السفير الأميركي في عرين وزارة الاتصال الحكومي
السفير الدكتور موفق العجلوني
19-11-2025 09:17 PM
في سياق الحراك الدبلوماسي النشط الذي يشهده الأردن، جاءت زيارة سعادة السفير الأمريكي المعيّن لدى المملكة السيد جيم هولتسنايدر لمعالي وزير الاتصال الحكومي الدكتور محمد المومني هذا اليوم، لتضيف بعدًا جديدًا إلى مسار الشراكة الاستراتيجية بين عمّان وواشنطن. الوزير المومني عبّرعن سعادته باللقاء، مؤكدًا أنّ المباحثات ركزت على تعزيز التعاون الاتصالي والإعلامي، وتبادل الخبرات، وبناء قدرات مشتركة في المجالات الإعلامية ذات الاهتمام المتبادل، وذلك ضمن إطار علاقة راسخة تقوم على التفاهم الاستراتيجي والاحترام المتبادل.
وتأتي هذه الزيارة بالتزامن مع لقاء السفير هولتسنايدر بوزير الصناعة والتجارة والتموين معالي المهندس يعرب القضاة، في مؤشر واضح على تركيز الدبلوماسية الأمريكية الجديدة على البعد الاقتصادي والاتصالي معًا، باعتبارهما ركيزتين متكاملتين في المرحلة المقبلة من العلاقات الثنائية.
هذا المسار يتقاطع مع ما طرحته مقالي السابق المنشور على صفحات عمون الغراء بتاريخ 6/11/2025 بعنوان " السفير الأمريكي الجديد .. رسالة اقتصادية بلِحية سياسية غير مسبوقةً " ، والذي اشرت فيه الى طبيعة التعيين الأمريكي الجديد، معتبرًا أن اختيار السفير هولتسنايدر يحمل رسالة اقتصادية واضحة "بِلحية سياسية"، وأن واشنطن تتجه نحو دعم الاقتصاد الأردني المنتج، وتعزيز التعاون المؤسسي القائم على الاستثمار والتنمية، وليس الاكتفاء بالمساعدات التقليدية. وحسب اعتقادي ومن خلال خبرتي الدبلوماسية، فان تحركات السفير هولتسنايدر تعكس توجهًا أمريكيًا أكثر عملية، حيث يعمل عبر قنوات متوازية تشمل الاقتصاد، والاتصال الحكومي، والتنسيق الإعلامي الفعّال.
إن تلاقي هذه المؤشرات من اللقاءات الوزارية المتعددة، إلى التحليل الذي اشرت اليه في مقالي السابق ، يوحي بأن العلاقة الأردنية-الأمريكية تدخل مرحلة تطويرية تتسم بالتركيز على بناء منظومة اتصال حديثة، وتعاون اقتصادي منتج، وآليات تنسيق إعلامي أكثر تكاملًا. ويبدو لي أن واشنطن تعوّل على الأردن شريكًا محوريًا في المنطقة، ليس فقط سياسيًا وأمنيًا، بل أيضًا عبر تعزيز حضور الإعلام الأردني وقدراته وتطوير أدوات الاتصال التي تخدم مصالح البلدين وتعزّز استقرارهما.
إنّ التحركات المبكرة للسفير الأمريكي السيد هولتسنايدر تعكس فهمًا عميقًا لطبيعة الشراكة الأردنية–الأمريكية، وتُظهر نهجًا عمليًا وإيجابيًا يقوم على الانفتاح المباشر على القطاعات الحيوية في الدولة. وتمثل هذه اللقاءات خطوة متقدمة نحو تعزيز التنسيق المؤسسي، وإيجاد مسارات تعاون أكثر فاعلية يمكن أن تُسهم في دعم جهود المملكة في مجالات التنمية الاقتصادية، وتطوير الاتصال الحكومي، وتعزيز الاستقرار السياسي والأمني.
وتبعث هذه المبادرات الدبلوماسية برسالة واضحة مفادها أن الولايات المتحدة تتعامل مع الأردن بوصفه شريكًا أساسيًا في المنطقة، وأنها حريصة على دعم أولوياته الوطنية عبر أدوات عملية وتواصل مباشر مع المؤسسات المنفذة للسياسات. وهو توجّه يُقدّر على المستوى الرسمي، ويرسّخ من عمق العلاقات الثنائية واتساع آفاقها.
وفي ضوء هذا الحراك البنّاء، قد يكون من المفيد استمرار هذا النهج عبر توسيع دائرة اللقاءات لتشمل وزارات وقطاعات أخرى ذات انعكاسات استراتيجية على المصالح المشتركة، مثل وزارة التخطيط والتعاون الدولي، ووزارة الطاقة والثروة المعدنية، ووزارة المالية، ووزارة الداخلية، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي. فلكل من هذه المؤسسات دور محوري في رسم السياسات المستقبلية، وتطوير البيئة الاستثمارية، وتعزيز الأمن والاستقرار، ودعم القدرات الوطنية.
إنّ الانفتاح على هذه الوزارات سيُسهم في بلورة رؤية أكثر شمولًا لمستقبل التعاون المشترك، ويساعد على صياغة برامج ومشاريع عملية تدعم النمو الاقتصادي، وتقوّي أطر التنسيق الأمني، وتفتح آفاقًا جديدة للتعاون العلمي والتنموي، بما يخدم المصالح العليا للبلدين الصديقين ويُعزّز من مكانتهما كشركاء استراتيجيين في المنطقة.