يمثّل هذا الدمج مقترحًا لتطوير القطاع العام في الأردن من خلال رفع الكفاءة وتحسين جودة النتائج في ملفات التنمية والبنية التحتية. أقترح هذا الدمج انطلاقًا من الحاجة إلى ربط التخطيط المحلي بالقدرة التنفيذية الوطنية ضمن إطار واحد أكثر وضوحًا وفعالية. تقوم وزارة الأشغال اليوم بإدارة البنية التحتية الوطنية الكبرى كالطرق الخارجية والجسور والمباني الحكومية، بينما تتولى وزارة الإدارة المحلية شؤون البلديات، والتخطيط التنموي، وإدارة المجالس البلدية ومجالس المحافظات. هذا الفصل بين جهة تخطط محليًا وجهة تنفذ وطنيًا جعل عملية التنمية تمر عبر مسارات متعددة وكثرة نقاط التسليم بين المؤسسات، وأضعف القدرة على تحويل الاحتياجات المحلية إلى مشاريع هندسية مكتملة، خصوصًا في ظل محدودية الموارد وارتفاع كلفة التأخير.

فكرة الدمج لا تعني خلط المهام، بل إعادة تنظيمها داخل وزارة واحدة تضم جناحًا هندسيًا وطنيًا يحتفظ بدور الأشغال الكامل في تنفيذ البنية التحتية المركزية وفق أعلى المعايير الفنية، إلى جانب جناح تنموي محلي مسؤول عن التخطيط وتحديد الأولويات في المحافظات. وجود هذين الجناحين تحت مظلة واحدة يعيد تنظيم سلسلة القيمة في التنمية من تحديد الاحتياج إلى إعداد البرامج إلى التمويل والتنفيذ ثم المتابعة وقياس الأثر. وبذلك تصبح التنمية المحلية مرتبطة مباشرة بالقدرة التنفيذية للدولة، ويصبح القرار أوضح والمسؤولية محددة، ما يرفع كفاءة الإنجاز ويقلل الوقت المهدور بين الجهات.

وتنسجم هذه الخطوة مع منهجيات الإصلاح الإداري عالميًا، حيث يعد جمع التخطيط والتنفيذ ضمن إطار واحد من أهم وسائل تحسين النتائج وتقليل كلفة التنسيق. كما يتيح الدمج إنشاء وحدة مركزية متخصصة لإدارة المحافظ والمشاريع (PMO) داخل الوزارة الجديدة، تتولى مواءمة البرامج مع الرؤية الوطنية، ومتابعة الالتزام بالجدول الزمني، وضمان توزيع الموارد بعدالة بين المحافظات وفق احتياجات واضحة.

ولكي يحقق الدمج أثره المطلوب، يجب أن يستند إلى تصميم مؤسسي واضح يحدد مسؤوليات كل جناح، ويحافظ على التخصص الفني، ويقوي القدرات المحلية، ويضمن أن المشاريع الوطنية الكبرى تبقى منفذة وفق المعايير الهندسية الصارمة التي تتولاها الأشغال اليوم. الهدف هو تحسين الأداء ورفع كفاءة الاستثمار العام، لا مجرد تغيير شكلي أو نقل وحدات من مكان إلى آخر.

إن هذا الاقتراح، إذا نُفذ بأسلوب مدروس، يمكن أن يشكل تحولًا مهمًا في إدارة ملفي التنمية والبنية التحتية في الأردن، ويمنح المحافظات مسارًا واضحًا للتخطيط والتنفيذ، ويعزز قدرة الدولة على تحقيق نتائج أفضل بكلفة أقل ووقت أسرع.