فمن موجبات خلق الفوضى وجود رأي عام متوحد في اتجاه ما، وممارسة السلطة ضغطا يعادل قصفا أو حربا على طبقات وشرائح واسعة من الشعب والتنكيل فيها، وتراجع في الحياة الفكرية عموما، وأمور أخرى، إذا هو محض عبث التفكير بفوضى الحياة في الأردن مدخلا للاستقرار لفقد مقومات التطبيق أو انعدامها.
فرأس النظام السياسي في الأردن ممثل بالملك عبدالله الثاني يفرز أنقى وأصفى تجلياته حيال تعاطيه مع الشعب، فجلالته قائد عملية الإصلاح وحارسها الأمين، من جانب ومن جانب آخر هو أقرب للناس من بعضهم البعض فإن فاتت قرية أو مدينة ما الأخذ بيد أسرة أو فرد تجد عبدالله الثاني عنده، حتى اليتيم إن لم يجد اليد الحنونة يتحدث في الإذاعة فيجد عبدالله الثاني عنده، كذلك المظلوم دائما يجد عبدالله الثاني بجانبه، لذلك تنتفي كليا أية مؤشرات تصلح لغرس مثل هذه النظريات في الأردن.
وعلى ذات الخط المستقيم الذي يربط الحاكم بشعبه، فإن الأردن يمتاز بخصوصية اجتماعية بسبب المكون العشائري والإقليمي والإرهاصات التي رافقت آخر مرحلة فوضى في البلاد والتي من شأنها فقء عين حملة مظلة الفوضى، فلا أحد ينضوي بجنباتهم سوى حامل فأس لثأر شخصي لا تأخذه رابطة ولا ذمة في دحر الأردن إلى قاع الحضارة، وهذا ما لن ينجحوا في تحقيقه.
وعلى غير العادة فإن الاستمرار في تغيير الحكومات في الاردن لم يمنع القاع من التذمر وذلك بسبب التأثر بالمشاهد السياسية المحيطة، زيادة على تفشي رائحة الطبقية العفنة في الآونة الأخيرة.
إلا أن ذلك ليس متكأ لفوضى الطرح ونمط التفكير في التغيير، ففرصة وجود حاكم بمواصفات جلالة الملك عبدالله الثاني ينحاز للمواطن ويدحر أسباب الفساد تغني عن تأبط الفوضى أداة للفرم والتخلص من الطبقة اللصوصية إلا لمن لديهم مخططا حيك بليل.
ومع أن من يدعي أن حالة الفوضى هي في صميمها عملية منظمة إلا أن ذلك تظريا أما على أرض الواقع فهي تجافي التطبيق والإسقاط.