facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




السفير الأمريكي الجديد .. رسالة اقتصادية بلِحية سياسية غير مسبوقةً


السفير الدكتور موفق العجلوني
06-11-2025 01:54 AM

منذ عقود والعلاقات الأردنية–الأميركية تُعد من أكثر العلاقات ثباتاً في المنطقة، تتنقّل بسلاسة بين السياسة والأمن والاقتصاد، وتعتمد على قناعة متبادلة بأن استقرار الأردن مصلحة أميركية عليا. فمنذ توقيع اتفاقية التجارة الحرة قبل نحو خمسةٍ وعشرين عاماً، ارتكزت العلاقة على مفهوم «الشراكة المستدامة» أكثر من «المساعدات»، ما جعل الاقتصاد حجر الزاوية في

تعيين السفير الأميركي الجديد في الأردن جيم هولتسنايدر (Jim Holtsnider) لم يكن خطوة بروتوكولية عادية. فالرجل يحمل خلفية سياسية–عسكرية قوية، خدم في مناطق شديدة الحساسية مثل العراق وأفغانستان وتونس والصومال، وعمل نائباً لرئيس البعثة في الكويت. هذه الخبرات تعكس طبيعة الاختيار الأميركي: سفير ميداني، ملمّ بتوازن الأمن والسياسة، لكنه يحمل أيضاً تفويضاً اقتصادياً واضحاً.

مظهره الخارجي – بلحيته الطويلة التي لفتت الأنظار منذ وصوله إلى الاردن – يعكس شخصية غير تقليدية في الدبلوماسية الأميركية. فهو أقرب إلى النمط العملي، يميل إلى الانخراط المباشر لا إلى الاكتفاء بالرمزية البروتوكولية. ومن هنا يُقرأ ظهوره الأول في مشهد اقتصادي بامتياز.

اللقاء الأول... لماذا وزير الصناعة تحديداً؟
في أول تحرك علني له منذ تسلمه مهامه، اختار السفير هولتسنايدر أن يلتقي وزير الصناعة والتجارة والتموين المهندس يعرب القضاة، لا وزير الخارجية أو وزير التخطيط أو حتى مسؤولاً أمنياً. هذه الدلالة ليست عابرة، بل تُظهر توجهاً أميركياً واضحاً نحو إعادة تفعيل البُعد الاقتصادي في العلاقات الثنائية، في ظل عالم مضطرب يحتاج إلى تحالفات اقتصادية بقدر ما يحتاج إلى أمنية.

خلال اللقاء، في وزارة الصناعة و التجارة و التموين ، ركّز الجانبان على تطوير الاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، والتي مضى على دخولها حيّز التنفيذ نحو 25 عاماً، وأسهمت في رفع الصادرات الأردنية إلى السوق الأميركية لتبلغ 3.12 مليار دولار في عام 2024 مقابل واردات قيمتها 1.88 مليار دولار.

هذه الأرقام، رغم إيجابيتها، ما تزال تعكس اختلالاً نسبياً في الميزان التجاري يمكن تطويره عبر دعم المنتجات الأردنية عالية القيمة المضافة وتشجيع الاستثمار الصناعي الأميركي في المناطق التنموية.

من الواضح أن السفير الجديد جاء بمقاربة مختلفة تقوم على الاقتصاد كأداة نفوذ ناعمة. فبدلاً من الاكتفاء بملفات المساعدات أو الشؤون الإقليمية، بدأ من وزارة الصناعة ليرسل إشارة بأن واشنطن ترى في «رؤية التحديث الاقتصادي» التي أطلقها الأردن إطاراً يمكن البناء عليه لدعم الاستقرار والتنمية.

الحديث عن الفرص التجارية، والتسويق للسلع الأردنية في السوق الأميركي، يشير إلى رغبة عملية في الانتقال من «لغة الدعم» إلى «لغة الشراكة والإنتاج»، وهو ما يتماشى مع التحولات في السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط بعد عقدين من التركيز الأمني.

في الأوساط الأردنية، تراوحت الانطباعات حول السفير الجديد بين الفضول والترقّب. فبين من يرى فيه وجهاً خشناً بملامح عسكرية وواقعية أميركية جديدة، ومن يقرأ في خطواته الأولى رغبة في التقارب الاقتصادي الحقيقي، يبدو أن واشنطن تحاول إعادة تعريف حضورها في الاردن على أسس مختلفة: أقل خطابة سياسية، وأكثر انخراطاً في ملفات النمو، و الاستثمار، والطاقة النظيفة.

ويُدرك الأردنيون أن الولايات المتحدة، رغم انشغالاتها العالمية، ما زالت ترى في الأردن بوابة توازن إقليمي، وصوتاً معتدلاً يحافظ على الخيط الرفيع بين الشرق والغرب. لذلك، فإن أي جهد أميركي لتعزيز الصناعة والتجارة الأردنية سيُستقبل إيجابياً طالما احترم الأولويات الوطنية الأردنية ولم يتداخل مع خياراتها السيادية.

لقاء وزير الصناعة بالسفير الأميركي الجديد ليس مجرد لقاء تعارف، بل إشارة استراتيجية إلى أن المرحلة المقبلة من العلاقات الأردنية–الأميركية ستقوم على الاقتصاد المنتج لا المساعدات.

وسيقاس نجاح السفير هولتسنايدر بقدرته على تحويل الاتفاقيات القديمة إلى مشاريع ملموسة، واستقطاب استثمارات أميركية نوعية تعزز تشغيل الأردنيين وتفتح للأسواق الأردنية أبواباً جديدة.

أما لحيته الطويلة التي أثارت التساؤلات، فقد تكون – في النهاية – رمزاً لطابع دبلوماسي جديد أكثر مرونة وواقعية، يتعامل مع المنطقة بعين الاقتصاد لا بعين العسكر .

لقاء الوزير القضاة مع السفير هولتسنايدر جاء في هذا السياق، إذ تم بحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي، وتوسيع الاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة، إلى جانب زيادة فرص تسويق السلع الأردنية في السوق الأميركية.

كما أكد الوزير القضاه برامج عمل الحكومة في إطار رؤية التحديث الاقتصادي، التي تهدف إلى تحقيق تنمية مستدامة وتوفير فرص عمل جديدة، مشيدًا بالدعم الأميركي المتواصل للمملكة في مواجهة تحديات المنطقة.

السفير الأميركي الجديد جيم هولتسنايدر يتمتع بخبرة سياسية–ميدانية غنية، شغل خلالها مناصب في العراق وأفغانستان وتونس والصومال والكويت، إضافة إلى عمله في وزارة الخارجية الأميركية في مجال الشؤون السياسية–العسكرية.

هذه الخلفية تفسّر طبيعة اللقاء الأول الذي بدأ من الاقتصاد لا من السياسة، ومن وزارة الصناعة لا من وزارة الخارجية، في ما يبدو أنه تحوّل في المفاتيح الدبلوماسية الأميركية باتجاه الاستثمار في الاستقرار الاقتصادي كمدخل .

خطوة الوزير يعرب القضاة في استقبال السفير الأميركي الجديد تُعدّ مبادرة لافتة تؤسس لنهج جديد في الدبلوماسية الاقتصادية الأردنية، وتجسّد إدراكًا مبكرًا لأهمية الحوار الاقتصادي كأداة لبناء الثقة السياسية.

بالمقابل ، فإن اختيار السفير الأميركي أن يبدأ جولته الرسمية من وزارة الصناعة، وليس من وزارة الخارجية، يعكس تحولًا محسوبًا في أولويات واشنطن التي يبدو أنها قررت هذه المرة أن تبدأ من الاقتصاد لتصل إلى السياسة.

وهكذا، فإن هذا اللقاء ليس مجرد حدث بروتوكولي، بل إشارة سياسية إلى أن الاردن والولايات المتحدة تكتبان فصلاً جديدًا من شراكتهما الاستراتيجية... عنوانه الاقتصاد المنتج لا المساعدات، وملامحه رؤية مشتركة بين وزير الصناعة والسفير الأميركي الجديد .

* السفير الدكتور موفق العجلوني
مدير عام مركز فرح الدولي للدراسات و الابحاث الاستراتيجية
Muwaffaq@ajlouni.me





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :