facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حين يحتاج الوطن أصواتهم يختفون!


م. محمد العمران الحواتمة
01-12-2025 10:41 AM

في هذا البلد الذي تعلمنا على ترابه معنى الرجولة ، نكتشف في كل محطة أن الوطن لا يخطئ حين يميز بين من يخدمه فعلاً وبين من يختبئ خلف ضوء شاشة . نكتشف أن الذين ملأوا الدنيا ضجيجاً تحت مسمى “مؤثرين” ليسوا إلا أصواتاً فارغة لا تسمع حين يرتفع صوت الأردن . تراهم حاضرين في كل إعلان وفي كل مطعم جديد وفي كل رحلة مدفوعة الأجر ، وتراهم يتسابقون على الفلاتر والضحكات المصطنعة ، لكنك لا تراهم حين تتطلب البلاد كلمة ، أو موقفاً ، أو مجرد حضور إنساني يشعر الناس أن لهذه البلاد أبناءاً يليقون بها .

وقبل أيام فقط ، قدم نشامى المخابرات والأمن العام درساً جديداً في معنى أن تكون رجلاً حقيقياً في زمن الاستعراض . وقفوا حيث لا يقف غيرهم ، واجهوا الخطر دون إعلان ، ودون تصوير ، ودون اعتذار . فعلوا ما يفعل الرجال : تصدروا الصفوف بلا ضجيج ، وصنعوا الأمن بصدورهم قبل أسلحتهم . وفي تلك اللحظات التي ارتجف فيها القلب فخراً ، بحثنا حتى بدافع الفضول عن أولئك الذين لا يغيبون عن شاشاتنا في الأيام العادية … فلم نجد لهم أثراً . لا كلمة ، لا موقف ، لا حتى احترام واجب للحظة وطنية تستحق أن يرفع لأجلها الصوت.

وغداً ، حين يقف منتخبنا في كأس العرب ، ويرفع الراية في وجه المنتخبات ، ويهتف الجمهور باسم الأردن ، سيظهر المشهد ذاته : الوطن في الساحة ، والنشامى في الساحة ، والناس في الساحة … وأصحاب “التأثير” في غيابهم الأزلي . هم لا يعرفون الوطن إلا حين يكون خلفية جميلة لفيديو ، ولا يفهمون الانتماء إلا حين يكون محتوى يصلح للترند . يملؤون العالم حضوراً في الترف ، ويغيبون تماماً في الجد . كأنهم مؤثرون على كل شيء … إلا على أنفسهم .

في كل مناسبة وطنية ، في كل موقف يحتاج كلمة صادقة أو دعماً معنوياً ، في كل لحظة يصبح فيها الأردن عنواناً للرجولة ، نرى من يحمون هذا البلد بأفعالهم بينما يلوذ الآخرون بالصمت . والفرق بين الاثنين ليس فرقاً في الشهرة ، بل في القيمة . الأولون يصنعون أمن البلاد دون انتظار مقابل ، والآخرون يصنعون مقاطع لا تعيش أكثر من 24 ساعة . الأولون يعيشون لأجل الوطن ، والآخرون يعيشون لأجل المشاهدات . الأولون يتركون أثراً ، والآخرون يتركون ظلاً لا يذكر .

والمؤلم ليس غيابهم … بل ادعاؤهم الحضور . المؤلم أن يتزين البعض بلقب “مؤثر” دون أن يؤثر بكلمة واحدة حين يكون الوطن بحاجة إلى كلمة . المؤلم أن يطلبوا الاحترام دون أن يقدموا ما يستحق الاحترام . المؤلم أنهم يطاردون الترند ، لكنهم لا يطاردون الشرف . يختفون حين ينادي الوطن ، ثم يعودون عندما تعود الحياة إلى ترفها، كأن البلاد مكان للتصوير لا مكان للولاء .

لكن الأردن لا تُقاس قيمته بعدد من يتحدثون عنه ، بل بعدد من يقفون لأجله . وهذا البلد عرف أبناءه الحقيقيين ، وعرف من حمله في القلب وليس في المنشورات . وعرف من كان هنا حين احتاجه ، ومن اختفى كأن الوطن لا يعنيه . سيبقى الأردن عالياً بمن يحرسه ويتقدم لأجله ، لا بمن يكتفي بالمشاهدة . وسيبقى الصوت الحقيقي هو صوت النشامى … لا أصوات الوهم التي تطفئها أول لحظة جد .

إن الوطن يظهر حقيقة الناس … ولحسن الحظ ، لم يخطئ يوماً





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :