حكلي لحكلك، أخلاق خلف الأبواب المغلقة
المحامي زيد العتوم
04-12-2025 07:31 PM
عندما نتمعن في موضوع الاخلاق والفساد في العمل العام نكتشف ان لكل طرف ميزانه الخاص. فالدولة لها معاييرها، والناس لهم معايير اخرى، وبينهما مساحات رمادية تتحرك فيها المصالح.
في الدولة، المشكلة ليست في الفساد نفسه بل في انكشافه. ما دام الامر مخفيا فهناك دائما مساحة لـ "حكلي لحكلك"، ومساحة لتجاوز هنا وغض طرف هناك، شرط ان يبقى المسؤول ملتزما بالخط العام. لكن اذا انفضح الامر، تنقلب الموازين ويفتح باب المحاسبة بقوة الى ان يهدأ الغبار، ليبقى الهدف الحقيقي هو ان لا تمس جهة المساءلة نفسها بالمساءلة.
وعند الناس، فالصورة ليست ابسط. من له مصلحة يجد الف تبرير لفساد يستفيد منه مباشرة، او لفساد لا يعود عليه بنفع مباشر لكنه يخدمه بطريقة غير مباشرة. اما من لا مصلحة له، فيتحول فجأة الى اعتى محاربي الفساد، يفضح، يصرخ، ويطالب بالحساب الى ان يجد من يرضيه فيهدأ كل شيء.
وبين هؤلاء جميعا تقف الاغلبية الصامتة من مسؤولين ومواطنين نزيهين. ترى، تعرف، وتتذمر، لكن لا تملك ادوات القوة ولا مساحات التأثير. يخرج بين حين وآخر من بينها صوت يطالب بالاصلاح، لكن هذا الصوت اما يحاصر او يهمش او يهدأ بالتي هي احسن.
لا اعرف ان كان هذا المشهد يتكرر في كل دول العالم. لكن هذا ما اراه، وهذا ما نعيشه، وهذا هو واقع المعايير عندما تصبح المصالح هي التي تحدد معنى الفساد، لا القانون ولا الاخلاق.