facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




نموذج دبلوماسي كويتي قائم على الحكمة، والاعتدال، والقوة الناعمة


السفير الدكتور موفق العجلوني
11-12-2025 11:52 AM

تُقدّم التجربة الكويتية اليوم أحد أبرز النماذج الدبلوماسية في المنطقة، مستندة إلى رؤية قيادة توازنت بين الحكمة السياسية، والاعتدال الاستراتيجي، وتوظيف أدوات القوة الناعمة بأسلوب رصين وفاعل. وقد جاء نشر دراسة معمّقة في مجلة Contemporary Review of the Middle East التابعة لدار النشر العالمية SAGE ليمثّل اعترافًا دوليًا متجددًا بهذا النموذج، ويؤكد في الوقت نفسه أن الحضور الدبلوماسي الكويتي بات موضوعًا ذا قيمة معرفية لدى مراكز الدراسات .

تُظهر الدراسة، التي حملت عنوان “Kuwait as a Regional Mediator: Small-State Diplomacy and Soft Power in Middle Eastern Conflicts”، أن الكويت، رغم محدودية مساحتها وقدراتها العسكرية، نجحت في لعب أدوار إقليمية تتجاوز معايير القوة التقليدية. فقد استطاعت، بفضل فهمها العميق لطبيعة البيئة السياسية في الشرق الأوسط، أن تكرّس لنفسها مكانة “الدولة الجسر” التي تبقي خطوط الاتصال مفتوحة حين تغلقها الأزمات.

ويبرز هذا الدور بوضوح في ملفات حساسة مثل أزمة الخليج عام ، والوساطات بين دول الخليج وإيران، والمساهمة في تخفيف التوترات في الساحة اللبنانية. وفي كل تلك الملفات، لم تكن الكويت مجرد صوت محايد، بل طرفًا نشطًا يسعى لتقريب المواقف وتعزيز الاستقرار الإقليمي.

بنفس الوقت تضع الدراسة القيادة الكويتية في قلب هذا النجاح، مؤكدة أن النهج الدبلوماسي الذي أرساه سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، طيّب الله ثراه، شكّل الأساس الذي بُنيت عليه السياسة الخارجية الكويتية الحديثة. فقد اتسمت قيادة الكويت بالحكمة، وبعد النظر، والتمسك بمبدأ الحوار، وإدراك أن الأمن الإقليمي لا يتحقق بالإكراه بل ببناء الثقة.

وتشير الدراسة كذلك إلى أن هذا الإرث ما يزال حاضرًا في السياسات الكويتية الحالية، حيث تواصل الكويت تمسكها بخيار التهدئة، والعمل بهدوء بعيدًا عن الاستقطابات الحادة التي تزيد من هشاشة المنطقة.

بالمقابل تعتمد الكويت في سياستها الخارجية على القوة الناعمة كأداة مركزية في إدارة علاقاتها الإقليمية. فالمساعدات الإنسانية، والدعم التنموي، والعمل الإغاثي عبر مؤسسات راسخة مثل الصندوق الكويتي للتنمية، أسست رصيدًا دبلوماسيًا يسبق الخطاب السياسي ويوطّد الثقة لدى معظم الأطراف.

وتؤكد الدراسة أن هذا النهج مكّن الكويت من لعب دور “صمام الأمان” خلال أزمة حصار قطر، حيث ساعد حضورها الهادئ والمتوازن في الحفاظ على تماسك الحد الأدنى من وحدة مجلس التعاون الخليجي، والتمهيد لاحقًا لمسار المصالحة.

ورغم التحديات الكبرى التي تحيط بالمنطقة — من انقسامات طائفية، وتدخلات إقليمية ودولية، وتشابك مصالح يصعّب أي عملية وساطة — استطاعت الكويت أن تحافظ على صورتها كـ وسيط موثوق. وهذا الوصف لا يُمنح بسهولة، بل يُكتسب عبر سجل طويل من السلوك السياسي المتزن والوقوف على مسافة واحدة من الأطراف المتصارعة.

إن بناء الثقة، لا مجرد إعلانها، هو جوهر النجاح الكويتي؛ فقد أدارت الكويت ملفات شائكة بصبر، بعيدًا عن الإعلام، في وقت كانت فيه الأضواء تميل إلى التركيز على الأصوات العالية والجولات الصاخبة .

يسجَّل لهذه الدراسة، التي أعدّها الأستاذ الدكتور محمد تركي بني سلامة والباحث بندر ماجد العتيبي، أنها قدّمت قراءة تحليلية متعمقة للتجربة الكويتية، وربطتها بسياق الدبلوماسية الحديثة للدول الصغيرة. كما يعكس نشرها في إحدى أبرز المجلات العلمية المحكمة تقديرًا للمساهمة العربية في إنتاج المعرفة المتعلقة بالوساطة والسلام الإقليمي.

تكشف التجربة الكويتية أن النفوذ الإقليمي لا يُقاس فقط بحجم القوة الصلبة، بل بقدرة الدولة على بناء الثقة، وصياغة مقاربات متزنة، وتوفير مساحات للحوار حين تغيب. ومن خلال حكمة القيادةً الكويتية ، واعتدال سياستها، وتوظيف قوتها الناعمة، قدّمت الكويت نموذجًا دبلوماسيًا فريدًا في منطقة تزدحم بالتوترات.
إن هذا النموذج — كما خلصت اليه الدراسة — لا يكتفي بتخفيف الاحتقان، بل يرسّخ ثقافة سياسية جديدة: ثقافة ترى في الوساطة مسؤولية أخلاقية، وفي الاعتدال قوة، وفي الحوار طريقًا وحيدًا لبناء مستقبل أكثر استقرارًا للمنطقة.

تؤكد الدراسة الدولية المنشورة في مجلة Contemporary Review of the Middle East أن الكويت نجحت في ترسيخ نموذج دبلوماسي فريد يقوم على الحكمة والاعتدال والقوة الناعمة، ومساعيها المتواصلة لتقريب وجهات النظر ، ومساهماتها في احتواء التوترات الإقليمية. ويرجع هذا النجاح إلى النهج الذي أرساه الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وإلى سياسات قائمة على الحياد الإيجابي واحترام السيادة وفتح قنوات الحوار. وتبرز الدراسة أن الكويت أصبحت وسيطًا موثوقًا في بيئة شديدة الاستقطاب، مستفيدة من أدوات القوة الناعمة مثل المساعدات الإنسانية والدعم التنموي والوساطات الهادئة.

لتعزيز هذا النموذج وترسيخه في السنوات المقبلة، توصي القراءة بالاستمرار في تطوير أدوات القوة الناعمة عبر الاستثمار في الدبلوماسية الوقائية، وتوسيع الشراكات البحثية الدولية، ودعم الأطر الإقليمية للحوار، بما يعمّق مكانة الكويت كمنصة للوساطة ويضمن استمرار تأثيرها الإيجابي في محيط مضطرب.

مركز فرح الدولي للدراسات و الابحاث الاستراتيجية
muwaffaq@ajlouni.me





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :