facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الفكر المحافظ: حين يكون الثبات فضيلةً في وجه الرياح العاتية


د. بركات النمر العبادي
17-12-2025 10:17 AM

في عالم يُعاد تشكيله كل يوم على وقع العولمة ، والثورة الرقمية ، والاضطرابات الجيوسياسية ، تبرز الحاجة إلى لحظة تأمل عميقة:

هل كل تغيير يُعد تقدمًا؟ وهل الحداثة ، بكل ما تحمله من إغراءات ، كافية لبناء إنسان متوازن ومجتمع مستقر؟ وهنا يطل الفكر المحافظ، لا بوصفه نزعة رجعية أو حنينًا للماضي ، بل كموقف أنطولوجي وأخلاقي يرى في الاستمرارية المجتمعية ركيزة من ركائز الوجود الإنساني المتماسك.

في قلب العاصفة: لماذا يعود الناس إلى المحافظة؟

لم يكن صعود الفكر المحافظ مجرد ظاهرة عابرة ، بل هو ردّ فعل عميق على تحولات عاصفة ، وعلى شعور جمعي بأن الإنسان بات مهددًا بفقدان جذوره وهويته تحت ضغط "الكونية الزائفة" التي تروّجها العولمة. وفي الأردن ، كما في دول كثيرة ، لم يكن السؤال: "كيف نواكب العالم؟" بل: "كيف نواكب دون أن نضيع؟ كيف نُطوّر دون أن نُفكّك أنفسنا؟"

وهنا يكمن جوهر الموقف المحافظ.

1- الدفاع عن الذات الثقافية في مواجهة العولمة

في زمن يذوب فيه الخاص في العام ، والمحلّي في العالمي ، يعود الأردني بفطرته الجمعية إلى منظومته الأخلاقية ، الدينية ، والعشائرية ، لا رفضًا للآخر، بل صونًا للذات من التلاشي لقد أدرك الأردني أن هويته ليست قيدًا ، بل درع ، وأن القيم المتوارثة لا تعني الجمود ، بل تضمن الاستقرار المعنوي في عالم سائل.

2-الدين كمجال للمقدّس في عصر النسبية ع تفكك المرجعيات ، وتقديس الفرد و"ميوله" ، أصبح الدين في الأردن – كما في مجتمعات أخرى – ملاذًا للمعنى، وإطارًا يُعيد للوجود بُعده الروحي والخلقي.

الفكر المحافظ الأردني لم يجعل من الدين أداة للهيمنة، بل فضاءً للتماسك أمام انفلات المعايير، خاصة في ظل انتشار محتويات رقمية تُجرّد الإنسان من عمقه الروحي.

3-الاستقرار: قيمة لا تعني الجمود
عانى الأردن – كغيره من دول الإقليم – من آثار "الفوضى الخلاقة" التي اجتاحت الجوار.

فرأى الشعب، والنخب معًا، أن الاستقرار السياسي والاجتماعي ليس ترفًا، بل شرطًا للنهضة.

الفكر المحافظ الأردني نشأ من هذا الوعي؛ وعي بأن المجتمع الذي يتفكك تحت راية "التغيير" دون وعي، إنما يسير نحو المجهول.

4-الأسرة والمنظومة الأخلاقية في وجه الليبرالية المنفلتة
في ظل خطاب عالمي يُفرغ الإنسان من انتماءاته ويجعله "ذاتًا حرّة بلا مرجعية"، يجد الفكر المحافظ نفسه أمام مهمة الدفاع عن الأسرة بوصفها نواة المجتمع، وعن "الحرية المنضبطة" التي لا تتحوّل إلى فوضى.

لقد قدّم الأردنيون نموذجًا في رفض الانسلاخ الأخلاقي دون الوقوع في التطرف ، فكانت المحافظة لديهم موقفًا متوازنًا بين الانفتاح والضبط


5-الهوية الوطنية: عندما يصبح السؤال "من نحن؟" سياسيًا

في عصر تعولم فيه السوق، وتعددت فيه الولاءات، صار الحفاظ على الهوية الأردنية ضرورة وجودية ، والفكر المحافظ لم يكن مجرد حنين للقبيلة أو التاريخ ، بل تأكيد على أن الأمة بلا هوية ، تذوب في مشاريع الآخرين ، ولذلك ، فإن الفكر المحافظ في الأردن ليس مجرد "نخبوية فكرية" ، بل تيار وجد صداه في المجتمع ، لأنه عبّر عن الحاجة النفسية والثقافية للأردنيين في وقت يضطرب فيه العالم.

لماذا يستمر الفكر المحافظ في الانتشار
التحول العالمي الرؤية المحافظة الأردنية
العولمة الثقافية الدفاع عن الخصوصية الحضارية والقيم الاجتماعية
الثورة الرقمية والسوشال ميديا ضبط الانفلات الأخلاقي وتحصين الناشئة
الأزمات الاقتصادية العودة إلى الأسرة والدولة كـحاضنتين للأمان
الحروب والنزاعات التمسك بالاستقرار كخيار عقلاني أمام الانهيار

وفي المحافظة ليست عدوة التقدم ، بل حارسته
في النهاية، الفكر المحافظ في الأردن لا يُعادي الحداثة ، لكنه يشكّك في حداثة تقتل المعنى وتُفكّك المجتمع.

هو ليس ضد العلم أو الاقتصاد أو التطوير، بل ضد "التحوّل إلى أرقام بلا جذور، وحرّيات بلا مسؤولية".

لقد كان ولا يزال الفكر المحافظ موقفًا فلسفيًا يرى أن التقدم الحقيقي هو ذلك الذي يحترم التاريخ ، ويصون الإنسان، ويحمي الجماعة من الذوبان.
حمى الله الأردن من كل مكروه، وسدّد خطى أبنائه على دروب الحكمة والكرامة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :