facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الحرب الروسية الأوكرانية: بداية النهاية؟!


أ.د أحمد بطَّاح
02-12-2025 03:37 PM

لعلّ من المأمول أنّ الخطة الأمريكية التي قدمتها إدارة ترامب إلى كل من روسيا وأوكرانيا، تُعد بداية النهاية لهذه الحرب الضروس التي ما زالت تدور بين دولة نووية عظمى هي روسيا، ودولة أوروبية مُهمة هي أوكرانيا، والواقع أنّ خطة الإدارة الأمريكية جاءَت كمحصلة لعوامل عديدة أهمها التقدم الواضح للقوات الروسية على الأرض، فهي تكاد تحتل أراضي "الدونباس" في شرق أوكرانيا بالكامل، وهي تضرب العاصمة الأوكرانية والبنية التحتية للطاقة في أوكرانيا بنجاح، الأمر الذي يترك الأخيرة هذه أمام شتاء شديد القسوة، وفضلاً عما سبق فإنّ من الجلي أن أوروبا لم يعد بإمكانها أن تساهم بشكلٍ أكبر في دعم أوكرانيا، الأمر الذي جعلها تتجه إلى استثمار الأصول الروسية المجمدة، والأهم من كل ما سبق أن الولايات المتحدة لم تعد راغبة في تقديم المزيد من الدعم لأوكرانيا، علماً أنها تبيعها ما تزودها به من أسلحة بأموال أوروبية، كما أنها عقدت معها اتفاقية "المعادن النادرة" التي جعلتها تسترد ما قدمته لها سابقاً.

إن الخطة الأمريكية الجديدة تحقق أهم أهداف الحرب بالنسبة لروسيا، كما أنها تتعامل مع الأسباب الحقيقية التي قادت فعلياً إلى الحرب، وباستعراض لهذه الخطة نجد أن روسيا سوف تحتفظ بشبه جزيرة القرم التي احتلتها منذ عام 2014، كما أنها سوف تُبقى سيطرتها على حوض الدونباس في شرق أوكرانيا الذي ضمته لها منذ فترة، ولعلّ أهم من ذلك بالنسبة لروسيا أنّ أوكرانيا لن تتمكن من الانضمام إلى حلف "الناتو"، وسوف تتحدّد قوتها بـ (600,000) جندي، وستُحرم من امتلاك أية أسلحة نووية.

أمّا فيما يتعلق بأوكرانيا فإنّها سوف تتجنب الهزيمة الكاملة الوشيكة على الجبهة وخسارة مزيد من الأراضي، ولديها فرصة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، كما أنّها سوف تُعطى ضمانات أمنية من دول كبيرة عديدة بدون أن تستضيف قوات على أراضيها، وسوف تتم مساعدتها في إعادة الإعمار. إنّ من الواضح تماماً أن الخطة الأمريكية تعكس نتائج المعارك على الأرض، "فالقوة هي ظل السياسة على الأرض" كما يُقال، وما نهايات الحروب دائماً إلا نتائج ما تحققه الجيوش على أرض المعركة.

وقد يتساءَل متسائل: ما مصلحة الإدارة الأمريكية في تقديم مثل هذه الخطة التي تأخذ جانب روسيا بوضوح؟ والواقع أن الولايات المتحدة دولة عظمى لها مصالح كثيرة حول العالم قد تقايض بها روسيا في مكان أو آخر، كما أنّ الولايات المتحدة أخذت تدرك بتدرج ولكن بوضوح أن أوكرانيا لا تستطيع كسب المعركة مع روسيا، فالجيش الروسي هو ثاني أقوى جيش في العالم، والصناعة الروسية قادرة على تزويد الجيش الروسي باستمرار وبانتظام بكل ما يحتاجه من اعتدة، وعدد سكان روسيا يفوق عدد سكان أوكرانيا بثلاث مرات، الأمر الذي يمكّن روسيا من دعم الجبهة بمزيد من الجنود، وهذا بالطبع إذا وضعنا جانباً أن "ترامب" مُعجب بالزعيم الروسي "بوتين" ويعتقد إنه يمكن التفاهم معه في كثير من الأمور.

إنّ من مصلحة العالم أجمع أن تنتهي هذه الحرب فهي قد تقود إلى حرب عالمية ثالثة بحكم أن بعض أطرافها دول نووية قد تجد نفسها مضطرة لاستخدام ولو أسلحة نووية تكتيكية، الأمر الذي يمكن أن يقود إلى رد فعل من الطرف الآخر، وهذه الحرب بالإضافة إلى ما سبق استنزفت الإقتصاد العالمي وبالذات الأوروبي وأوقعت الدول الأوروبية في مشكلات عديدة تتعلق بالطاقة التي كانت تشتريها بأسعار رخيصة من روسيا، وغني عن القول أن روسيا تضررت هي الأخرى بحكم العقوبات الكبيرة التي فُرضت عليها من قبل الغرب، وبحكم أن دولًاًمجاورة لها انضمت إلى حلف "الناتو" بسبب الحرب مثل (فنلندا) التي خشيت امتداد الحرب إليها مما تسبب في خلق وضع جيوسياسي غير سهل بالنسبة لها.

وختاماً فلا بدّ من الإقرار بأنّ الحرب الروسية الأوكرانية نشبت بسبب شَرَه حلف الناتو للتمدد بحيث يلامس الحدود لدولة نووية عظمى هي روسيا، وبسبب خطأ في التموضع من قبل أوكرانيا التي أرادت الانضمام إلى المنظومة الأوروبية وحلف الناتو متجاهلةً حقيقة أنها تجاور دولة كبرى مساحتها (17) مليون كم2 ولديها (6000) رأس نووي استراتيجي، ويرجع ثلث سكانها في (شرق أوكرانيا) إلى أصول روسية ويتكلمون باللغة الروسية.

إنّ السياسة هي "فن الممكن" ولعلّ الممكن الآن لكل من الدولتين المتجاورتين: روسيا وأوكرانيا هو قبول الخطة الأمريكية (ولو بعد تعديلها) وإحلال السلام بينهما فذلك خيرٌ لهما وللعالم أجمع.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :