facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




العام الاول على سوريا .. ماذا بعد؟


السفير محمد الكايد
09-12-2025 12:46 PM

صادف يوم امس مرور عام على انتصار الثورة السورية بعدما دخل الثوار الى مدينة دمشق وهروب الرئيس السابق بشار الاسد. وقد شهدت سوريا خلال العام المنصرم احداثا هامة على المستوى الداخلي والخارجي وعلى الصعيد السياسي والاقتصادي اثرت على كل نواحي الحياة فيها وجلبت حقائق جيوسياسية جديدة على مستوى الاقليم. وشهدت المنطقة إنهيار تحالفات سياسية كانت قائمة لعشرات السنين وظهور عقيدة سياسية جديدة في سوريا تقوم على مبدأ تحسين العلاقات مع دول الجوار والانصراف الى الداخل السوري ومشاكلة المتراكمة منذ عشرات السنين.

ومما لا شك فيه، بانه وخلال العام الماضي حققت الثورة السورية انجازات سياسية واقتصادية لا يستهان بها ، كما ولا تزال تصادفها بعض المشكلات المستعصية والتي تتعامل معها القيادة السورية بكل واقعية وحكمة مدركة ان مشاكل النظام السابق المتراكمة لما يزيد عن خمسين عاما لا يمكن حلها بين عشية وضحاها.

ومن اعظم الانجازات التي تحققت خلال العام الماضي هي طرد النفوذ الايراني واتباعه الاقليميين بشكل سريع وحاسم. ويمكن القول بان سوريا قد كسرت الهلال الشيعي الذي كان له تأثير لا ينكر على المنطقة برمتها ، وان الرئيس احمد الشرع قد تمكن ومنذ الايام الاولى للثورة من تحطيم هذا الهلال السياسي العقائدي الذي ذهب بالسياسة والاقتصاد السوري الى نواحي لا تخدم المصلحة العربية ولا الشعوب العربية. وقد عبر وزير الخارجية الايراني السابق السيد جواد ظريف خلال مشاركته في منتدى الدوحة بالامس عن الامتعاض الايراني من الوضع الجديد فيالمنطقة منوها ان ايران قد تكبدت خسائر مادية وبشرية نتيجة تحالفاتها السابقة هناك. وبالمناسبة لم يكن السيد ظريف ظريفا في حديثة المتعالي والمتصابي.

كذلك تمكن النظام الجديد من تحسين العلاقة مع معظم الدول العربية وخاصة محور دول الاعتدال ودول الخليج العربي. ولم يكن هذا التحسن على الورق فقط ، بل تم اتخاذ خطوات عملية وسريعة من قبل الجانبين لحل كل المشاكل التي كانت تعترض هذه العلاقات. وكان الاردن من المبادرين في حل المشاكل مع سوريا عن طريق تقديم الدعم للنظام الجديد في دمشق على المستوى السياسي والامني والاقتصادي. كذلك بدأت الاستثمارات الخليجية بالقدوم الى سوريا وهي البلد التي تحتاج الى اعادة خلق النظام الاقتصادي المتهالك فيها وخاصة في البنى التحتية وقطاع النفط والكهرباء. ويمكن القول بان سوريا الان قد دخلت كعضو جديد في محور الاعتدال العربي وذلك بفضل البراغماتية والحكمة التي تتعامل فيها القيادة السورية الجديدة مع اشقائها العرب. وقد ولى الزمن الذي كانت فيه دمشق تنعت المسسؤولين العرب بانصاف الرجال وتصف نفسها بانها عاصمة محور المقاومة ، واصبحت الان شريكا سياسيا واقتصاديا مع الدول التي كانت لسوريا مواقف عقائدية وشعبوية تجاهها وسياسات تختلف جذريا عنها

من جهة ثانية ، تمكن الرئيس السوري احمد الشرع من انتزاع إعجاب الرئيس الامريكي دونالد ترامب من اللقاء الاول الذي تم بينهما في المملكة العربية السعودية. وقد تلا ذلك اللقاء لقاءات اخرى واتصالات بين الجانبين تمكنت خلالها سوريا من رفع العقوبات الامريكية التي كانت مفروضه عليها بموجب قانون قيصر. وبالرغم من ان رفع العقوبات بشكل تام ونهائي لم يحصل بعد ، الا ان الرفع الاولي قد فتح الافاق والفرص للشركات الامركية لبدء عمليات استثمارية في سوريا ستسهم حتما في تقوية العلاقات بينهما. فمن كان يتخيل ان تقوم الادارة الامريكية بالطلب من اسرائيل بالكف عن التحرش بالنظام الجديد ، ومن كان يتصور ان يقوم الرئيس السوري بزيارة واشنطن والالتقاء بالرئيس الامريكي في البيت الابيض والتعرض لرش العطور عليه من قبل الرئيس ترامب. ولا شك ان هذا التحسن في العلاقات بين الولايات المتحدة وسوريا قد نتج من قدرة النظام الجديد بربط المصالح الامريكية بوجود النظام ورئيسه وهو ما يمثل وعي سياسي تمكنت سوريا من خلاله من رفع العقوبات الاقتصادية والمالية التي اثقلت كاهلها لفترة طويلة.

اما على الصعيد الداخلي ، فلا شك ان هناك انجازات ولكنها لا تضاهي ما تم تحقيقه على المستوى الخارجي. فلا زالت هناك بعض القضايا في مشكلة السويداء ، وكذلك مع الاكراد وتنظيم قسد ، ومشاكل في عملية التحديث السياسي والانتخابات ، وحقوق الاقليات والاعراق في سوريا ، اضافة الى عملية استتباب الامن والاستقرار في كل انحاء سوريا ، وبعض المشاكل السياسية الاخرى ، وناهيك ايضا عن المشكلات الاقتصادية وعيشة المواطن السوري والافتقار الى البنية الاساسية لمعظم القطاعات الاقتصادية والتشريعات الناظمة لعملية النهوض الاقنصاد السوري.

ولكن وبالرغم من ان معظم هذه المشاكل لم تحل بعد بشكل كامل ، الا انه لا يمكن التقليل من الاهمية التي يوليها النظام الجديد لحل هذه المشاكل وتحرير الاقتصاد السوري من تبعيات الاشتراكية التي حكمت سوريا لسنوات طويلة. والاهم من هذا وذاك ، فان جميع المشاكل الداخلية سواءا السياسية او الاقتصادية لم تؤثر على شعبية النظام الجديد لغاية الان ، ولم يتراجع التأييد الشعبي للرئيس احمد الشرع بل كانت الاحتفالات التي جرت بالامس بمناسبة مضي عام على الثورة والجموع الشعبية التي امتها بمثابة دليل واضح ان الثورة لا زالت تحظى بتأييد قطاعات كبيرة من الشعب السوري وخاصة الطائفة السنية ذات الاغلبية الكبيرة والتي دعا افرادها بالامس الرئيس الشرع لاعتلاء منبر المسجد لالقاء خطبته كخطوة رمزيو وعفوية تعبر عن الدعم الشعبي للثورة والرئيس.

ولكن يبقى العامل الاسرائيلي السبب الرئيسي في التوترات وعدم الاستقرار للنظام الجديد في سوريا. وكعادتها تختلق اسرائيل الاعذار لتجد لنفسها المبررات للتدخل في الشأن السوري ، فتارة عن طريق استغلال وضع الدروز ، وتارة عن ضرورة توفير الامن في الجنوب السوري ، وتارة عن تعاظم النفوذ التركي داخل اورقة النظام. وستبقى اسرائيل تبحث عن اعذار للتدخل في الشأن الداخلي السوري فيما ستبقى الحكومة السورية تبتعد عن الاشتباك المباشر مع اسرائيل نظرا الى موازين القوى الشاسع بين البلدين. وبالرغم من ان الرد السوري على الاعتداءات الاسرائيلية يذكر البعض بردود النظام السابق واحتفاظه دائما باحقية الرد ، الا ان الوضع الحالي يختلف جذريا عما كان عليه ابان حكم الرئيس الاسد. ويمكن القول بان عدم رغبة دمشق بالدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع اسرائيل يعتبر تكتيك وتقدير موقف سياسي وعسكري يضمن بقاء النظام ويتجنب تقويض الثورة السورية وانصرافها عن المشاكل الاخرى الكبرى التي تعاني منها.

في ضوء ما سبق ، لا شك بان القيادة الحالية في دمشق تتعامل مع مشاكل سوريا بطريقة واقعية فيها من الحكمة وبعد النظر ما مكنها من تحقيق انجازات كبيرة ، ولكن لا يمكن الحكم على نجاح الثورة من عدمه خلال سنة واحدة فقط. ولكن يبدو بان سوريا تسير بالاتجاه الصحيح سياسيا واقتصاديا وسياتي يوما اذا ما صمد النظام ، فسوف تقدم سوريا نموذجا عربيا جديدا في ادارة الثورة ولسوف تدهش سوريا دول العالم بما يمكن لها ان تكون وفي اعتقادي المتواضع ان اسرائيل ستكون هي صاحبة الدهشة الكبرى.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :