facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ركود أوروبا وتداعياته على الخليج


د. رامي كمال النسور
19-11-2025 11:57 AM

في تصريحات حادة ومباشرة، حذر جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك جيه بي مورغان تشيس، من أن أوروبا تفقد مكانتها الاقتصادية بسرعة مقلقة.

وقال: «لقد انخفضت أوروبا من 90% من الناتج المحلي الأمريكي إلى نحو 65% خلال 15 عاماً فقط، وهذا ليس مؤشراً جيداً، أنتم تخسرون».

التصريح، رغم قسوته، يعكس تحولاً هيكلياً في الاقتصاد الأوروبي، حيث تتراجع معدلات النمو والابتكار والإنتاجية مقارنة بالولايات المتحدة والصين، فيما تتفاقم أعباء الشيخوخة السكانية وارتفاع الديون.

وعند الحديث عن الأسباب الجوهرية وراء التراجع الاقتصادي الأوروبي نجد أن أول هذه الأسباب هو تباطؤ النمو وضعف الابتكار فالاقتصاد الأوروبي يعاني من نمو بطيء لا يتجاوز 0.5% في بعض الدول الكبرى، في حين أن الولايات المتحدة تسجل معدلات تتراوح بين 2–3%.

كما أن أوروبا لم تُنتج شركات تكنولوجية عالمية تنافس نظيراتها الأمريكية أو الآسيوية، ما جعلها متأخرة في سباق الاقتصاد الرقمي.

ثم يأتي بعد ذلك التجزؤ المؤسسي والبيروقراطية التنظيمية إذ إن الاتحاد الأوروبي لم ينجح بعد في تحقيق سوق مالية موحدة، فالتشريعات تختلف بين الدول، ما يعقد تدفق رأس المال ويحد من نمو الشركات الكبرى.

كما أن الضغوط الديمغرافية والمالية تعتبر من أهم هذه الأسباب إذ إن شيخوخة السكان وزيادة نسبة كبار السن في الدول الأوروبية وبالتالي ارتفاع تكاليف الرعاية الاجتماعية تضغط على الميزانيات العامة، وتقلل من حجم القوى العاملة المنتجة.

نأتي بعد ذلك إلى سبب أساسي ومهم جداً هو أزمة الطاقة والتبعية الجيوسياسية، فالحرب في أوكرانيا كشفت هشاشة الاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي، وأدت إلى ارتفاع تكاليف الطاقة وتراجع تنافسية الصناعات الثقيلة في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا.

وآخر هذه الأسباب هو ضعف الثقة الاستثمارية، فالمستثمرون العالميون باتوا يفضلون الأسواق الأمريكية والآسيوية بسبب وضوح السياسات وديناميكية الابتكار، ما أدى إلى خروج رساميل ضخمة من القارة العجوز.

والآن، هل نحن أمام انهيار اقتصادي...؟ الإجابة هي أن التحذير من «انهيار» لا يعني بالضرورة انفجاراً اقتصادياً فورياً، بل يشير إلى تراجع تنافسي مستمر يمكن أن يؤدي إلى ضعف الاستثمار الأجنبي المباشر، وتراجع الإنتاجية والصادرات، وتفاقم الدين العام وارتفاع معدلات البطالة وأخيراً خسارة تدريجية لمكانة أوروبا كمركز اقتصادي عالمي.

بمعنى أدق، أوروبا لا تنهار الآن، لكنها تفقد ببطء عناصر قوتها الاقتصادية، وتتحول من لاعب قيادي إلى لاعب ثانوي في النظام المالي العالمي.

ونظراً للعلاقات التجارية الاقتصادية القوية والتاريخية مع دول الخليج، ماذا يعني تراجع الدور والمكانة التي تملكها أوروبا لدول الخليج ودولة الإمارات؟

أول هذه الآثار أنه مع تراجع أوروبا يتجه رأس المال العالمي نحو الولايات المتحدة وآسيا، وهو ما يفتح مجالاً لدول الخليج لتكون محوراً ثالثاً في التمويل والطاقة والابتكار.

كما أن ضعف أسعار الأسهم والأصول الأوروبية يمكن أن يشكّل فرصة استثمارية لصناديق الثروة السيادية الخليجية مثل «ADQ وMubadala PIF ADIA» لشراء أصول استراتيجية بأسعار جذابة.

كما أعادت أزمة الطاقة الأوروبية تسليط الضوء على الخليج كمورد موثوق للطاقة النظيفة والهيدروجين والغاز المسال، ما يعزز الشراكات طويلة المدى بين دولة الإمارات والسوق الأوروبية.

وأخيراً فإنه مع الضغوط التنظيمية والضريبية في أوروبا، تزداد شهية الشركات لنقل مقراتها أو مراكزها التشغيلية إلى بيئات أعمال أكثر كفاءة مثل دبي وأبوظبي والرياض.

تصريحات رئيس «جيه بي مورغان» ليست نبوءة انهيار بقدر ما هي جرس إنذار لقارة تتأرجح بين ماضٍ صناعي قوي وحاضر مثقل بالبيروقراطية والتحديات الجيوسياسية.

لكن من منظور خليجي، فإن هذا التراجع يخلق فرصاً استراتيجية غير مسبوقة لإعادة تموضع المنطقة كقوة مالية واقتصادية وطاقية عالمية، قادرة على ملء الفراغ الذي يتركه الغرب المتباطئ.

* مستشار في الأسواق المالية والحوكمة والاستدامة

الخليج





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :