يمثل الأردن شريانًا دائمًا ومتصلًا لقطاع غزة في مختلف الظروف والأحوال، إذ تواصل القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي أداء دورها بوصفها داعمًا رئيسيًا في المجالات الطبية والتموينية والإغاثية.

فقد أرسلت القوات المسلحة مخبزين ميدانيين متنقّلين داخل القطاع يعملان على مدار الساعة، وينتجان نحو 140 ألف رغيف يوميًا لتأمين هذه المادة الأساسية للأهالي في ظل الظروف الإنسانية الصعبة، ولا سيما في فصل الشتاء. ويأتي تشغيل هذين المخبزين استمرارًا لسلسلة من المبادرات الإغاثية التي يقدمها الجيش العربي للتخفيف عن السكان المتضررين وتلبية احتياجاتهم الأساسية والضرورية.

في السياق ذاته، استقبل الأردن الدفعة الثامنة عشرة من أطفال غزة الذين نُقلوا للعلاج في المستشفيات الأردنية، وعلى رأسها الخدمات الطبية الملكية، وذلك ضمن برنامج إنساني متكامل تشرف عليه القوات المسلحة بالتنسيق مع الجهات المعنية. وتعد هذه الخطوة جزءًا من الجسر الطبي والإغاثي الذي يرسله الأردن منذ بداية الأزمة قبل أكثر من عامين، إلى جانب وجود مستشفيين ميدانيين تابعين للخدمات الطبية الملكية داخل القطاع.

إن ما تقدمه القوات المسلحة الأردنية يؤكد أنها ليست مجرد قوة دفاع عسكري، بل ركيزة إنسانية رئيسية تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني، وتواصل أداء دورها الوطني والقومي والإنساني بكل مسؤولية واقتدار. وتتجسّد أهمية هذا الدور على عدة مستويات، أبرزها:

1. تجسيد الرؤية الملكية القائمة على أن الأردن لا ينفصل عن قضايا أمته، وأن دوره تجاه فلسطين ثابت ومتجذّر لا يتغير بتبدل الظروف.
2. إسناد إنساني مباشر يخفّف معاناة المدنيين في غزة عبر الغذاء والدواء والإيواء، ما جعل الجيش العربي خط الدفاع الأول عن الكرامة الإنسانية.
3. تعزيز الاستقرار الإقليمي من خلال تقديم نموذج للدولة التي تتحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقومية، بعيدًا عن الشِعارات، وبالقرب الحقيقي من الميدان.

وختامًا، فإن هذا الجهد يمثّل ترسيخًا لصورة الأردن كدولة ذات موقف مبدئي ثابت، تقف إلى جانب الحق الفلسطيني وتدعم صمود غزة بكل إمكاناتها وبآليات مدروسة ومتواصلة. وتثبت القوات المسلحة الأردنية، بجهود منسوبيها، مرة بعد مرة، أن دورها يتجاوز حدود الواجب العسكري ليصبح رسالة إنسانية وأخلاقية وسياسية تؤكد أن الأردن كان وسيبقى سندًا للأشقاء، وفعلًا على الأرض لا مجرد كلام أو تصريحات فضفاضة لا تغني ولا تسمن.

وهي رسالة واضحة لكل من يقلّل من أهمية الدور الأردني الذي جسّدته وتواصله القوات المسلحة، وبمتابعة شخصية مباشرة من لدن جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، حفظه الله ورعاه.

"الدستور"