القادم للكويت والمنطقة العربية أفضل وأجمل بإذن الله
السفير الدكتور موفق العجلوني
11-11-2025 11:27 AM
استوقفني حديث معالي النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف خلال لقائه مع الصحافيين على هامش ملتقى المبادرين لمبادرات التنمية الحضرية الخضراء الذي أقيم يوم اول أمس في مدينة الكويت. والذي جاء فيه ان دولة الكويت تسير اليوم بخطى واثقة نحو مرحلة جديدة من التطور الشامل، تجمع بين الانفتاح والتحديث، وبين الأصالة والالتزام بالقيم الوطنية والعربية. وإن "الكويت مقبلة على مرحلة أفضل بإذن الله، فواقعها اليوم يختلف عما كان في السابق، إذ نعيش فترة من التطور السريع في شتى المجالات مع إقرار مجموعة من القوانين الجديدة".
لم يكن حديث الشيخ اليوسف مجرد تصريح إداري، بل رسالة أمل ورؤية متكاملة تؤكد أن الكويت مقبلة على عهد جديد من الإصلاح، والاستقرار، والريادة في التنمية الرقمية والإنسانية. وهذا يعكس الوجه المشرق للسياسة الكويتية القائمة على الاعتدال والانفتاح، رؤية سياسية ودبلوماسية متوازنة. فحين يؤكد إن الكويت “ترحّب بجميع من يرغب في زيارتها " بشرط احترام القوانين والقيم، فإنه يترجم روح الكويت الحقيقية: دولة عربية صغيرة في حجمها، كبيرة في مكانتها في قيادتها في شعبها، تُفتح فيها القلوب قبل الحدود. وهذا النهج ليس غريبًا على الكويت التي كانت دائمًا ولا زالت جسر تواصل عربي وخليجي، ومركزًا للحوار والدبلوماسية الهادئة. وهذا ما لمسته خلال تشرفي بزيارة سعادة السفير الكويت في عمان حمد راشد المري في مكتبه بدار السفارة، وكذلك من خلال مسيرتي في العمل الدبلوماسي لعشرات السنوات من خلال علاقة الزمالة والاخوة والصداقة مع العديد من أصحاب السعادة السفراء والدبلوماسيين الكويتيين في العديد من دول العالم.
أن تعزيز التعاون الأمني الخليجي الذي أشار إليه معالي الشيخ اليوسف، وتبادل المعلومات بين وزارات الداخلية، يؤكد أن أمن الكويت لا ينفصل عن أمن الخليج والعالم العربي بأسره. إنها رسالة وحدة في زمن التحديات.
التحول الرقمي الذي تشهده الكويت اليوم، ومنه إطلاق خدمة " فيزا كويت " حيث تمنح التأشيرة خلال خمس دقائق، ليس فقط إنجازًا إداريًا، بل بعد اقتصادي وتنموي واعد وخطوة استراتيجية نحو جذب الاستثمار والسياحة، وتنويع مصادر الدخل الوطني. والكويت بما تمتلكه من طقس معتدل خلال نصف العام تقريبًا، وموقع جغرافي فريد، يمكن أن تكون محطة جذب للسياحة الخليجية والعربية، خصوصًا إذا ما تم ربطها بمشروعات التنمية المستدامة والمبادرات البيئية التي أُشير إليها في ملتقى التنمية الحضرية الخضراء.
ان إصدار قانون المخدرات الجديد، و الذي يحمل بعدا اجتماعياً و انسانياً، والتفكير في تطبيق " العقوبات البديلة " ، يعكس حرص القيادة الكويتية على بناء مجتمع آمن وإنساني في آنٍ واحد. فالأمن ليس فقط في مراكز الإصلاح، بل في إصلاح الإنسان، وإعادة تأهيله ليعود مواطنًا صالحًا منتجًا. ومن الجميل أن نرى هذا التوجه الإنساني في وقت تتعاظم فيه التحديات الاجتماعية في المنطقة، من بطالة وشباب يبحث عن الأمل، إلى أزمات إنسانية تهدد استقرار العديد من الدول.
الشعب الكويتي، كعادته، شعب متفائل، يحب الحياة، يؤمن بأن الغد أفضل مهما كانت الصعاب. ومن يزور دولة الكويت يلمس دفء الناس، وكرمهم، وروحهم الإيجابية التي تُخفي خلف الابتسامة إرادة صلبة لبناء المستقبل.
وكذلك الشعوب العربية عامة — من المحيط إلى الخليج — ما زالت رغم ويلات الحروب والأزمات، متمسكة بخيط الأمل. ففي الأردن مثلاً، ورغم التحديات الاقتصادية والإقليمية، يواصل الشباب الابتكار، وتبقى العاصمة عمّان نموذجًا للاستقرار والحياة المدنية الهادئة وسط منطقة مضطربة. وفي بلداننا العربية من الخليج الى المحيط، نجد قصصًا متشابهة: دول تتحدى الصعاب، وشعوب تصنع الحياة رغم الألم.
لكن لا يمكن إنكار أن ما تشهده منطقتنا العربية مؤخرًا من حروب ونزاعات ودمار وخاصة في قطاع غزة وفلسطين، قد ألقى بظلال من القلق والتشاؤم على المزاج العام. ومع ذلك، يظل التفاؤل العربي سمةً أصيلة، كالنخلة التي تضرب جذورها في عمق الصحراء وتنتظر المطر بصبرٍ وإيمان.
وهنا تبرز أهمية الخطاب الكويتي المتفائل الذي حمله معالي الشيخ اليوسف، لأنه يذكّر الجميع أن النهوض يبدأ من الثقة، وأن الأمل ليس ترفًا، بل ضرورة سياسية واجتماعية واقتصادية. بنفس الوقت فهو دعوة لتجديد الثقة بالمستقبل، ليس للكويت وحدها، بل لكل الشعوب العربية التي تتطلع لغدٍ أفضل. فالكويت، بقيادتها الحكيمة وبخبرتها السياسية ورؤيتها الإنسانية، تقدم اليوم نموذجًا عربيًا يوازن بين الأمن والانفتاح، وبين الرقمنة والكرامة الإنسانية. وبين رياح التحديات التي تعصف بالمنطقة، يبقى الأمل الكويتي والعربي مشتعلاً كشمعة في ليلٍ طويل.