مركز الاعلاميات العربيات ونموذج التطور الفكري
خلدون ذيب النعيمي
09-11-2025 01:04 AM
في عصر اصبح فيه الاعلام سيداً بقوته الناعمة التي تخاطب الفكر والوجدان بشكل يوازي بل يتفوق على القوة الاقتصادية والسياسة والعسكرية من خلال قدرته على التأثير على الحكم والتعاطي مع دفة التوجيه لهما وبالتالي اصبحت القوة الاعلامية تحسب في نظريات العلاقات الدولية كرصيد قوة استراتيجية حقيقي على كافة الاصعدة والمديات ، وتعزز ذلك الطرح مع فترة الربيع العربي التي تعرضت له المنطقة العربية فضلاً عن فترة العدوان الاسرائيلي الأخير على قطاع غزة حيث دور الاعلام النوعي في ابراز مأساة مدنيي غزة على مدى عاميين بشكل ساهم في التغييرات التغير الهائل في الراي العام الغربي حول القبول التقليدي للسردية الإسرائيلية والتعاطف معها واثر ذلك على صانع القرار ، وهنا اصبح عصر الكلام التقليدي عن وظيفة الاعلام بنقل الخبر بمثابة أرث لا يعتد به حالياً .
سنحت لي الفرصة للاطلاع على فعاليات المؤتمر الذي عقد في مركز الإعلاميات العربيات بعنوان" الإعلامية العربية في زمن التحول الرقمي : بين حرية الكلمة وخوارزميات القمع" ، حيث مثل المؤتمر فرصة لتبادل الرأي والخبرات ومناقشة التحديات التي تواجه الإعلامية العربية وهي نفس التحديات التي تواجه الاعلاميين بشكل عام في زمن التطور التقني الكبير وواقع الحريات و"حفظ الحياة" الذي تعيشه المهنة الإعلامية حاليا ، وكان حديث راعية المؤتمر سمو الاميرة بسمة بنت طلال في الكلمة الافتتاحية ان محاور المؤتمر" تمثل خطوة مهمة نحو بناء بيئة إعلامية أكثر عدلا وإنصافا وتعلي من شأن الإنسان، وتضمن للإعلاميات العربيات دورا فاعلا في رسم ملامح المشهد الإعلامي المستقبلي، مشيدة بدورهن في الدفاع عن القضايا الوطنية،" بمثابة الأمل الحقيقي بالبيئة الاعلامية المأمولة في
وجه التحديات المختلفة سيما في ظل فقدان 256 صحفي حياتهم في حرب غزة الاخيرة .
وهنا لا يخفى اهمية توصيات المؤتمر بضرورة وجود سردية مشتركة حول القضايا العربية مع تفعيل الشراكات الاعلامية العربية لحمل صانع القرار والبرلمانات على اصدار قوانين تنظم العمل الاعلامي وضمان حرية التعبير عن الراي فضلاً عن تبنى المركز مبادرة حول استخدام "أخلافيات الذكاء الاصطناعي" ، حيث تعتبر هذه التوصيات بمثابة "لواء المتطلبات" الذي يحمله مركز الاعلاميات العربيات والتي لا ينعكس اثرها فقط على "الجنس اللطيف" من العاملات في المهنة الاعلامية بل وتحاكي الواقع الاعلامي الحالي ككل سواء بما يخص المهنة او تطوير خطاب "الثقافة الاعلامية" للمواطن العربي التي اصبح لا غنى عنها في ظل ما يجري ويحاك في الواقع والمستقبل العربي ، وبالتالي فالرسالة هنا اما ان نكون من ضمن صناع الاستراتيجية الاعلامية الشاملة التي تلبي الحق والطموح او نغدو كمتلقيين سلبيين خاضعين لما يقرره الغير في هذا الاطار .
حسنا فعل مركز الاعلامات العربية "بقرعه الجرس" في مؤتمره في كل ما يهم الشأن الاعلامي ككل سواء في مجال تحسين ظروف المهنة او في ظل الأوضاع الاقليمية الراهنة ، وهو قادر بلا شك وذلك بسيرة عمله المميزة التي تزيد عن ربع قرن فضلاً عن خبرات عضواته وشراكاته المختلفة وذلك في الوقت الذي يؤكد فيه جلالة الملك عبدالله الثاني باستمرار "أن الإعلام الحر والمسؤول هو ركيزة الإصلاح والديمقراطية وأن الكلمة الصادقة هي درع المجتمع أمام الإشاعة والتضليل" ، الجميع ينتظر من المركز تكثيف نشاطه في كل جامعة ومدرسة ونادي شبابي في كل بقعة من بقاع الاردن العزيز وبلا شك كما قلت مسبقاً هو أهل ذلك .