البطالة .. مشكلة التعليم أم مشكلة الاقتصاد؟
د. محمد عبدالله الخطايبة
07-12-2025 10:24 AM
لفتني مقال الاستاذ فهد الخيطان " البطالة مشكلة التعليم وليس الاقتصاد"، واقتبس منه "فيما الجامعات تزداد ومعها ترتفع أعداد الخريجين غير المؤهلين لسوق العمل"، ومنه أطرح هذا المقال مرتكزاً على نتائج الانتخابات النيابية للعام 2024 والاخبار المنتشرة حول حل البرلمان، ووضع المالية العامة ونسب البطالة.
وابدأ هنا، أن جذور الأزمات السياسية والاقتصادية تعود إلى المشاكل الاجتماعية، ولفهم هذه الأزمات؛ يجب مراقبة المجتمع، وفهمه، وتحديد احتياجاته وأبدأ في التعليم بكافة أنواعه حيث نستطيع ان نوجز أن التعليم الحديث هو امتداد طبيعي للنظام التعليمي في القرون الوسطى، ومن خلال صيرورة ثقافية وسياسية، اتجه التعليم النظامي إلى نظام مركب ومعقد من ناحية وضع المناهج التعليمية (المقررات) وأيضاً وضع الرسوم الدراسية واللوائح الجامعية.
ومن المفاهيم المهمة في تلك الحقبة هو مفهوم التعليم الإلزامي، الذي وضعته مملكة بروسيا عام 1800 وذلك لإنتاج المزيد من الجنود والمواطنين المطيعين، ومن خلال ذلك اتجهت معظم الدول إلى استغلال التعليم النظامي لتعديل السلوك الاجتماعي للمواطنين وذلك بما يناسب وتوجهات الدولة، حيث اعتبر ميشيل فوكو الجامعات والمؤسسات التعليمية من المؤسسات التي تعيد إنتاج المواطنين حسب رغبة السلطة، حيث تروض السلطة المجتمع وتفرض عليهم السلوك المناسب.
وإذا أردنا إسقاط ذلك محلياً نطرح الاسئلة التالية: هل تعزيز صندوق الطالب الجامعي كان أداةً من أدوات الدولة الأردنية لترويض المجتمع؟ وهل نجح في ذلك؟ إذا كانت الإجابة بنعم، هل نتائج الانتخابات الأخيرة في الأردن كانت نتاجاً لمقررات المدارس والجامعات؟ أم أن البيوت هي من يشكل الرأي العام ولا علاقة للمنهاج؟ أم أن النتائج أضفت إلى أن أدوات التعليم والتعليم العالي الترويضية لم تفلح؟
يقول الأكاديمي في جامعة ليستر بوب بيرغسن "الجامعة عبارة عن منشأة تجارية وأي شخص يعتقد خلاف ذلك هو للأسف على خطأ"، حيث تقدم الدعم لتلك الشركات التي تحتاج إلى خبرات وموظفين، ومن هنا انتهت مقولة أن الجامعة تخرج المثقفين، لأن السوق لا يحتاج إلى مثقف، بل إلى موظف مطيع.
وعلى هذا الأساس يكون هدف المؤسسات التعليمية هو الربح المالي بدلاً من تحسين الظروف المعيشة للإنسان، اي مركزاً رأسمالياً وذلك على حساب المعرفة والجودة او حتى توجهات وحاجات الدولة، وهو ما ذكره مقال السيد الخيطان ومعها ترتفع أعداد الخريجين غير المؤهلين لسوق العمل.
واُنهي هنا، قد لا يكون النظام التعليمي فقط لا يلبي متطلبات سوق العمل بل ايضاً لا يساهم في تعديل السلوك الاجتماعي للمواطنين بما يتناسب وتوجهات الدولة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.