facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الفكر النهضوي في الأردن .. بين الأصالة والتجديد والاستقرار الحضاري


د. بركات النمر العبادي
26-11-2025 11:57 AM

في زمنٍ تتقاطع فيه تيارات الفكر بين التحديث الشامل والحفاظ على الهوية ، يقف الأردن نموذجًا عربيًا فريدًا في مسعاه لتحقيق نهضة فكرية متدرجة ، لا تنسخ الآخرين ولا تنغلق على الذات ، إنها نهضة تجمع بين الأصالة والمحافظة ، وبين الانفتاح والعقلانية ، لتعيد بناء الوعي الوطني على أسس فلسفية وإنسانية متينة.

أولاً: النهضة كوعي فلسفي لا كشعار سياسي

الفكر النهضوي ليس مشروعًا سياسيًا بحتًا ، بل مشروعًا معرفيًا يهدف إلى تحرير الإنسان من الجمود ، وإطلاق طاقته الإبداعية في ضوء قيم العدالة والعقل والتجديد ، فمنذ بدايات الدولة الأردنية ، كانت الفكرة الجوهرية أن النهضة تبدأ من العقل المتعلم ، وأن التعليم والثقافة هما سلاح الوجود والاستمرار ، لقد جسّد الملك المؤسس عبدالله الأول طيب الله ثره ، هذه الرؤية عندما ربطة بناء الدولة بالمعرفة، وأسس أولى المؤسسات التعليمية والثقافية التي جعلت من الأردن مركزًا فكريًا عربيًا.

ومع مرور العقود ، استمر هذا الوعي في التحوّل إلى مشروع وطني شامل ، يستمد شرعيته من التوازن بين الموروث الديني والاجتماعي وبين قيم الحداثة والتنوير. ويقول المفكر الأردني زهير توفيق : "النهضة ليست في التخلّي عن التراث ، بل في إعادة قراءته بوعي تاريخي نقدي يسمح للذات أن تكون فاعلة في زمانها."

ثانيًا : السياسة والفكر النهضوي — من الدولة إلى المشروع

تواجه النهضة تحدّيًا حاسمًا : كيف تتحول الرؤية إلى مؤسسات؟ ففي الأردن، تشكّل الدولة بحد ذاتها إطارًا للنهضة المنظمة ؛ فهي تقوم على رؤية سياسية تجمع بين الاعتدال والاستمرارية ، وبين الإصلاح التدريجي والاستقرار الاجتماعي. ويقول منتدى الفكر العربي في أحد تقاريره : "إن المشروع الوطني الأردني لا يمكن فصله عن الفكر النهضوي العربي ، فكلاهما يسعى لبناء دولة مدنية حديثة تستند إلى منظومة قيم عربية إنسانية."

لكن هذه الرؤية كثيرًا ما تصطدم بتحديات التطبيق ، مثل ضعف المشاركة السياسية أو غياب خطاب فكري موحد. وهنا يصبح التجديد الفكري ضرورة وجودية ، لا ترفًا ثقافيًا.

ثالثًا: الفكر المحافظ الأردني… ضمانة للتماسك الاجتماعي

الفكر المحافظ في الأردن ليس نقيضًا للنهضة، بل هو رافد من روافدها الأساسية ، فالمجتمع الأردني ، بتكوينه القبلي والديني والأخلاقي و القيمي ، يمتلك منظومة قيم تحافظ على التماسك والاستقرار. هذا الفكر المحافظ — القائم على التدرّج والاعتدال — ساهم في تجنيب الأردن صدمات فكرية وسياسية عصفت بدول أخرى.

يرى بعض المفكرين أن النهضة الحقيقية لا تكون بالقطيعة مع الماضي ، بل ببناء جسر بين القيم الأصيلة وروح التغيير ، و يقول الكاتب ناصر الزيادات في مقاله عن المجتمع الأردني المحافظ: "لقد أفشل الوعي الشعبي الأردني كل محاولات القفز على الهوية ، لأن التغيير الحقيقي لا يتم إلا حين ينبع من الذات، لا حين يُفرض عليها من الخارج."

رابعًا: نحو نهضة أردنية متوازنة

لكي تستعيد النهضة الأردنية حضورها الفاعل ، لا بد من خطوات فلسفية وسياسية متكاملة:

1. إصلاح التعليم والفكر النقدي: تحويل المدرسة والجامعة إلى فضاء للحوار لا للحفظ.
2. توسيع الفضاء العام: تعزيز حرية التعبير وتفعيل الأندية الثقافية والمراكز الفكرية المستقلة.
3. دمج الشباب في صناعة القرار: ليس كمستفيدين من الدولة، بل كشركاء في بنائها.
4. تجديد الخطاب الديني والاجتماعي: ليكون محافظًا في جوهره، منفتحًا في لغته، مستنيرًا رؤيته.
5. إعادة قراءة التراث: برؤية فلسفية نقدية ترفض الجمود وتستبقي على الجذور

خامسًا: الخاتمة — النهضة كوعيٍ متجدد

النهضة ليست لحظة في التاريخ ، بل حالة دائمة من الوعي ، إنها دعوة إلى إعادة تعريف الإنسان في علاقته بالزمن ، وبالمعنى، وبالمجتمع.

في الأردن ، تظل النهضة مشروعًا متوازنًا بين العقل المحافظ والروح المبدعة ، إنها محاولة لإعادة رسم المعادلة التي تحكم الوجود:
كيف نكون أوفياء لتراثنا دون أن نُسجن فيه ؟ وكيف نصنع المستقبل دون أن ننسلخ عن ذاكرتنا؟

إن النهضة ، كما يعبّر عنها الفكر الأردني الأصيل ، ليست صراعًا بين القديم والجديد ، بل حوارًا أبديًا بين الجذر والسماء — بين ما نحمله من تاريخ ، وما نطمح أن نصبح عليه.

حمى الله اردننا ملك و شعبا .

* حزب المحافظين الاردني





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :