البكار… ريادة عمل في زمن قياسي: كيف أعاد رسم ملامح سوق العمل الأردني؟
د. محمد خالد العزام
25-11-2025 11:46 PM
لم يأتِ وزير العمل الدكتور خالد البكار إلى موقعه حاملاً أجندة تقليدية، بل دخل الوزارة برؤية واضحة تقوم على إعادة ضبط إيقاع سوق العمل، وتوجيه بوصلة التشغيل نحو ما يفيد العامل وصاحب العمل معاً.
وفي فترة قصيرة نسبيًا، تمكن من ترك بصمة أثارت انتباه المتابعين وصنّاع القرار، لما اتسمت به من سرعة في الإنجاز وعمق في التأثير.
يُحسب للبكار أنه اتخذ واحدة من أكثر الخطوات جرأة في ملف الأجور، حين أعلن رفع الحد الأدنى للأجور إلى 290 دينارًا. القرار لم يكن مجرد تعديل رقمي، بل إعادة تعريف لقيمة العمل ولظروف العامل، وجرى إقراره ضمن حوار مسؤول مع ممثلي النقابات وأصحاب العمل، ليشكّل رسالة بأن الإصلاح الاقتصادي لا يمرّ على حساب حقوق العامل، ولا من دون توافق مجتمعي.
وفي سياق تعزيز التشغيل الحقيقي، دفع البكار باتجاه توسيع الفروع والوحدات الإنتاجية في المحافظات، لتصل إلى 33 وحدة في فترة قصيرة، ما أسهم في توفير آلاف فرص العمل، وخلق نمط جديد من التنمية اللامركزية. هذه الوحدات لم تعد مجرد مبانٍ تشغيلية، بل مشاريع تحرك الأسواق المحلية وتعيد الحياة الاقتصادية إلى الأطراف، وتحدّ من الهجرة الداخلية بحثًا عن الوظائف.
كما شهدت فترة البكار قفزة نوعية في برامج التدريب المهني، عبر 128 برنامجًا محدثًا في 30 معهدًا تدريبياً، ما أتاح لشريحة واسعة من الشباب الالتحاق بمسارات عملية تنتهي بتوظيف فعلي، وهو ما ظهر في ارتفاع نسب التشغيل إلى نحو 62% بين خريجي البرامج.
وبالتوازي عملت الوزارة على تنظيم العمالة غير الأردنية، وإعادة ضبط سوق العمل لضمان المنافسة العادلة ومنح الأردنيين الأولوية في القطاعات القادرة على استيعابهم.
ولم يغفل البكار جانب الحوكمة والبيئة التشريعية، فدفع باتجاه تطوير منظومة بيانات سوق العمل، وإطلاق مرصد وطني يساعد في اتخاذ القرار بناءً على مؤشرات حقيقية، ويقلل من العشوائية التي لطالما أثرت في سياسات التشغيل.
بهذه الخطوات المتتابعة، رسم الوزير البكار ملامح مرحلة عنوانها “العمل القابل للقياس”، ونجح خلال فترة وجيزة في نقل الوزارة من مربع الإدارة الروتينية إلى مساحة الفعل المؤثر. ومن هنا، بدت تجربته مثالًا على أن الإرادة حين تقترن بالكفاءة، يمكنها أن تُحدث فرقًا في أبسط الملفات وأكثرها التصاقًا بحياة الناس.