14 سنة عملت فيها قرب جلالة الملك.
14 سنة شفت فيها التعب الحقيقي… التعب اللي ما بيوصل للشاشة ولا للخبر الرسمي.

تعب رجل يحمِل دولة على كتفه… ويخفي كل الإرهاق بابتسامة.

في الزيارات الخارجية، خصوصًا لما تكون لدول متعددة خلال أيام قليلة، كان البرنامج يبدأ فور هبوط الطائرة… وأحيانًا لم نكن نجد طريقة لنلحق بإيقاعه إلا أن نرافقه على طائرته الخاصة.

نحن نبحث عن زاوية لنرتاح، وهو يفتح ملفًا جديدًا.

نحن نبدّل ساعة مع ساعة، وهو يبدّل بين عشرات الاجتماعات دون أن ينقص من صوته ولا حضوره شيء.

نحن نشعر بثقل الرحلة… وهو يتحمّل ثقل وطن.

هذه التفاصيل… لا تصل للناس.

الإعلام الرسمي يعرض اللقاء، الصورة، المصافحة، البروتوكول… لكن لا يعرض ما قبل اللقطة:

الليل الطويل بلا نوم،
ألم الأذن من ضغط التحليق،
قراءة ملفات دولة قبل الوصول إليها بساعات،
وخفقة التعب اللي نراها نحن… قبل أن يُخفيها بابتسامة ثابتة.

جيل اليوم لا يعيش عصر “الخبر الطويل”.
يعيش عصر اللقطة… اللحظة… الصدق.

جيل لا يقتنع بالكليشيهات ولا بالجمل المنسوخة التي تتكرر من عهد لآخر.

هذا الجيل يريد أن يرى الإنسان… حتى لو كان ملكًا.

فما المشكلة لو رأوا الحقيقة؟
لو شاهدوا الملك وهو يقلب أوراقه على الطائرة بعد سبع ساعات طيران؟
لو رأوه يمدّ يده لربطة عنق، ويده الثانية ما زالت تمسك ملف اجتماع مهم؟
لو رأوه يغفو دقيقة… ثم ينهض ليكمل يومًا جديدًا؟

أليس من حق الأردني أن يعرف “عبدالله الإنسان”… لا فقط “جلالة الملك” في الصور؟

الإعلام لا يقلل من هيبته إذا أظهر تعبه… بل يزيد مكانته.

لأن القائد الذي يتعب… هو القائد الذي يعمل.. والإنسان الذي يُرى صدقه… يقترب منه الناس أكثر.

نحن لا نريد تسويقًا ولا تلميعًا..نريد حقيقة.

حقيقة ملك يكتب سيرته بالعرق قبل الحبر، وبالعمل قبل الخطابة، وبالإخلاص قبل الظهور.

وفي الوقت اللي يتغيّر فيه العالم كل يوم، ويبقى التعب نصيب من يعمل، هناك حقيقة واحدة ما لازم تغيب:

في الأردن… القائد لا يختبئ خلف منصبه، بل يقف أمام شعبه، يهرول قبلهم، ويتعب عنهم، ويُتعب لأجلهم.

وإذا كان الإعلام ما زال مصمّم يورّثنا لغة باهتة وصورًا ناقصة، فنحن سنقولها كما هي:

هذا الملك ليس ظِلّ دولة…
هذا الملك هو عمودها.
وإن كنا لا نرى تعبه دائمًا…
فهذا لا يعني أنه لم يتعب.
بل يعني أننا لم نُحسن رؤيته بعد.

لو تسأل أي مواطن بأي مكان في الأردن.. شو بتتمنى تعرف عن الملك؟ متأكدة الأغلبية ستطلب تسليط الضوء كل فترة على الملك الإنسان اللي زينا بتعب وبزهق..وبمرض..وبغضب .

طلعوه من القوالب اللي حبسه الاعلام الرسمي داخلها..

حمى الله الملك… وحمى كل قلبٍ يعمل بصمت… ويُحبّ وطنه بالفعل لا بالكلام..