هل يمكن للميكروبات النجاة خارج الأرض وكيف تتصرف في الفضاء؟
د. محمود سمور
11-12-2025 01:29 PM
مقدمة:
تُعدّ الميكروبات من أبسط أشكال الحياة وأكثرها انتشارًا على سطح الأرض ، لكنك تجدها في كل مكان على الأرض تقريباً. قدرتها على التكيف مع بيئات قاسية أدهشت العلماء ودعتهم للتساؤل: هل تستطيع هذه الكائنات البقاء في الفضاء، حيث الظروف أبعد ما تكون عن الحياة؟ هذا الفضول ليس مجرد سؤال عابر. بل لفهم حدود الحياة، البحث عن حياة خارج الأرض، وضمان سلامة رواد الفضاء في الرحلات الطويلة، كلها أسباب تدفع العلماء لدراسة هذا الموضوع.
الظروف القاسية للفضاء
الفضاء مكان لا يرحم. الإشعاع الكوني هناك قوي بما يكفي لإتلاف الحمض النووي لأي كائن حي. الضغط منعدم والفراغ يسحب الرطوبة من الخلايا بسرعة. درجة الحرارة تتغير بشكل متطرف حسب الموقع — مرة برد قارس، ومرة حرارة لا تطاق. والجاذبية شبه معدومة. كل هذا يجعل الفضاء اختباراً قاسياً لأي ميكروب يحاول البقاء على قيد الحياة.
تجارب نجاة الميكروبات في الفضاء
ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية قاموا بتجارب كثيرة، وفعلاً، بعض الميكروبات صمدت هناك لفترات طويلة. بقيت على سطح محطة الفضاء الدولية سنوات، بفضل قدرتها على مقاومة الإشعاع والجفاف. مثل بكتيريا دينوكوكس وبكتيريا باسيلس ساتالس.
Deinococcus radiodurans اسماء البكتيريا -
Bacillus subtilis
بعض أنواع البكتيريا والفطريات حتى زادت مقاومتها بعدما تعرضت للجاذبية الصغرى، وتغيرت جيناتها وسرعة تكاثرها أيضاً.
سلوك الميكروبات في الفضاء
الميكروبات تتغير فعلاً في الفضاء. معدل الطفرات الجينية يرتفع بسبب الإشعاع والجاذبية الصغرى. بعض البكتيريا تبني أغشية سميكة أقوى من المعتاد(اغشية بيوفلم)، ما يزيد فرصتها في البقاء. وهناك سلالات أصبحت أكثر مقاومة للمضادات الحيوية مقارنة بما يحدث على الأرض. حتى طريقة النمو والانقسام تتغير، لأن توزيع العناصر الغذائية في الخلية وشكلها الخارجي يتأثران بالجاذبية المنخفضة.
آليات بقاء الميكروبات خارج الأرض
بعض الميكروبات لديها آليات دفاعية مذهلة. تملك نظم لإصلاح الحمض النووي التالف من الإشعاع. بعضها يصنع أبواغاً تقاوم الظروف القاسية بشكل لا يُصدق. جدرانها الخلوية سميكة وتحميها من الجفاف. وبعضها يدخل في حالة سبات لتقليل حاجته للطاقة والماء.
أهمية دراسة الميكروبات في الفضاء
دراسة هذه الكائنات مهمة لأسباب كثيرة. أولاً تساعدنا على معرفة فرص وجود حياة على المريخ أو الأقمار الجليدية. وثانيا من الضروري السيطرة على الميكروبات في المركبات الفضائية لحماية رواد الفضاء و أيضاً دراسة سلوك البكتيريا في الفضاء قد تقود إلى ابتكارات طبية جديدة. وأخيراً حماية الكواكب من التلوث ضروري عند استكشاف عوالم جديدة.
مخاطر الميكروبات في الفضاء
الميكروبات ليست دائماً صديقة ومقاومتها المتزايدة للمضادات الحيوية قد تجعل علاج الالتهابات صعباً على رواد الفضاء وهناك خطر التلوث في المركبات الغير معقمة في الكواكب الأخرى. وسلوك الميكروبات في الجاذبية المنخفضة يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية غير متوقعة.
مستقبل البحث في الميكروبيولوجيا الفضائية
العلماء يتوقعون أن المستقبل يحمل المزيد من التجارب الطويلة على القمر والمريخ. سيساعد استخدام تقنيات الجينوم الحديثة في فهم كيف تتغير هذه الكائنات بعيداً عن الأرض. وأيضاً، تطوير بيئات محاكاة للفضاء على الأرض سيختبر حدود الحياة بشكل أفضل.
خاتمة:
واضح الآن أن بعض الميكروبات تمتلك قدرات مذهلة تجعلها قادرة على النجاة والتكيف في أصعب البيئات، حتى في الفضاء و دراسة هذه الكائنات توسع مفهومنا عن الحياة، وتبقى خطوة أساسية لفهم الكون وإمكانية وجود حياة خارج كوكبنا.