facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الخط الأصفر: حدود جديدة للحرب وواقع سياسي يتشكّل في غزة


صالح الشرّاب العبادي
11-11-2025 08:26 PM

بين خطة ترامب والقاعدة الأميركية في غلاف غزة… كيف تُرسم الجغرافيا من جديد؟

بين الدخان والركام الذي يخيّم على غزة، بدأت ترتسم على الأرض ملامح ما يمكن وصفه بـ”حدود سياسية جديدة”، ليست تلك التي تُرسم على الورق في اتفاقات أو مؤتمرات، بل حدودٌ ميدانية تُثبّت بالمدرعات والجرافات والخرائط الميدانية. “الخط الأصفر” الذي ظهر في الخرائط العسكرية الإسرائيلية بات اليوم حقيقة متشكلة؛ خطٌّ طوليٌّ يفصل شرق القطاع عن غربه، ويعيد تعريف مفهوم «وقف إطلاق النار» على نحو غير مسبوق.

لكنّ وراء هذا الخط الميداني مشروعٌ سياسي أكبر، تقوده واشنطن بمقاربة «وقف النار مقابل الإدارة»، حيث تتقاطع خطة ترامب المتوقفة مع خطة أمريكية ناشئة تتحدث عن قاعدة عسكرية في غلاف غزة، وقوة دولية لتثبيت الوضع القائم، وإشراف أمريكي على إعادة الإعمار وتسليم السلاح.

1. الخط الأصفر: من التهدئة إلى التقسيم الواقعي

تُشير تقارير غربية وإسرائيلية إلى أن “الخط الأصفر”، الذي وُضع ميدانياً لتمييز مناطق الانسحاب الإسرائيلي المؤقت، بدأ يتحول إلى حدّ فعلي.
فبحسب رويترز، فإن احتمال تقسيم قطاع غزة إلى منطقتين — واحدة تخضع لإشراف المقاومة وأخرى تحت سيطرة إسرائيلية — بات «يتزايد» مع تعثّر خطة التسوية السياسية .

أما تايمز أوف إسرائيل فذكرت أن المناطق الواقعة شرق الخط تُدار أمنياً بالكامل من قبل الجيش الإسرائيلي، وأن تل أبيب ترى في ذلك «حداً أمنياً جديداً لإسرائيل» أكثر مما هو انسحاب تكتيكي مؤقت.

هذا التحول الميداني لا يغيّر خريطة غزة فقط، بل يُكرّس عملياً مفهوم “إدارة مزدوجة” للقطاع، ويمهّد لولادة كيانٍ سياسي مقسّم بحكم الأمر الواقع.

2. القاعدة الأميركية في غلاف غزة: إدارة أم وصاية؟

في خلفية المشهد، تتداول أوساط دبلوماسية وأمنية غربية حديثاً عن مشروع أميركي لإقامة قاعدة عسكرية في “غلاف غزة”، تكون مقرّاً لقوة دولية تعمل تحت مظلة الأمم المتحدة.

وبحسب صحيفة لوموند الفرنسية، فإن واشنطن قدّمت مشروع قرار إلى مجلس الأمن يدعو إلى نشر قوة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة حتى عام 2027، مع إمكانية التجديد، وبتفويض يشمل الإشراف على المساعدات وإعادة الإعمار .

تقول Axios الأميركية إن الخطة تتضمن إنشاء “مجلس السلام” (Board of Peace) كهيئة مؤقتة لإدارة القطاع، تشارك فيها الولايات المتحدة ومصر والسلطة الفلسطينية بدرجات متفاوتة .

ما يقلق كثيراً هو أن القاعدة المقترحة ستكون أداة النفوذ الأميركي في غزة، تتحكم في المعابر، والمساعدات، وإعادة الإعمار، بل وفي إدارة الأمن الداخلي. بهذا، تُصبح واشنطن ليست فقط «الضامن» للهدنة، بل «الوصيّ الفعلي» على القطاع.

3. إسرائيل: أزمة داخلية وضباب في الاستراتيجية

في المقابل، تعيش إسرائيل أزمة شرعية داخلية غير مسبوقة.
فقد اتّهم مراقب الدولة الإسرائيلي الحكومة والجيش بالتقصير في تحديد رؤية شاملة للأمن القومي بعد هجوم السابع من أكتوبر، مؤكداً أن غياب التحقيق الرسمي الشامل «يُضعف الثقة في القيادة» .

ورفض نتنياهو مجدداً تشكيل لجنة تحقيق رسمية، وهو ما فسّره المراقبون بأنه خوف من كشف الإخفاقات البنيوية في منظومة الأمن.
هذه الأزمة تجعل تل أبيب حذرة في التفاعل مع المقترحات الأميركية، لأنها تعي أن أيّ خطوة نحو التدويل قد تُفقدها السيطرة المطلقة التي سعت إليها منذ بدء الحرب.

4. جبهات الجنوب والضفة: نيران جانبية تهدد التهدئة

إلى جانب غزة، تتصاعد التوترات في جنوب لبنان والقنيطرة السورية، حيث وثّقت تقارير ميدانية توغلات لوحدات إسرائيلية بمستوى فوقة آلية على حدود جنوب لبنان.

وفي الضفة الغربية، تشهد مناطق شرقي طولكرم ونابلس والخليل تصعيداً غير مسبوق من قبل المستوطنين، تُشعله مجموعات تُعرف إعلامياً بـ«وحوش التلال»، التي تمارس عمليات إحراق وتخريب لأراضي الفلسطينيين تحت حماية السلاح الإسرائيلي.

هذا التمدد الاستيطاني المنفلت من الرقابة يُكمل مشهد التقسيم الزاحف، إذ يرسّخ واقعاً جديداً من «الاحتلال اللامعلن» في عمق الضفة والجنوب اللبناني في آنٍ واحد.

ما بعد الخط الأصفر

إن ما يجري في غزة اليوم ليس وقف إطلاق نار، بل إعادة رسم لخرائط النفوذ والسيادة.

الخط الأصفر الذي يُسوّق له كحدٍّ أمني مؤقت قد يتحوّل إلى حدٍّ سياسي دائم، والقاعدة الأميركية المقترحة ليست لحماية غزة، بل لضمان هندسة النظام الإداري فيها بما يخدم المصالح الأميركية والإسرائيلية معاً.

ولعلّ السؤال الأخطر: هل يدرك الفلسطينيون أن الحرب انتهت عسكرياً لتبدأ سياسياً؟
إن المعركة المقبلة ليست معارك الصواريخ والأنفاق، بل معركة الوعي والسيادة، ومن يمتلك مفاتيح الأرض والإدارة.

إن لم تُبلور المقاومة والقيادة الفلسطينية رؤية واضحة لما بعد الحرب، فإن «الخط الأصفر» سيتحول من رمزٍ للتهدئة إلى خنجرٍ جغرافيٍّ في خاصرة فلسطين، يرسم للأجيال المقبلة حدوداً جديدة، لا على الورق فقط، بل على الأرض نفسها.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :