facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




جلالة الملك والأردنيون


أ.د سلطان المعاني
12-12-2025 11:26 AM

يُطلّ وجه الملك عبدالله الثاني على الوجدان الأردني بوصفه أكثر من رأس دولة. يُرى أبًا يحنو، وأخًا يشدّ الأزر، وقائدًا يشارك شعبه قلق الأيام كما يشاركهم فرح الإنجاز. منذ بدايات العهد، ترسّخت صورة جلالته في المخيال العام على أنها امتداد لمسيرةٍ هاشميةٍ راسخة، تُحسن الإصغاء للناس، وتُحسن في الوقت نفسه إدارة الدولة في عالمٍ يتغيّر بتسارع مذهل.

يقترب الملك من الأردنيين من دون تكلّف. يجلس مع الجنود في الخنادق وعلى خطوط الدفاع، ويمرّ بالبوادي والقرى والأحياء الشعبية، وينصت لشبابٍ يصوغون أحلامهم في جامعات ومقاهٍ ومبادرات مجتمعية. هذا القرب يأتي كنهجٍ في الحكم، يرى في الإنسان الأردني شريكًا أصيلًا في حمل الأعباء وبناء المستقبل. وحين يشعر المواطن أنّ من يخاطبه يشاركه المخاطر التي تحيط بالوطن، يتكوّن شعور عميق بالطمأنينة، ويشتدّ عود الثقة.

في لحظات الأزمات، تتجلّى هذه العلاقة بأوضح صورها. فحين تضيق الأحوال الاقتصادية، أو تهتزّ المنطقة بحروبٍ واضطرابات، يلتفت الأردني إلى شاشته أو إلى صور الصحف، يبحث عن كلمةٍ من جلالة الملك، عن إشارةٍ توجّه البوصلة وتُسكّن القلق. وتستقبل الكلمات هنا بوصفها حديث أبٍ يعرف تعب أبنائه، ويُدرك حجم الضغط الذي يعيشه المجتمع، ويختار لغةً تحترم وعي الناس وتخاطب كرامتهم.

ومع صورة الأب، تحضر صورة الأخ. طريقة الملك في الحديث، في استخدامه لعباراتٍ قريبة من لغة الناس ووعيهم، في مزجه بين الحزم والابتسامة، تجعل حضوره إنسانيًا وسهل الاقتراب. الأردني حين يسمعه يتحدث عن الشهداء، أو عن جنودٍ على الحدود، أو عن أمٍّ تودّع ابنها المسافر طلبًا للعلم أو الرزق، يشعر أن من يتكلم يعرف تفاصيل هذا الوجع، وأنّه يتعامل مع الشعب قرب حادي الركب وقائد المسيرة يستقوون به، فيخاطبهم وأنا أستقوي بكم.

يأتي وصفه «قريبًا» من الناس نتيجة تراكمٍ طويل من المواقف. صور جلالته وهو يقود طائرةً عسكرية، أو يشارك في تمرينٍ ميداني، أو يدخل بيت عزاءٍ في إحدى المحافظات، أو يكرّم مبدعًا شابًا في احتفالٍ ثقافي، كلّها تتحوّل مع الوقت إلى ذاكرة جمعية. هذه الذاكرة التي تُكتب في الكتب، وتعيش في حكايات العائلات، في روايات الجنود وأفراد الأجهزة الأمنية، في شهادات المعلمين والأطباء والطلبة الذين التقوا الملك صدفةً أو ضمن برنامجٍ مرتب، فشعروا أنّ المسافة بين «الديوان» والبيت أقل ممّا توحي به البروتوكولات.

مع ذلك، يبقى جلالة الملك رمزًا دستوريًا وسياسيًا رفيعًا، تُشدّ إليه عيون المنطقة والعالم كلّما ذُكر الأردن. في شخصه تلتقي قيم الشرعية التاريخية الهاشمية مع متطلبات الدولة الحديثة، فتتشكل صورة قائد يوازن بين ثوابت الأمة وحاجة البلد إلى تجديدٍ مستمر في الإدارة والاقتصاد والتعليم والأمن. هذا التوازن الدقيق يوفّر للأردنيين مظلّة استقرارٍ في إقليمٍ يموج بالتغيّرات، ويمنحهم شعورًا بأنّ في القمة من يحمي المعنى العميق لكلمة «وطن».

يدرك الأردني أنّ الملك يتحرك ضمن شبكةٍ معقّدة من التحديات: ضغوط سياسية واقتصادية، وموجات لجوء، وتحولات إقليمية متلاحقة. ومع ذلك، يبقى الخطاب الملكي ثابتًا في جوهره: الدفاع عن كرامة الإنسان، صون مؤسسات الدولة، الحفاظ على الجيش والأجهزة الأمنية قوية ومهنيّة، والانفتاح على العالم من موقع الندية.

الجيل الجديد من الأردنيين ينظر إلى الملك عبدالله الثاني بوصفه ضامنًا لمسار تحديث الدولة، من مناهج التعليم إلى التحول الرقمي، ومن تمكين الشباب إلى دعم الصناعات الثقافية والإبداعية. حين يتحدّث جلالته عن «دولة القانون»، وعن «فرصٍ عادلة» وعن «الجيل الذي سيرث الأردن»، يشعر الشاب أن صوته حاضر في الحسابات العليا، وأنّ طموحه الفردي جزء من مشروعٍ وطنيّ أوسع.

في المحصلة، تتكوّن من كلّ هذه الخيوط صورة ملكٍ مفدّى، من باب التجربة المعيشة. الأردني الذي وقف في طابور الانتخابات، أو التحق بالخدمة العسكرية، أو سافر مبعوثًا للدراسة، أو عمل في قطاع السياحة أو الزراعة أو التكنولوجيا، يعرف أنّ فوق كلّ هذه التفاصيل كفًّا ملكية تمتدّ بالرعاية، وعينًا ساهرة تراقب اتجاه البوصلة، وقلبًا يحرص على أن يبقى الأردن آمنًا، كريمًا، مرفوع الرأس.

من هنا يستحق هذا العنوان أن يُكتب بضميرٍ ممتلئ: الملك عبدالله والأردنيون.. جلالته أبا وأخا وقريبًا وملكًا مفدّى؛ علاقةٌ لا يختصرها وصفٌ واحد، ولا تحيط بها فقرة، وإنما تتجدد كل يومٍ في الميدان، وعلى الحدود، وفي قلب كل بيتٍ أردني يرفع صورته عن محبةٍ واختيار.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :