ذوو الإعاقة مهيؤون ليكونوا بيننا… فهل نحن جاهزون؟
الدكتورة غادة قاقيش
30-11-2025 05:44 PM
في اليوم العالمي لذوي الإعاقة، يتجدّد السؤال الذي يلامس جوهر إنسانيتنا قبل أن يلامس واقع مؤسساتنا، هم مهيؤون ليكونوا بيننا… فهل نحن جاهزون لاستقبالهم كما يجب؟
لطالما انشغلنا – وبحق – بملفّ الدمج من زاويته المؤسسية؛ بنية تحتية مناسبة في المدارس، غرف صفية مهيّأة، كوادر تعليمية مدرّبة، مناهج تراعي الفروق الفردية، وتسهيلات تضمن وصولًا عادلًا للجميع. وهذه كلّها شروط لا غنى عنها، وهي جزء أساس من منظومة دمج حقيقية وفاعلة.
لكن، وبرأيي المتواضع، الحاجة الأكبر ليست في الحجر بل في البشر. ليست في البناء، بل في الوعي.
فالدمج الحقيقي يبدأ من تهيئة الشعوب، لا من تغيير المقاعد والممرات.
نحتاج في المجتمع الأردني إلى ثورة صغيرة في الثقافة المجتمعية… ثورة في الفكر والتقبّل والنظرة إلى الإنسان المختلف. لأن الدمج ليس صورة طفل على كرسي متحرك في كتاب مدرسي، وليس إضافة سماعة طبية فوق أذن أحد الشخصيات في مادة العلوم. الدمج ليس "حضورًا شكليًا"، بل علاقة إنسانية قائمة على الاحترام والوعي والاعتراف بقدرات الآخر وليس بعجزه.
الدمج الحقيقي يبدأ من بيوتنا.....
حين نتوقف عن الهمس أمام أطفالنا حول "الإعاقة"،
حين نُعلّم أبناءنا أن الاختلاف طبيعي وليس مدعاة للخوف أو السخرية،
حين نكون نحن النموذج الأول في التقبّل، فنزرع في قلوبهم قيم الرحمة والعدل والمساواة.
هناك، في تفاصيل التربية اليومية، يبنى مجتمع قادر على الاحتواء قبل أن تبنيه القوانين.
أقول دائمًا: إنّ المحبة وحدها قادرة على إنجاح أي مشروع وطني.
الاعتزاز والانتماء للوطن ليسا مجرد كلمات؛ هما ممارسة فعلية، تبدأ بأن يشعر كل فرد – مهما كان اختلافه – بأنه جزء أصيل لا غريب.
المحبة تصنع المعجزات… وبالمحبة فقط نستطيع أن نجعل الدمج واقعًا يليق بكرامة الإنسان.