facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هل أصبح حالنا مع الحكومة مثل الزوجة الطرشة؟


محمود الدباس - أبو الليث
17-11-2025 12:44 PM

كان المشهد دائماً يبدأ بكلمة بسيطة.. كلمة نُطلقها كما يطلق الرجل يمين الطلاق على زوجته الطرشة.. وهو يظن أن الصوت سيصل.. بينما هي ترتّب فراشها مطمئنة لليلٍ هادئ.. غير مدركة.. أن البيت كله يهتز خلف ظهرها.. كأن الصمت جدار يحجب الحقيقة عن أذنيها.. وعن قلبها أيضاً..

وهكذا يا صديقي يصبح الكلام بين الناس بلا معنى.. يصبح مثل حوار يدور في غرفتين مختلفتين.. إحداهما مضاءة.. والأخرى غارقة في عتمة لا تسمع فيها سوى صدى خطواتك.. حتى تكتشف أنك تتحدث مع مَن لا يريد أن يسمع.. لا مع مَن لا يستطيع أن يسمع..

وهنا يبدأ الدقر.. تلك الحالة التي تتجاوز سوء الفهم.. وتغرق في عنادٍ مقصود.. كأن كل كلمة نقولها تُقرأ بعكس ما نريد.. وكل إشارة نوجهها.. تتحول إلى فرصة لدعم الخطأ.. لا إصلاحه.. كأننا نضيء شمعة ليأتي مَن ينفخ عليها.. ثم يحتفل بأنه أطفأ الظلام..

نكتب عن خلل واضح في مؤسسة ما.. وما تم الحديث عنه مؤخراً.. بخصوص مؤسسة الإذاعة والتلفزيون إلا مثال واحد.. نضيء زاوية مهملة.. نشير إلى خطأ يراه العابر قبل الخبير.. فننتظر من الحكومة أن تتحرك بخطوات مسؤولة.. أن تتعامل مع الصوت بصفته تحذيراً.. لا تهديداً.. لكن ما يحدث يشبه تلك الحكاية القديمة التي يفهم فيها الطرف الآخر الإشارة بعكس معناها.. لا لأنه لا يسمع.. بل لأنه اختار أن يتجاهل ما يسمعه.. ويمضي في طريقٍ لا ينزل منه أحد..

وهنا يصبح الدقر سياسة.. لا مجرد رد فعل.. يصبح لغة ترفض أن تعترف بأن في الإدارة خللاً.. وفي الاختيار عيباً.. وفي بعض المؤسسات فراغاً يبتلع كل محاولة إصلاح.. فنشير إلى النار.. فيأتون بالماء.. لكنهم يسكبونه على الشخص الذي صرخ.. لا على المكان الذي احترق.. كأن المشكلة ليست في اللهب.. بل في العيون التي رأته..

ومع كل ذلك يبقى السؤال معلقاً في الهواء.. ثقيل الظل.. حاداً.. هل تتعامل الحكومة معنا كمن يفهم الكلام مقلوباً.. أم أنها تسمع جيداً.. وتختار أن تمضي في الطريق المعاكس.. وكلها يقين أن الصمت الشعبي لن يكسر جدارها؟!.. وهل باتت المشكلة في آذانهم.. أم في إرادتهم.. أم في ذلك البرج الذي يصنع من الخطأ قوة.. ومن النقد عداءً.. ومن النصيحة تهديداً؟!..

كل ما نريده بسيط.. أن لا يتحول الصوت الوطني إلى خصم.. وأن لا يتحول النقد إلى معركة.. وأن لا تتحول الحقيقة إلى ورقة تُخفى كلما اقترب أحد منها.. لأن إدارة الدولة لا تعيش على الصدى.. بل على الفهم.. ولا تتقدم بالعناد.. بل بالاعتراف.. ولا تُحترم بالدقر.. بل بالقدرة على النزول من البرج ولو خطوة واحدة.. نحو مواطن ما زال يقول رأيه بقلبٍ يحترق.. لا بلسانٍ يتحدى..

فإن لم تُسمع أصوات الناس اليوم.. فمن يسمعهم غداً؟!.. وإن لم تُفهم رسائلهم كما هي.. فإلى أين نصل حين يقرر الجميع أن يصبح أطرشاً في وجه الحقيقة؟!.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :