دمعتك غالية علينا .. وحرقت قلوبنا
محمود الدباس - أبو الليث
13-12-2025 09:35 AM
دمعة الرجل ليست ماءً عابراً.. هي شهادة صدق.. حين تنزل لا تستأذن.. ولا تبحث عن مخرجٍ لائق.. لأنها خرجت من مكانٍ لم يعرف التمثيل يوماً.. من القلب مباشرة.. لذلك تخيف البعض.. وتفضح الكثير.. وتربك مَن اعتادوا الأقنعة الصلبة؟!..
عندما يبكي الرجال.. لا يبكون ضعفاً.. بل لأنهم حملوا أكثر مما ينبغي.. ولأنهم شعروا بثقل الأمانة.. وبأن الخسارة.. لا تُقاس بالأرقام فقط.. بل بالوجوه التي تتألم بصمت.. وبالقلوب التي خذلتها الظروف؟!..
في ظل عالمٍ صار فيه النجاح بياناً صحفياً.. والفشل رقماً يُمحى.. جاءت دمعة على الهواء.. غير محسوبة.. غير مدروسة.. لتقول إن هناك مَن لا يزال يرى البشر قبل النتائج.. ويرى الإنسان قبل المنصب؟!..
مدربٌ انتصر.. وتأهل للدور نصف النهائي.. وكان يفترض أن يبتسم للكاميرا.. لكنه اختار أن ينكسر أمامها.. لأن اللاعب يزن النعيمات أصيب.. لأن جسداً تألم.. ولأن الفوز لا يكتمل حين يدفع أحد الأبناء ثمنه؟!..
هنا فقط فهمنا المعنى الحقيقي للقيادة.. قائدٌ لا يرى مَن تحته أرقاماً في كشف رواتب.. ولا أسماء في قائمة.. بل أبناء.. عائلة.. مسؤولية تُوجِع قبل أن تُشرِّف؟!..
وهنا يبدأ السؤال المؤلم.. كم مسؤولاً عندنا بكى.. لأن موظفاً انهكته الضغوط؟!.. كم مديراً توقف فرحه.. لأن مشروعاً فشل وأضاع أعمار أناس؟!.. كم رأساً كبيراً اهتز.. لأن تحته قلوباً تعبت؟!..
جمال السلامي بكى لأنه شعر.. ومسؤولونا كثيرون لا يشعرون.. لأنهم اعتادوا النجاة الفردية.. اعتادوا أن تسقط المؤسسة.. ويبقى الكرسي.. أن يحترق الفريق.. وتبقى الصورة الرسمية؟!..
دمعة السلامي المغربي لم تكن رياضة.. كانت درساً وطنياً.. تقول إن المنصب لا قيمة له إن لم يكن محمولاً على كتف إنسان.. وإن القيادة بلا رحمة مجرد وظيفة باردة؟!..
نحن لا نطلب من المسؤول أن يبكي أمام الكاميرات.. نطلب فقط أن يشعر.. أن يتألم قليلاً.. أن يدرك أن وراء كل قرار وجهاً.. ووراء كل فشل حياة.. وأن الدموع أحياناً.. هي أول أشكال الأمانة.. وأصدقها.. وأكثرها فضحاً؟!..